رياح وأوتاد: تشابه سياسة صدام والسياسة الأميركية الجديدة

  • 2/16/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هناك تشابه واضح بين سياسة صدام والسياسة الأميركية الجديدة، فكلتاهما لا تحترم استقلال الدول ولا قرارات الأمم المتحدة، فمثلاً تضغط السياسة الأميركية الحالية على حلفائها في أوروبا والخليج ليدفعوا مزيداً من الأموال، وهذا بالضبط ما كان صدام يطلبه من الكويت، كما أيّدت تلك السياسة ضم الصهاينة لأراضي فلسطين بالقوة، مثلما حاول صدام ضمّ الكويت، وأيضاً أساءت السياسة الأميركية الجديدة إلى جيرانها كندا والمكسيك وبنما، مثلما أساء صدام لدول الخليج وشتمها، وأخيراً تعتزم السياسة الأميركية إخراج المهاجرين والفلسطينيين من غزة والضفة، مثلما طرد صدام آلاف العراقيين بحجّة أن أصولهم غير عراقية. فعلاً تشابُه غريب بين السياستين، ولكنه واقع، ومع الأسف لا تلقى هذه السياسة الجديدة المعارضة الفعالة من داخل أميركا أو خارجها، خصوصاً من أشد المتضررين، وهي الدول العربية التي وصلت إلى درجة من الضعف إلى أن تُملى عليها القرارات الخارجية، مع التهديد بوقف الإعانات المالية عنها أو تغيير أنظمتها الحاكمة. ومن المؤسف أن يشبّه بعض الإخوة خروج الفلسطينيين من ديارهم بخروج النبي، صلى الله عليه وسلم، من مكة، ولو أنهم رجعوا إلى حديث جابر بن عبدالله، وهو من أطول الأحاديث التي وصفت حال النبي في مكة وأشهرها، وكيف أنه كان يعرض نفسه على القبائل في المواسم بمنى وبالأسواق، يقول: «من يؤويني، من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟»، وكيف آذاه الكفار حتى وصفه الأنصار في مؤتمرهم بقولهم: «حتى متى نترك رسول الله يطرد في جبال مكة ويخاف؟»، لكنّه مع ذلك لم يهاجر حتى قدِمَ إليه الأنصار في شعب العقبة يبايعونه، فقال لهم: «تمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكُم الجنة»، فقاموا إليه وبايعوه، فهاجر إلى المدينة حاكماً لا لاجئاً، لوجدوا الفرق واضحاً بين هجرة النبي وبين إخراج الفلسطينيين من أرضهم ليكونوا لاجئين في بلاد عربية وغير عربية، قد يتعرّضون فيها للفتن والاضطهاد، وحسناً بيّن عضو هيئة كبار علماء السعودية، الشيخ عبدالكريم الخضير، بقوله: «البلدان التي نزل فيها العدو لا شك في أن الهجرة منها استسلام وتسليم للعدو، فالأصل هو البقاء فيها والمقاومة». واستثنى الشيخ مَن يخشى الفتنة، والمرأة التي تخشى الاعتداء عليها فتهاجر، ثم قال: «أمّا الذي يستطيع المقاومة، فلا يجوز له أن يغادر، فلمن تُترك بلاد المسلمين»؟ وإذا قيل بهذا، وحلّ العدو في بلد آخر يُسلم له ويُهاجر منه المسلمون ما يبقى للمسلمين شيء». إن الموقف الشرعي والسياسي الصحيح في هذه الظروف هو الوقفة العربية الجماعية لصدّ عدوان الصهاينة ومَن معهم، ومساعدة الفلسطينيين على البقاء في أرضهم، ومساعدة الدول التي تم وقف الإعانات الأميركية عنها، بشرط وقوفهم بقوة ضد مخطط طرد الفلسطينيين، لأنهم إن لم يفعلوا فسيكون الدور التالي عليهم.

مشاركة :