العلاقات عبر الـ «أون لاين» تمهيد افتراضي للحميم فعليّاً

  • 1/19/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا لو كانت ألعاب الفيديو عبر الإنترنت كالـ «إم إم أو آر بي جي» هي شكلاً معاصراً لوجود المرء مع آخرين يتفاعلون معه ويكوّنون آراء بصدد أشياء مشتركة، ويقوّم أحدهم الآخر ما يرسم ملامح لقيم ومعطيات وشرعيات مشتركة أو متقاطعة؟ انطلاقاً من تحقيق مسحيّ واسع، لاحظ عالما النفس زاهير حسين ومارك غريفيث، أن ممارسي ألعاب الفيديو عبر الإنترنت لا يعانون تدهوراً في علاقاتهم الاجتماعيّة في العالم الفعلي. وفي دراسة مشتركة بعنوان «التبادل بين الجنسين والتواصل الاجتماعي في الفضاء الافتراضي: دارسة استكشافيّة» Gender Swapping Socializing in Cyberspace: An exploratory Study، خلص العالِمان الى القول إن ممارسي ألعاب الفيديو عبر الإنترنت ربما كانوا أكثر تفاعلاً من غيرهم مع العالم الفعلي، بمعنى أن تكون الألعاب من نوع «إم إم أو آر بي جي» بُعْداً إضافيّاً في حياتهم الاجتماعيّة. ويرى الكاتبان في دراســتهما أيضاً أن العلاقات الافتراضية عبر ألعاب الفيديو تشكّل تمهيداً للعلاقات الاجتماعية والإنســانيّة المباشرة الفعليّة. ويميل حسين وغريفيث الى اعتبار الألعاب عبر الـ «نِتْ» عنصراً مساهِماً تسهل التفاعل الاجتماعي الفعلي، فكأنها «مناورة» تفتح الطريق أمام انخراط واسع للفرد في مجتمعه المُعاش.   تدريب على روح الفريق ثمة دراسات اخرى تؤكّد أن ألعاب «إم إم أو آر بي جي» تشجّع التفاعل عبر المجموعات، وتنمّي روح الفريق عند الأفراد، وترفع من مرونة الشخص في علاقاته الشخصيّة التي يفترض أن تفضي به إلى اتّخاذ أصدقاء فعليين وشركاء حميمين. ثمة دراسة مسحيّة واسعة وذائعة الصيت أجراها مارك غريفيث وهيلينا كول في بريطانيا، شارك فيها ما يزيد على 9 آلاف من المنخرطين في ألعاب الفيديو عبر الـ «نِتْ» من نوع «إم إم أو آر بي جي»، وهؤلاء تراوحت أعمارهم بين 11 سنة و63 سنة، وأجابوا عن أسئلة الباحثَيْن عبر الإنترنت. وبيّنت هذه الدراسة التي حملت عنوان «التفاعل الاجتماعي في ألعاب الـ «إم إم أو آر بي جي» Social Interaction in Massively Multiplayer Online Role- Playing Gamers أن 75 في المئة من اللاعبين أكّدوا أنهم كوّنوا علاقات وطيدة وحميمة عبر تلك الألعاب، بل وصل متوسّط هذه العلاقات إلى 7 علاقات لكل لاعب. وأفاد 80 في المئة من المشاركين في العينة بأنهم يتمتّعون بممارسة ألعاب الـ «إم إم أو آر بي جي» مع العائلة، كما أنهم يتشاركون بلعبها مع أصدقائهم الفعليين. إذن، هل هناك وجه آخر، لكنه مشرق هذه المرّة، لممارسة ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، بمعنى أنها تشكّل عنصر تعزيز لتكامل الفرد مع مجتمعه وانخراطه فيه؟ بالعودة إلى دراسة غريفيث وكول عن التفاعل الاجتماعي في ألعاب الـ «إم إم أو آر بي جي»، يتبيّن أن ما يزيد على 45 في المئة من ممارسيها يلاقون ضمن سياقات اجتماعيّة متنوّعة (كالندوات والمؤتمرات واللـــقاءات العامة وورش العمل وغيرها)، أشخاصاً ســبق أن تعرّفوا إليهم عبر الألعاب الإلكترونيّة الجماعيّة. ويستنتج غريفيث وكول أن ألعاب الـ «إم إم أو آر بي جي» تمثّل عنصراً إيجابيّاً قويّاً في التفاعـــلات الاجـــتماعيّة. واستناداً إلى هذه المعطيات التجـــريبية، يخلص الباحثان إلى دحض وجهات النظر بأن العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت لا تتصل إلا بطريقة واهيّة، مع التبادلات الاجتماعيّة الفعليّة. إذن، هل من المستطاع الاستنتاج بأن ألعاب الـ «إم إم أو آر بي جي» تستحضر أو تُظهّر القدرات الاجتماعيّة التي يمتلكها الفرد فعليّاً، بمعنى أنها تشكّل مساحة تظهر فيها ما يمتلكه المرء من قدرة على التفاعل مع الآخر؟ استطراداً، من الممكن الاستنتاج أيضاً بأن أولئك الذين يعانون صعوبة في التفاعل مع الآخرين ونسج علاقات دافئة معهم، يقعون في هذه المشكلة ذاتها عند ممارستهم ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، بل أنها ربما ظهرت بصورة مُكبّرة. وفي المــقابل، يبدو أن من لا يصعب عليهم الوصول إلى الآخر والتفاعل معه (ويفترض أن يكون هؤلاء هم الغالبية لأن التواصل الاجتماعي هو وضع طبيعي وبديهي)، يكرّرون هذا الأمر في سياق ممارستهم ألعاب «إم إم أو آر بي جي» ما يجعل هذه الأخيرة فضاءً مفتوحاً لاستكشاف أشكال اخرى من التفاعل والتواصل.

مشاركة :