عضوية الأندية الأدبية وتهافت المثقفين | لمياء باعشن

  • 8/10/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ابتُـليتْ الأندية الأدبية بمطالبات جميع الفئات المجتمعية بأحقيتهم في الحصول على عضويتها بداعي الثقافة، والثقافة في مفهومها ألما بعد-حداثي- شاملة جامعة لا يحدّها حدود، لذلك فكل من رأى نفسه مثقفاً، طبقاً للتقييم الذاتي المحض، رفع صوته معترضاً على تحديد لائحة الأندية الفئة التي يحق لها الحصول على العضوية، وهي الأدباء. وإن كان شرط نيل شهادة البكالوريوس في الأدب واللغة العربية لا يعني بالضرورة أن الخريج له علاقة مباشرة بالأدب، إلا أنه ذو علاقة غير مباشرة، وهو أفضل ممن لا علاقة له بالأدب لا من قريب ولا من بعيد. لكن بعض المثقفين يحتدّون في طلب الاستثناء من شروط العضوية ويرددون: صحيح أن الأدب ليس تخصصنا، وصحيح أنه ليس لدينا منتج أدبي، وصحيح أننا لا نعرف شيئاً عن فن كتابة الأدب أو تلقيه، لكن لماذا نـُحْرم من الانضمام للأندية؟ وهم طبعاً لا يفصحون عن أهم نقص أو تناقض مع شرط الانضمام للأندية وهو أنهم لا يهتمون للأدب من أصله، وإنما هم مثقفون، والثقافة «فن بتاع كله»، ومن يُجيده يصبح من حقه أن يقتحم كل المجالات لأن أدواته فوق الكل والجميع. ما هو دليلي على أن هؤلاء المثقفين المتهافتين على عضوية الأندية الأدبية لا يهتمون بالأدب؟ الدليل الفاضح هو أنهم لا يسعون كل هذا السعي الحثيث من أجل دخول النادي وحضور أنشطته أو التفاعل مع فعالياته الأدبية، فالنادي أبوابه مفتوحة للجميع ودخوله لا يشترط العضوية، بل إن كل دعواته للحضور هي دعوات عامة، تميل في كثير من الأحيان إلى أن تكون دعوات استجدائية. لكنك حين تذهب إلى النادي لا تجد أحداً من هؤلاء الذين يعترضون على حرمانهم من الحصول على العضويات. أين أنتم؟ أين تعلقكم بالأدب؟ أين عطاءاتكم ومساهماتكم؟... لا شيء من ذلك، فقط نريد العضوية، بل ونتهافت عليها. النادي يعاني من قلة الحضور، والمجتمع يلومه على عدم التفاعل ويتهمه بضعف التأثير. لماذا؟ لأن المثقفين لا يكلفون أنفسهم مشقة المتابعة والمثابرة، هم مقاطعون تماماً لجميع الأنشطة على مدار العامين، حتى إذا اقترب موعد الانتخابات جاءوا زرافات ووحدانًا، وكل منهم يطالب بأحقيته في الحصول على العضوية في النادي الأدبي المهجور. حين يقول لك المثقف إنه يعترض على حرمانه من الحصول على عضوية النادي فتأكد أنه لا يعاني من مرارة الحرمان من حضور الفعاليات أو المشاركة في عشق الأدب وفنونه، بل يريد انتزاع حق العضوية ليدخل لعبة الانتخابات. لا يتصارع في حلبة الانتخابات ولا يصبو إلى كسر لوائح العضوية إلا من يريد أن يكون عضواً في النادي ليتمكن من أمرين لا ثالث لهما: أولهما أن يصل إلى مجلس إدارة النادي، وإن كان «رضي والدين وأمه داعية له»، سيتحقق حلمه بأن يصبح رئيساً للنادي. وثانيهما أن يحتشد ويتكتل خلف من أحرجه وطلب منه صوته في الانتخابات، فيقوم بمهمة الدفع ثم يختفي لمدة عامين، ليعود «مصوّتاً» حسب الطلب. وقد تكون متأملاً لهذا الوضع وتتساءل بعمق: لماذا يتكالب المثقفون بهذا الشكل على عضوية الأندية الأدبية قسراً وتحايلاً، في حين أنهم لا يُقرئون (جمعية الثقافة والفنون) السلام؟ (جمعية الثقافة) هي عقر دار المثقفين، وهي بحاجة ماسة إلى تكاتفهم حولها وإلى تحويلها إلى خلية نحل تضج بالحياة، لكن طموحاتهم ومطالباتهم لا تلقي لها بالاً وتركز بشكل عجيب على الأندية الأدبية لتدخل إليها وتحوّلها إلى أندية ثقافية لتتماشى مع ميولهم وتخرج عن مسارها الذي نشأت من أجله.

مشاركة :