من قيم التجارة في عصر اللؤلؤ

  • 4/3/2017
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

أهدتني الأخت الفاضلة الأستاذة هناء الخالد كتاب «وثائق من عصر اللؤلؤ»، وفيه معلومات نفيسة احتفظت بها أسرة الخالد الكريمة. تضمن الإصدار مراسلات التجار إلى جانب وثائق وصور وتعليقات ذات معان عديدة. الكتاب من إصدارات مركز البحوث والدراسات الكويتية (2017)، ويحتوي على مجموعة من الرسائل الشخصية والمعلومات الاقتصادية والاجتماعية. والكتاب من إعداد الباحث الكبير أ.د. عبدالله يوسف الغنيم الحاصل على جائزة الملك فيصل، فرع الدراسات الإسلامية لعام 2016، وحاصل على جائزة التميز الخليجي لعام 2016. من الأمور التي توقفت عندها بإعجاب وشدتني إلى تصفح الكتاب أن الرسائل المتبادلة بين تجار اللؤلؤ تعكس جانباً رفيعاً من الأخوة التي جمعت أولئك النبلاء، ومما ورد في مقدمة الكتاب «في متابعتنا للوثائق والرسائل المتبادلة بين تجار اللؤلؤ من أبناء الكويت لا نشعر أننا أمام تجار متنافسين، كل منهم يقدم مصلحته على الآخر، بل إنهم يعملون كما لو كانوا مؤسسة واحدة، بعضهم يقدمون النصيحة لبعض، ويفتح كل منهم للآخر باب المشاركة بصدق وأريحية، وهو سلوك درج عليه معظم تجار الكويت الكبار في فترة ما قبل النفط، ذلك الأمر الذي رفع من شأن الكويت، ومن مكانتها التجارية ووضعها الاقتصادي بين دول المنطقة». هذه المبادئ الرفيعة مهمة لجميع الأجيال أمام رهانات المادة، وفتنة التعامل مع المال، وامتحان مكابدة الأسفار الصعبة. إن الصفقات التجارية الناجحة هي ثمرة إخلاص في العمل، والأرزاق تسع الجميع. الوثائق التاريخية تزيح الستار عن عوالم نجهلها وتخبرنا عن كفاح الآباء، ورغم العوز والضيق والشدة فإنهم آمنوا بقيم التعاون، فلم تمزق فتنة المال شملهم، بل وحدت في العموم صفوفهم وقلوبهم. واستنادا لتلك الوثائق نكتشف أن شظف العيش دفعهم إلى خوض غمار البحار بحثا عن الرزق الكريم لا لأنفسهم فحسب، بل لمن يشاركونهم الوطن بكل رحابة صدر، وسعة فكر. ورغم كل ذلك كانت هناك تحديات حقيقية هائلة واجهت المجتمع (الحكام والتجار والعمال) من حين لآخر في سواحل الخليج العربي واستجابة لذلك تم تطوير قوانين الغوص لتحفظ حق الغواصين والسيوب وأهلهم من تعسف أرباب العمل، ومن أهم المكاسب التي تحققت لهم لاحقا هو سقوط الدين بوفاة صاحبه. وأشار الكتاب إلى نهايات فترة الغوص في الخليج العربي، حيث شهدت المنطقة اقتراحات جديدة كإدخال الأجهزة الميكانيكية في عملية الغوص، ولكنهم كانوا غير مستعدين للنظر في هذه الاقتراحات، ومنها إمكانية انتاج اللؤلؤ الصناعي في البحرين… وظل موضوع الغوص دون حل إلى أن انتهت المشكلة بظهور النفط، وانتشار اللؤلؤ الصناعي. هذا ويتضمن الكتاب إشارات سريعة للكتب الرائجة حينها من مثل الكتب المتعلقة بحساب أوزان اللؤلؤ، وفي نهاية المطاف خصص المؤلف سبع صفحات للمصطلحات والألفاظ الدارجة بين دفتي الكتاب. أ.د. لطيفة حسين الكندري

مشاركة :