رغم تراجعه إبان الملكيات الهاشمية والبهلوية المتدثرة بالحكم البريطاني، وتحت عمامة الهدنة المذهبية الراهنة، إلا أن ما بين العراق وإيران يبقى أطول حقد دولي تاريخي موثق يعود إلى آلاف السنين. وفي ظل ظروف سيادية غير متكافئة، وتحت إدارة حكومات طارئة مؤقتة تحتمي بالمنطقة الخضراء لتمارس سوء الإدارة والفساد، استغلت طهران الفرصة لتمارس تغيير جغرافية شط العرب المحتل ليتساوى مع ما تقوم به في الجزر الإمارتية المحتلة. فقد أعلن قائد قوات حرس الحدود الإيراني العميد قاسم رضائي في أبريل 2016 أن مناورات ستنفذ قريباً في نهر شط العرب «أروند «، ومصبه شمال الخليج، وسيتم تسيير دوريات بحرية إيرانية وكأن ملكية إيران منفردة للشط، حيث تجاوز رضائي حقيقة ان اتفاق الجزائر الموقع بين العراق وايران عام 1975 والخاص بترسيم الحدود النهرية في شط العرب، كان سبب حرب الثماني سنوات قبل أن يتراجع نظام صدام ويعلن التزامه به بعيد غزو الكويت 1990، وسيكون سبباً في حروب قادمة هي جزء من قدر هذا المصب المائي. ولعل من بذور تلك الحرب المقبلة تسميتنا له بشط العرب على غرار تسمية الخليج بالعربي، كما أن من مفجرات الصراع ما تقوم به طهران من تغيير لجغرافيا نهر شط العرب المحتل كتحويل مسارات أنهر إقليم الأحواز بعيداً عن شط العرب. فقد أغلقت نهر الكارون وتم تحويل مجراه إلى نهر بهمن شير، فتحول شط العرب إلى مكب للقاذورات والمواد السامة، وارتفعت نسبة الملوحة لشح المياه وتلوثها. لقد انتقلت سيطرة إيران على شط العرب ومصبه من كونها فرضية لتصبح واقعاً، ولو تلبسنا البراغماتية والمصلحة السياسية لقلنا إن ذلك شأن عراقي، وفي مدينة الرشيد من العروبيين من سيأخذون حقهم طال الزمن أو قصر. * بالعجمي الفصيح: إن من أسهل الأمور التي يمكن الوقوع فيها عند القراءة السطحية لتصريح قائد قوات حرس الحدود الإيراني العميد قاسم رضائي هو تجاوز فهم المخطط الغيراني بالسيطرة على شمال الخليج العربي، في عمل مواز للتوسع بجنوب الخليج بجزر طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى. فتطوير تواجدهم بشمال الخليج وجنوبه يعني دق أوتاد استراتيجية لا ينقصها إلا عمود الوسط في خيمة الهيمنة، وهو أمر أشد خطورة من المشروع النووي. * المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج د.ظافر محمد العجمي
مشاركة :