فيضان إميل زولا في 28 قصة

  • 6/4/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يكتبها: يوسف أبولوز .. جان لوي لاكور في السبعين من العمر. ولد وشاخ في كورتاي، بلدة من مئة وخمسين نسمة تائهة في بلاد الذئاب. لم يخرج من قريته طوال حياته سوى مرة للذهاب إلى (آنجيه) على مسافة ستين كيلومتراً، لكن ذلك كان في شبابه منذ زمن بعيد إلى حد لم يعد معه ليتذكر... قدم مشروع كلمة في أبوظبي خدمة كبيرة للثقافة العالمية. وذلك بنقل أبرز رموزها إلى العربية، والمشروع هو الأكبر في الوطن العربي، ويتسم بالتنوع الثقافي والفكري والتاريخي والجمالي، وبكلمة مختصرة، نحن مقبلون على ألف عنوان عالمي من ثقافات الشرق والغرب، والشمال والجنوب باقتراحات ذكية، وترجمات نوعية. يعيدنا مشروع كلمة إلى الكاتب الفرنسي إميل زولا المولود في العام 1840، وتوفي في 1902، ومما جاء في التعريف به، خصوصاً حول وفاته أنها كانت .. على إثر تسممه بأوكسيد الكربون المنبعث من موقد شقته في باريس، وقد أثبت بعض الصحفيين والمحققين بعد سنوات أن ذلك كان عملاً إجرامياً من تدبير خصومه السياسيين... إميل زولا روائي وقاص ومسرحي، وتأثرت شخصيته ببعض المكونات السياسية، وكانت تربطه صداقة بالفنان بول سيزان، ونشاهد لوحة في الموسوعة الحرة لإميل زولا رسمها إداور مانيه، ومما يرد في سيرته أنه أصبح من الأثرياء بعد نشر إحدى رواياته في العام 1877 .. كان يحصل على أجر أكثر مما كان يدفع لفيكتور هيجو، وأصبح ممثلاً للأدباء البرجوازيين، فكان ينظم ولائم ثقافية يلتقي فيها الكثير من الكتاب... نعرف المقولة السائدة في الأدب العالمي التي تفيد أن جميع القصاصين خرجوا من معطف غوغول في إشارة إلى قصة المعطف للكاتب الروسي غوغول، وبطلها أكاكي أكافيتش، ولكن إميل زولا هو الآخر له معطف آخر، فبعض النقاد يصنفه مؤسس المدرسة الطبيعية في الأدب الفرنسي.. و.. الوريث الأعظم لبلزاك وفلوبير... يضم الكتاب قصصاً في القسم الأول منه تقع بين العام 1864 و1874، وفي هذا القسم نقرأ 21 قصة، من بينها قصة الحداد، التي تظهر قوة زولا على الوصف، خصوصاً وصف شخصيات قصصه.. ومن قصة الحداد.. هذا النموذج: .. كان الحداد رجلاً جسيماً، الأطول قامة في تلك الناحية، كتفاه منتفختا العضلات، ووجهه وذراعاه سود من لهب المسبك وغبار الحديد المتطاير من المطارق، رأسه المربع، تعلوه غابة كثة من الشعر المشعث، وتحتها عينا طفل زرقاوان محملقتان، صافيتان كالفولاذ..، وأحياناً يبدأ زولا قصصه على نحو مباغت كما لو يبدأ بمطلع مقالة بعيداً على روح الوصف.. يقول في مطلع قصة المصائد.. .. كل شيء في باريس يمكن بيعه: العذارى الجامحات والعذارى الرصينات، الأكاذيب والحقائق، والابتسامات... القسم الثاني من الكتاب يضم 7 قصص جاءت بين العام 1875 و1899 وأطول هذه القصص قصة بعنوان النقيب بورل، ويأتي في هامش هذه القصة أن زولا قد أعاد صياغة هذه القصة مرتين، وتراوح بين السرد والحوار، ومرة ثانية، نقرأ باندهاش مبعثه قدرة زولا على الوصف أو الأصح أنه يكتب كما لو أنه يرسم.. من قصة النقيب بورل.. .. صافحها بقبضة صلبة قاسية ثم توارى في عتمة الأدراج فما رفعت المصباح لتضيء له طريقه. حين عادت ووضعت المصباح على الطاولة، وسط الصمت المخيم في الغرفة الفسيحة العارية. وقفت لبرهة بلا حراك أمام شارل المستغرق في النوم وجهه مطمور بين صفحات قاموسه... عندما نعود اليوم إلى الأدب الروائي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على وجه الخصوص نعجب من هذه الحيوية السردية، ومن هذه الإبداعية الإنسانية إن جازت العبارة، حيث يغوص الكاتب إلى أعماق النفس البشرية، وعلى سبيل المثال كما يخطف، إميل زولا ألبابنا ويستدرجنا إلى الشغف به ككاتب يمتلك قدرة استثنائية على الوصف. الكتاب: الفيضان - ومنتخبات قصصية أخرى. المؤلف: إميل زولا. المترجمة: دانيال صالح (عن الفرنسية). الناشر: مشروع كلمة في أبوظبي (2014). مراجعة: كاظم جهاد.

مشاركة :