أنديتنا الأدبية واغتيال اللائحة الجديدة | لمياء باعشن

  • 5/25/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لدينا حكاية شعبيَّة مُعبِّرة في سياق هذا المقال، تحكي عن رجل لم يكن راضيًا بحجم رأسه، فرفع يديه إلى السماء طالبًا: «يا رب، كبِّر رأسي»، فإذا برأسه قد كبُر، لكن بدرجة لم ترضِه، فأعاد الدعاء: «يا رب، صغِّر رأسي»، فاستجيب دعاؤه، لكن الحجم كان أصغر ممَّا أراد! فعاد إلى الدعاء: «يا رب أعدْهُ كما كان»، فعاد إلى ما كان عليه. هذا هو ديدن وزارة الثقافة مع لوائح أنديتنا الأدبيَّة، فكلَّما ارتفعت أصوات الأدباء متبرِّمة من اللائحة التي تعتمدها، ومن تأزُّم الأوضاع داخل الأندية بعد تطبيقها، تهرع الوزارة إلى تشكيل لجنة تُراجع، وتُدقِّق، وتخرج بلائحة مُرضية جدًّا، ثم تستلمها الوزارة، وبدلاً من أن ترتضيها لهم، تبدأ بتدويرها بين أفراد وجماعات؛ ليتمَّ تصغيرها، ثم بين أفراد آخرين ليتمَّ تكبيرها، ثم بين أفراد غيرهم لترجع إلى ما كانت عليه في اللائحة السابقة، حينها تعتمدها الوزارة. أستطيع أن أعيد نشر مقال كتبته عام 2011 عنوانه: «سألنا مَن وضع اللائحة»، http://www.al-jazirah.com/culture/2011/08122011/fadaat19.htm لنكتشف أننا وبعد خمس سنوات من الرصد، والمتابعة، وتشكيل اللجان ما زلنا في مكانك سرْ. في ذلك المقال شرحتُ ما جرى للوائح سابقة موثَّقة مسيرتها بأسماء أعضاء اللجان الذين وضعوها، وهي كلّها أسماء مؤسسة وفاعلة، ولها قيمتها في الساحة الأدبيَّة. في كلِّ مرَّة تُسلِّم اللجنة المُكلفة لائحتها للوزارة تبدأ مراحل التشويه، والاستئصال، والحشو، والهدم للاتساق والتوازن، والإطاحة بالاعتبارات التي تقف خلف كل بند. وكما جرى على سابقاتها، فقد تمَّ التدخل في الشكل النهائي للائحة الجديدة؛ لخلخلة بنودها، وتبديد جهود أعضاء اللجنة الذين بذلوها على مدى سنة ونصف من الاجتماعات المكثَّفة، والعمل المضني، والوقت الثمين، ومصاريف السفر والإقامة، والنتيجة: ضياع كلّ ذلك بلا أيِّ مقابل. مَن يصدِّق أنَّني بعد كتابة ذلك المقال في 2011 قد وافقت على أن أكون عضوًا بتلك اللجنة الأخيرة؟ كيف لم أتَّعظ من التجارب السابقة التي رصدتها في مقالي؟ كيف تسلَّل التفاؤل إلى قلبي أن ذلك اليوم سيكون أكثر إشراقًا وجدِّية من سابقه؟ نعود اليوم إلى المربع رقم واحد، انتخابات بائسة تقوم على الحشد، والتكتلات، والتوافقات بين مجموعات تدَّعي بأنَّها «مثقَّفة» في ظل لائحة لا تشترط الثقافة في أيٍّ من بنودها، بل لائحة أقرَّت أن هذه الأندية أدبيَّة فقط، ونشاطاتها تدور في فلك الأدب فقط. في ظل اللائحة المبتورة، أقبل من لا شأن له بالأدب، ولا بالأندية ليشدَّ من أزر المرشَّحين من أقربائه، أو أصدقائه، أو أساتذته، فهكذا أقبلوا في السابق بالمئات، ثم اختفوا بعد انتهاء مهمَّة التصويت. اليوم، وقد استأصلت الوزارة المادة المُنظِّمة للانتخابات من اللائحة، تعود مجالس الإدارة السابقة لتتحكَّم في عمليات تنظيم طلب العضويات، والترشيح، فتقبل، وتُعبِّئ، وتستثني مَن لا تنطبق عليه شروط العضويَّة، في قوائم يتصدَّرها أعضاء المجالس أنفسهم كمرشحين للمرة الثانية، ليعود الكتَّان كما كان. في تغريدة له علَّق الكاتب محمد زايد الألمعي على الفزعات في انتخابات الأندية القادمة قائلاً: «هذه يجب أن يُحاكم فيها مَن وضع اللائحة ...». وأنا كعضو في اللجنة ذات الجهد الضائع، أبرِّئ نفسي ها هنا من تُهمة وضع هذه اللائحة التي تُسمَّى (جديدة)، وهي التي قضت على كل جديد طرأ على اللائحة القديمة. كبَّرت الوزارة اللائحة الجديدة المعدَّلة، ثم صغَّرتها، ثم أعادتها لما كانت عليه القديمة، بعد أن وأدت كلَّ اختلاف يُنقذ الوضع القائم، ويُصلح اعوجاجه.

مشاركة :