محمد رُضا وُلددانيال داي لويس، في لندن عام 1957، وهو ابن سيسيل داي لويس وجيل بالكون، ابنة مايكل بالكون، الذي ترأس إدارة استديوهات إيلنغ الشهيرة التي سادت إنتاجاتها فترة الخمسينات والستينات. درس التمثيل في بريستول أولد فيكتوريان سكول، وشقيقته تاماسين مخرجة تسجيلية. لعب داي لويس، في السينما أول مرّة في فيلم لجون شلسنجر عنوانه أحد لعين في عام 1971، ثم عمد إلى بضعة مسلسلات وأفلام تلفزيونية قبل أن يشترك كواحد من ممثلي فيلم ذي باونتي من بطولة أنطوني هوبكنز في 1984 وهو العام الذي واصل فيه التمثيل للسينما فظهر بعد ذلك في مغسلتي الجميلة (1985) وغرفة مع منظر (1985) وهما من بين كلاسيكيات السينما البريطانية اليوم. فيلمه الأمريكي الأول جاء سنة 1988، وهو الوجود الخفيف غير المحتمل لفيليب كوفمن وبعده في نجوم وخطوط، وفي قدمي اليسرى لعب شخصية الرسّام المصاب بالشلل الدماغي الذي نتج عنه عدم القدرة على الوقوف والسير وتشغيل اليدين ما دفعه لإتقان الرسم مستخدما أصابع قدمه. منذ عام 1971 ظهر في 20 فيلماً فقط، فهو يبحث عن القيمة قبل الأدوار، إذ نال 3 جوائز أوسكار حتى الآن عن قدمي اليسرى (1989) وسيكون هناك دم (2007) ولينكولن (2013). } فزت بثلاث جوائز أوسكار من 5 ترشيحات، في مقابل ترشّح جاك نيكولسون 12 مرة وميريل ستريب 18 مرة ليفوزا بنفس العدد. كيف تشعر حيال ذلك؟ كل مرّة كنت أصعد فيها المنصة لكي أستلم الأوسكار، كنت أفكر بمن لم يفز من زملائي. قدر كبير من السعادة أن تفوز بالأوسكار ولو مرة، بل أن تجد نفسك بين المرشحين فزت أو لم تفز، لكن أن تفوز 3 مرات فهذا يجعلني أشعر بالفخر وليس الكبرياء. } أي من الأدوار التي فزت عنها تعتبره الأهم بالنسبة إليك؟ الفيلم الأول لي في الأوسكار كان قدمي اليسرى وهو دور صعب، لكني أحب جداً دور سيكون هناك دم، وما أحبه فيه هو الصمت الذي يعالج فيه المخرج بول توماس أندرسون المشاهد، فإذا بها تحكي أكثر من لو استخدم الحوار. لينكولن أيضاً قريب مني لكنه مختلف، فهو تنفيذ لشخصية حقيقية، وأشعر أن تمثيلي للدور كان محدداً بشروط. } لكن من المؤكد أن لينكولن، كشخصية، عنى لك أشياء محددة جذبتك إليه، خصوصاً أنك معروف باختياراتك الفائقة لأدوارك. ما تلك الأشياء؟ لا أستطيع الجواب، فالإجابة صعبة. أصارحك بأن الدور جاذب من ناحية أخرى لا أعتقد أن أحداً يضعها في الاعتبار: هذا الدور جاءني وأنا في سن متقدّمة. سن لا يستلم صاحبها الكثير من العروض النوعية. هذا جعلني أدرك أنها فرصتي لدور آخر أمارسه على نحوي الخاص. } لكنك ذكرت أنها شخصية محددة بشروط، وأعتقد أنك قصدت بذلك أنها شخصية حقيقية تفرض على الممثل الالتزام بها. هذا صحيح، فهذا ما قصدته. لكن الشخصية راحلة، ولدى صانع الفيلم ستيفن سبيلبرغ حرية الخروج حيث يريد بالتفاصيل. وهناك قدر كبير من الخيال في ذات الوقت لكنه خيال محدود بالشخصية. لا تستطيع الخروج عنها إلا بقدر ضئيل وهذا القدر هو الذي دعاني لقبول المهمة. } هل ترددت في قبول الدور؟ نعم في البداية، لأني كنت أعي المسؤوليات المتراكمة على مثل هذا الاختيار. أنا بريطاني ألعب شخصية رئيس أمريكي وعليّ أن أتقن ما أقوم به وليست هناك ضمانات فورية، فهذه مسؤولية. سؤالي لنفسي كان: هل أستطيع خدمة هذه الشخصية والمخرج الذي يتحمّل مسؤولية اختياري؟ } لكن كيف حدث أن لينكولن لا يزال فيلمك الأخير إلى الآن؟ لا نراك على الشاشة مطلقاً. يرجع ذلك إلى أنني متمسك بتمثيل ما أراه مناسباً لطموحاتي وملائماً لما أعتقد أن الممثل عليه أن يلتزم به. أقصد أن أقول إنني أريد الدور الجيد في الفيلم الذي أدرك أنه سيكون جيداً، فأنا أستلم عروضاً كثيرة، على الأقل مباشرة من بعد لينكولن وسيكون هناك دم استلمت عدة عروض. إنها الفترة التي يعاد فيها اكتشافك. لكني لو قبلت ما يعرض علي لخسرت ما التزمت به. } من أبطالك في الحياة؟ كثير. في كل نوع من الفن هناك عدة أفراد من موسيقيين ورسامين ومسرحيين. أحب تشايكوفسكي وأعتقد أن وليام شكسبير يستحق الاهتمام الذي ما زال يتلقاه بعد 400 سنة على وفاته. في السياسة هناك على سبيل المثال هوراتيو نلسون. } كان قائداً عسكرياً في القرن ال 18؟ نعم، كان أدميرالاً بحرياً. أعجبتني شخصيّته وأنا طفل لأني ولدت قريباً من المتحف البحري وتعرّفت إليه هناك. كان خسر عيناً وذراعاً في حروبه ثم قتل في معركة ترافلغار. أستطيع أن أرى نفسي وأنا صغير مجمّداً أمام صورته وهو مصاب بذراعه ولا يزال يقاتل بشراسة. أيضاً بطلي الآخر وأنا صغير كان يوري غاغارين. } هل تحب الأفلام التاريخية إذاً؟ كثيراً. وللأسف ليس هناك الكثير من هذه الأفلام هذه الأيام. يصنعون أفلاماً خيالية عن التاريخ ودائماً في استديوهات الدجيتال بحيث لا يمكن أن تعتبر أن ما يحدث يعكس أي قدر من الحقيقة. أشتاق إلى أفلام تاريخية فعلية مثل ووترلو والحرب والسلام وإلى مشاهدة شخصيات قوية مثل نابليون بونابرت. } هل تحمل قضايا سياسية أو اجتماعية ترى أنك موكل بالتعبير عنها؟ على نطاق شخصي لا أخاف أن أقول رأيي. إذا ما وجدت أن هناك وضعاً سيئاً أو وضعاً يحتاج للنقد. الحقيقة أننا في عالم متضارب وأكثر تعقيداً من الماضي، لكني أحتفظ لنفسي بحق إبداء الرأي من عدمه وبحقي في اختيار الوقت المناسب. بالنسبة للينكولن كان شخصية ذات رسالة بالفعل وسيبقى دائماً واحداً من الرجال الذين سأعتبرهم نماذج تاريخية رائعة. } كل من ذكرتهم، باستثناء الفنانين والكتاب، هم رجال سلطة. هل تجذبك السلطة؟ كلا. لا تجذبني ولا أشغل نفسي بالتفكير على هذا المنوال. أعتقد أننا بحاجة في هذه الحياة إلى القانون وإلى النظام والتآخي الإنساني أكثر. أعتقد أن السُلطة هي من بنات الخيال الشخصي. هناك أناس عاديون يحبون التمتع بالقوة التي يستطيعون فرض الأمور بالطريقة التي يرونها ملائمة لهم. وأنا أعارض ذلك على طول الخط. } ذكرت أن العروض تتكاثر بعد حصولك على الأوسكار لكنك تمتنع. ألا تخشى أن يصرف المنتجون النظر عنك؟ لا يخطر ذلك ببالي مطلقاً، ولا أكترث. } بعض الممثلين يحصلون على أوسكارات فإذا بمشوارهم يتأثر سلباً. هذا لم يحدث معك من حسن الحظ. حين نلت الأوسكار الأول شعرت بأنني في بداية طريق جديد. طبعاً ليس هناك من ممثل جاد يؤدي دوراً وعينه على جائزة. لكن هل تعلم شيئاً؟ استلمت العديد من العروض التي رفضتها. أعتقد أن صانعي الأفلام يدركون ماذا يريدونه من الممثل المعيّن وماذا وكيف يستطيع الممثل إفادتهم. مثلاً أنا لا أرى نفسي صالحاً لفيلم موسيقي أو كوميدي، على الأقل هذا ما أعتقد، وهذا يعني أنني لن أوافق على فيلم من هذا النوع وهذا ما يصبح شائعاً. المخرج يعرف ممثله ويطلبه لما هو عليه وليس لما يريده أن يكون. } هل يختلف تعاملك مع مهنة التمثيل اليوم عما كان عليه بالأمس؟ لا. ربما كان على هذا التعامل أن يتغيّر بعض الشيء عبر السنين. لكني لا أعرف أي طريق آخر لمعاملة مهنتي. أحب التمثيل وأحب هذا العمل على النحو الذي أمارسه ولا أرى نفسي منشغلاً بالبحث عن وسيلة أخرى. ما أبحث فيه هو تطوير ذاتي. من واجباتي أن أجسّد الشخصية التي أريدها على نحو صحيح. هل أنا الآن ممثل أفضل مما كنت عليه قبل 20 سنة؟ لا أدري. } إذاً ماذا يجعل الممثل رائعاً؟ هل هو صدقه؟ لا الصدق ليس المفتاح. إنه يمثل دوراً خيالياً في الأساس، فكيف تفسر الصدق؟ أعتقد أن الممثل هو نتيجة تراكمات من التجارب والظروف الخاصّة به. كل ممثل يكون جاداً في اختياراته حتى ولو بدت إلى البعض خاطئة أو سهلة. بالنسبة لي كما قلت لا أستطيع إلا أن أكون من أنا. } تهتم كثيراً بالمظهر الخاص بالشخصية وسلوكياتها، كما الحال في باسم الأب وآخر الموهينكنز وسيكون هناك دم ولينكولن طبعاً. كيف تدرس ذلك؟ يبدأ كل شيء بالماكياج، لكن الانحناءة هي طبيعية من عندي. ربما لا تعرف أننا خلال التحضير لفيلم لينكولن جرّبنا الماكياج قبل سنة كاملة من التصوير. ثم ومع قراءتي للينكولن وتصفّحي للصور أدخلنا تعديلات خلال تلك السنة حتى تتطابق الصورة على نحو صحيح. لكن الحقيقة أنني كنت أعتقد أنني لن أحتاج إلى ماكياج. اعتبرت أنني أستطيع بقليل من توضيب اللحية وتسريح الشعر أستطيع أن أكون لينكولن، لكني اكتشفت أنني كنت مخطئاً. } هل الانتقال بين الأفلام البريطانية والأمريكية صعب؟ من المفترض أن يكون الجواب لا. فالفيلم حالة عمل تنتمي إلى ظروف معيّنة وهي كثيرة من بينها مصدر التمويل لكنه ليس كل شيء. من جانب ثقافي يمكن لفيلم مثل آخر الموهيكانز أو قدمي اليسرى أو حتى لينكولن أن يكون فيلماً من إنتاج ثقافة مختلفة أو تاريخ أو بلد مختلف. هذا بالطبع إذا ما تم التعاقد مع العناصر الخبيرة التي تنتمي إلى ذلك التاريخ.
مشاركة :