نُودِّع نهاية عام دراسي بعد جهدٍ وتعب وعناء للطلاب والطالبات طوال العام، لتحصيل العلم وجمع المعلومات من بحور المعرفة، فأيام معدودات وتظهر نتائج الخريجين والخريجات لهذه السنة من جميع التخصصات، بعد انتظار سنوات طويلة من الدراسة، ويتمنى كل طالب وطالبة أن يقطف ثمار جهوده، ويحتفل بتفوّقه ونجاحه. وما يتطلع إليه كل منهم بعد موسم احتفالات التخرج أن يبدأ رحلة البحث عن العمل وهو متفائل بإيجاد ما يُناسبه ويُناسب تخصصه العلمي في ميادين العمل. وهنا تقع مسؤولية كبيرة على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتوفير وظائف لهؤلاء الخريجين، والمتوقع، أن تعمل وزارة العمل في الأيام المقبلة لإيجاد حلول لتوظيف هؤلاء الخريجين والخريجات حسب ما تتطلع إليه رؤية 2030، فمن مُلخَّص ما جاء على لسان سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «لدينا عقليات مُبهرة خاصَّة من جيل الشباب.. ونعمل لصناعة السعودية التي نريدها في المستقبل». فكيف لنا بعد هذا القول أن نغفل عن أهم نقطة لتحقيق هذا المطلب، وهو استغلال هذه العقول قبل أن تُصاب بالتبلُّد بسبب البطالة. وما حدث الأيام الماضية خيرُ شاهد على ما أطرحه اليوم من مشكلة، يجب وضع الحلول السريعة والجذرية لها، وهو ما قام به طبيب الأسنان السعودي بحرق شهادته الجامعية أمام وزارة الخدمة المدنية! البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج، ولا يجب علينا التقصير في حقهم في التوظيف، وإيجاد العمل المناسب لهم الذي يُحقِّق تطلعاتهم وآمالهم. كما أن وأد الطموح والتفاؤل لدى الشباب وتعطيل الطاقة الجسمانية عندهم؛ قد تصل بنا إلى ما لا يُحمد عُقباه. أطرح هذا الموضوع من واقع ما يُطرح أمامي -كمحامية- من قضايا، حيثُ نجد في كثيرٍ منها أن السبب الرئيس لارتكابها؛ إما أسباب مادية أو اجتماعية ونفسية، والأساس في الأسباب النفسية هو الفراغ، أما الأسباب الاجتماعية فتعود للوضع الاقتصادي لمُرتكب الجريمة. فالعاطلون في أي مجتمع يُعانون من مشكلات نفسية، كما أن البطالة لها آثار سلبية أيضًا على الصحة الجسدية والاجتماعية. ما نأمله اليوم في ظل الخطة السعودية الطموحة 2030 أن نجد الحلول لمعضلة توظيف الخريجين والخريجات وذلك بتوفير وظائف مناسبة لهم، والعمل على الاستفادة من قواهم المنتجة، وتحويلهم من عاطلين إلى منتجين، وتطوير قدراتهم والارتقاء بهم. فإذا استطاعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تحقيق هذا المطلب سوف تُحل مشكلات اجتماعية عديدة، قد تكون سببًا أساسيًا لمشكلات نفسية واجتماعية وأمنية. فما نجنيه من ثمار -عند توفير فرص العمل للشباب والشابات- كثيرة، منها: الاكتفاء المادي والاستقلال الاقتصادي، وحمايتهم من الفقر، الذي يُعد أخطر معضلة في حياة الفرد، وينتج عنه مشكلات لا تُعدُّ ولا تُحصى. كما أن حصولهم على العمل يُحسِّن من وضعهم النفسي والاجتماعي، ويفتح نافذة أمل أمامهم، وهذا هو مربط الفرس، فلا بد من وجود الأمل في المستقبل لدى الشباب لنُحقِّق التطور والتنمية لبلادنا في جميع المجالات.. ونصل بها لمصاف الدول المتقدمة، وهذه مسؤولية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وعليها توفير السبل لذلك حتى يتمكن الشباب من الإنتاج وتحقيق طموحاتهم.
مشاركة :