الإمارات تستعيد ذكريات عصر اللؤلؤ وتبعث تجارته من جديد

  • 5/22/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يستذكر رجال زمن اللؤلؤ مع بداية كل صيف تاريخاً تمجده الإمارات، ولا يزال تاريخ هؤلاء الرجال يفوح من جنبات مجالسهم فيروون في مثل هذا الوقت من كل عام ذكرى تجهيز المحمل سفينة الغوص لرحلة لا تخلو من المصاعب والأخطار ثم يستحضرون الدشة وبطولات الغوص ومواجهة دوار البحر وتقلباته والرياح التي يتعرضون لها وروايات سهر الليل أثناء فلق المحار وقصص العثور على اللآلئ وطرق بيع الدانات بأغلى الأسعار. وتحكي لنا دوماً مجالسهم عن حياة التعب في الإمارات قديماً والتي بنوها عريشاً على شاطئ البحر، وكيف كانوا ينطلقون منها مع بداية كل صيف يقطعون المسافات الطويلة ليجلبوا اللآلئ من هيرات بعيدة، وكيف كان أبناء المنطقة لا يكادون يجدون ما يسد رمقهم. المواطن علي بن مطر الشامسي من رجال الغوص تحدث عن أيام الغوص، وتذكر زمن الرجال السمر الأشداء الذين لا تمنعهم صولة البحر والحرمان فيه شهوراً طويلة إبحاراً وغوصاً عن تذكر أهلهم والنهام يتغنى بأشواقهم وحنينهم. يقول الشامسي: في مثل هذا الوقت من كل عام نستذكر أياماً مضت قبل نحو 70 عاماً أو أكثر،أيام الغوص على اللؤلؤ، أيام التعب والشقاء والعوز والمعاناة لكن الآن عندما نتحدث عنها نشعر أنها ذكرى جميلة في حياتنا لأن الله سبحانه وتعالى امتن علينا بالقائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه وبحكمته وكرمه الأصيل حوّل تعبنا وعوزنا إلى راحة وسعادة أنستنا أيام الغوص والتعب والكد ومن شدة راحتنا وسعادتنا نرى الآن تلك الأيام ذكرى جميلة. ويضيف: جل أهل الإمارات كانوا يعملون في مهنة الغوص أو تجارة اللؤلؤ حتى الحرب العالمية الثانية وهي مهنة امتهنها ذلك الجيل مصدراً للرزق خلال القرون الماضية إلا أنها انتهت تقريباً في منتصف القرن العشرين مع ظهور النفط في المنطقة وبدء تجارة اللؤلؤ الصناعي الياباني. ويؤكد أن الواقع الاقتصادي لسكان الساحل كان يعتمد على مهنة الغوص على اللؤلؤ والذي ظل يشكل عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه المنطقة لفترة طويلة من الزمن بما يتضمنه من نشاطات تتعلق بالغوص وأسواق البيع والتجارة والتمويل والسفن والغواصين لذا أثر تراجع مهنة الغوص على اللؤلؤ في الوضع الاقتصادي بعدما برزت ظاهرة جديدة متمثلة في محاولات المتاجرة باللؤلؤ الاصطناعي في ثلاثينات القرن العشرين. ويوضح الشامسي أن ازدهار استخراج اللؤلؤ في تلك الفترة أدى إلى تسارع وتيرة التحضر لكن تأثرت الإمارات كغيرها من دول المنطقة بالتطورات الإقليمية والعالمية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث شهدت فترة الخمسينات والستينات من القرن العشرين متغيرات كثيرة فأصبح صيد الأسماك الذي يوفر الطعام الضروري في بيئة قاحلة لا يفي بالغرض ولم يكن استخراج اللؤلؤ أفضل حالاً رغم أنه كان يوماً ما ركيزة الاقتصاد حتى إن العديد من سكان البادية اعتادوا على قضاء أربعة أشهر من الصيف في الغوص لاستخراجه وبعد انتهاء الموسم يعودون لنمط حياتهم البدوية. واعتادت الإمارات بفضل القيادة الرشيدة تحقيق الأحلام والآمال وجعلها واقعاً يؤازرها شعب الإمارات وأصبح الطموح بلا حدود وطال التطور والحداثة كل شيء، فلم تكن مياه البحر الزرقاء استثناء من ذلك فبدأ المواطن عبد الله راشد السويدي مطور وباحث في ثقافة اللؤلؤ عام 2004 في إنتاج اللؤلؤ المستزرع للمرة الأولى على مستوى المنطقة وبدأ بريق اللؤلؤ يضيء مياه الإمارات بعد توقف دام لأكثر من ثمانين عاماً لأقدم مهنة اشتهرت بها منطقة الخليج. ويقول السويدي: بعد أن أصبح الغوص على اللؤلؤ أثراً بعد عين في الإمارات وخوفاً من تلاشي القيمة التاريخية للؤلؤ وذكرياته الجميلة ولأن مواصفات مياه الخليج تحسن الإنتاج، كل ذلك كان كافياً لتحريك الفكرة في ذهني وتطويرها ومن ثم إنشاء أول وأكبر مزرعة لإنتاج اللؤلؤ في مياه الخليج العربي. وحول الفرق بين اللؤلؤ الطبيعي والمستزرع والصناعي من خلال تجربته، يضيف: في الماضي كان الغاصة عندما يفلقون 100 محارة يحصلون تقريباً على لؤلؤة واحدة ومن الألف يحصلون على 10 لآلئ ولكن من تجربتنا إذا استزرعنا ألف محارة فإن نسبة النجاح لا تقل عن 60 بالمائة ولا تتجاوز 85 بالمائة. ولأن الإمارات تختصر الوقت وتسابق الزمن نجحت دبي في إحياء تجارة اللؤلؤ عندما أطلق مركز دبي للسلع المتعددة بداية عام 2007 بورصة دبي للؤلؤ كمنصة حصرية لتداول اللؤلؤ وذلك في إطار جهوده الرامية إلى توسيع قطاع السلع الثمينة لديه وإحياء المكانة التاريخية للإمارات كوجهة رائدة في مجال تجارة وغوص اللؤلؤ. وفي السياق نفسه تحاول إمارة دبي معتمدة على دورها كمركز عالمي للمال والأعمال إحياء تجارة اللؤلؤ الذي اندثر صيده في منطقة الخليج منذ خمسينات القرن الماضي نتيجة تغير مسار الاتجار به وظهور مزارع صناعية في اليابان وانتشارها في أنحاء العالم. وتسعى دبي إلى تنشيط هذه التجارة التي يبلغ حجمها حول العالم 146 بليون دولار يعتمد معظمها على اللؤلؤ الاصطناعي ويتداول ما تبقى من اللؤلؤ الطبيعي من خلال مزادات عالمية وبأسعار مرتفعة جداً. وأطلقت دبي مشروع لآلئ دبي الذي بات بمثابة مجمع متكامل يضم مزرعة وأكاديمية تعليمية وسوقاً لبيع اللؤلؤ.(وام)

مشاركة :