يبهرنا العلماء الذين يسيرون على طريق البحث والابتكار، بابتكاراتهم، فنفاجأ بين عشية وضحاها بثمرة جديدة من ثمرات جهودهم، ما زالت تغير من حياتنا. ولا يزال العلماء في أنحاء الأرض يبذلون أقصى جهودهم للبحث عن كل جديد يمكن أن يجعل الصعب سهلاً، أو يتيح العيش بطريقة أفضل، إذ رسمت خريطة الحياة التكنولوجية بطريقة مختلفة ومغايرة عن الأمس، تحت شعار العودة إلى الطبيعة، ومستقبل نظيف ومستدام، فأنتجوا رباطات ذكية لمراقبات جفاف الجسم، وتوربينات لتوليد الطاقة من الرياح، فضلاً عن الروبوتات التي التخلص من الأجسام الغربية بلا جراحة.. وخلال الأسطر المقبلة، نتناول أبرز ما توصلوا إليه حديثاً من ابتكارات: *جهاز استشعار لمراقبة مستوى الجفاف في الجسم: يحتوي العرق على كثير من المركبات الكيميائية التي يتغير تركيزها من حين إلى آخر، وتلعب هذه المركبات دوراً مهماً في الكشف عن مدى استجابة الجسم للإصابة بالأمراض، وللأدوية، وللحميات الغذائية، وللجروح، وللإجهاد، وغيرها من الأمور الأخرى. ودفعت قيمة العرق هذه الباحثين إلى البحث عن سبل للاستفادة منه ولاستخلاص المعلومات منه وتسخيرها لما يعود على الإنسان بالنفع. وفي سبيل ذلك ابتكر الباحثون جهاز استشعار يرتديه الشخص على معصمه أو حول الرأس ليقيس مستويات أربعة مركبات كيميائية في العرق وهي تحديداً أيونات الصوديوم وأيونات البوتاسيوم، والجلوكوز، واللاكتات. بعد ذلك يرسل الجهاز البيانات التي يرصدها لاسلكياً إلى هاتف ذكي عن طريق البلوتوث. وكانت مجموعة من العلماء صممت جهاز استشعار مماثل يتم ارتداؤه حول المعصم، ولكن كان يحلل مركباً واحداً، ولم يكن لدى الجهاز آلية لمراقبة مستويات التحليل. ومقارنة بالمجس القديم، يعد الأخير أكثر استقراراً ودقة، فقد تميز بمجس لدرجة الحرارة، كونها عنصراً مهماً للمراقبة الدقيقة، فالعرق دائماً ما يصاحبه تغيرات كبيرة في درجات حرارة الجلد. واختبر الباحثون الجهاز الجديد على مجموعة من المتطوعين الذين ارتدوه حول معصم اليد، وحول الرأس أثناء ممارسة أنشطة رياضية. وتوصل الباحثون إلى أن القياسات التي رصدها الجهاز تتوافق مع أعداد المركبات الأربعة التي تم قياسها في عينات العرق التي استخلصت منهم كل بضع دقائق. وصمم باحثون مجساً لمراقبة الجفاف لدى الأشخاص أثناء عدوهم في الهواء الطلق من خلال قياس أيونات الصوديوم والبوتاسيوم التي يزداد تركيزها مع الجفاف. *توربينات رياح مستلهمة من الطبيعة: ابتكر مايكل كاروث الطالب في برنامج التصميم البيئي في جامعة كولورادو في بولدر في الولايات المتحدة، توربينات رياح استلهمها من الطبيعة بعدما راقب منذ نعومة أظفاره كيف تتعامل الطيور مع الرياح، وآلية سير السفن الشراعية، وحركة السحاب المتناغمة، وانسياب المياه في جداولها. توربين الرياح الجديد يستفيد من أكبر قدر ممكن من طاقة الرياح، ليتخلص بذلك من العيوب التي شابت التوربينات الحالية التي تخضع دائماً إلى عمليات تطوير لرفع كفاءتها وتقليل الضوضاء التي تصدرها. وأشهرها توربينات المحور الأفقي التي تشبه طواحين الهواء، والتي يجب تثبيتها في اتجاه الرياح، ومن ثم فإنها لا تستفيد من الرياح في جميع الاتجاهات. وتغلب كاروث على هذا العيب بتصميم توربينات ذات محور عمودي تستفيد من الرياح التي تهب في جميع الاتجاهات، من خلال أشرعة مرنة تنفتح وتنغلق باستمرار، بصرف النظر عن اتجاه الرياح، لتقتنص بذلك أكبر قدر منها. وسيصنع طلاب قسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة كولورادو الهيكل الأساسي للتوربين من الألمنيوم، بينما سوف يصنع الشراع السفلي من ألياف الكربون، أما الشراع العلوي فسوف يصنع من النايلون الذي يقاوم التمزق. وبنظرة متفحصة على التصميم، يلاحظ أنه يحاكي الطبيعة في حركته، حيث تفتح الأشرعة ليدخل الهواء، ثم تغلق، فتشبه بذلك حركة جناح الطائر، وبتلات الأزهار أثناء تفاعلها مع الرياح. *روبوت ينقذ الأطفال من الموت: نجح العلماء في معهد ماساتشوستس للتقنية في الولايات المتحدة، بالتعاون مع جامعة شيفلد البريطانية، ومعهد طوكيو في اليابان، في ابتكار حبة ذكية تعمل مثل الروبوت للتخلص من الأجسام الغريبة بلا جراحة. وبمجرد ابتلاع الحبة تنفتح ويبدأ الروبوت الدقيق في الحركة والبحث عن الأجسام الغريبة التي تم ابتلاعها. واختبر الباحثون الروبوت باستخدام معدة صناعية مصنوعة من السليكون المطاط الذي يشبه معدة الخنزير. ويتعرض المئات من الأطفال للاختناق بسبب ابتلاع أجسام غريبة أو بسبب تشوهات تحدث في المعدة بعد ابتلاع هذه الأشياء. ويتوقف الخطر الذي يتعرض له الطفل على نوع الأجسام التي تدخل إلى جوفه وكميتها، فمنهم من يبتلع دبابيس، وعملات نقدية، والكثير من الأشياء. وبحسب الأطباء، فإن البطاريات الصغيرة التي قد يبتلعها الطفل تمثل أخطر الأشياء لأنها تتفاعل كيميائياً داخل المعدة. *خيوط ذكية تغير ألوان الملابس: نجح فريق من الباحثين الأمريكيين في جامعة يو.سي بيركلي في ولاية كاليفورنيا في ابتكار خيوط ذكية تدخل في صناعة الملابس، ويمكنها تغيير لونها بحسب رغبة صاحبها. أطلق الباحثون اسم ايب على التقنية الجديدة والتي تدخل ضمن مشروع جاكارد الذي تنفذه شركة غوغل. كما تتيح التقنية إمكانية تغيير الرسومات على الملابس، إذ تغير الخيوط ألوانها عند تعريضها إلى شحنات كهربائية. ويراود الباحثين الأمل في قدرتهم على تسريع استجابة الملابس لعملية تغيير اللون والرسومات حتى يمكنهم الوصول إلى إمكانية عرض الرسائل النصية، أو سجل المكالمات على أي جزء من ملبس الشخص مثل ياقة القميص. وبحسب لورا ديفيندورف، رئيس المشروع، تم تغليف الخيوط بأصباغ حرارية من الكروم، وتمكن الفريق باستخدام هندسة النسيج من صنع تأثيرات جمالية رائعة. ويعكف فريق البحث على دراسة إمكانية إدخال وحدات استشعار تعمل باللمس في مختلف أنواع الأقمشة. *شاشة تلتصق بالبشرة وتعرض الصور: طور علماء في جامعة طوكيو في اليابان شاشة مرنة لا يتعدى سمكها 0.03 ملليمتر تلتصق بالجلد وتعرض صوراً فوتوغرافية، بل ومقاطع فيديو صغيرة الحجم، بحسب قناة NHK اليابانية. وقال الباحثون إن التقنية سوف تفتح آفاقاً جديدة في مجال الموضة وتصميم الأزياء. وأدمجت في الشاشة الرقيقة أضواء لا تتعدى سماكتها 0.002 ملليمتر، وعرضت الشاشة بالفعل صوراً فوتوغرافية بسيطة لزهور ملونة. ويسعى العلماء إلى تطوير تلك الشاشة لبث برامج تلفزيونية. ويقول العلماء إنه يمكن تثبيتها في اليد، ما يعني إمكانية تحويل اليد إلى جهاز تلفزيون صغير أو إلى شاشة هاتف ذكي. *استغلال المحيطات لتوليد الطاقة: صمم علماء نمساويون في جامعة فيينا تقنية جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية، ربما تمثل نقطة انطلاق لتغيير استراتيجيات تخزين الطاقة المتجددة في المستقبل. وتعتمد التقنية على إنتاج الطاقة عبر سفن شمسية تطفو فوق مياه البحار والمحيطات، التي تغطي أكثر من 70% من كوكب الأرض، ما سوف يثمر في إنتاج كميات هائلة من الطاقة المتجددة تلبي الحاجة المتزايدة إليها. وأطلق الباحثون اسم هيلوفلوت على التقنية الجديدة التي يقوم عملها على نظام من الألواح الشمسية التي تم تصميمها في شكل سفينة تطفو فوق الماء ولا تتأثر بتقلبات الأمواج. ويضع الباحثون حلولاً للتغلب على أية عوائق تعرقل المشروع من خلال تغيير آلية طفو السفينة فوق سطح الماء وإكسابها قدراً أكبر من المرونة، وتزويدها بمحرك يضم اسطوانات مفتوحة مثبتة في قاع السفينة للحيلولة دون غرق الألواح الشمسية. *النباتات لشحن الهاتف: كشفت شركة آركان تكنولوجيز المتخصصة في توفير حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عن ابتكار وعاء نباتات منزلي أطلقوا عليه اسم بيولايت يمكنه شحن الهواتف الذكية بالكهرباء التي يتم توليدها عبر عملية البناء الضوئي التي يقوم بها النبات. ويعتمد الجهاز على آلية التمثيل الضوئي الذي يحول الماء وثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين ومكونات عضوية أخرى. ويحوي الوعاء بكتريا تعمل على تفكيك المكونات العضوية وتحرير إلكترونات تنتقل عبر أسلاك كهربائية دقيقة تصل إلى فلاش يمكن توصيله بالأجهزة الإلكترونية لشحنها. وبحسب الشركة، يمكن للجهاز شحن هاتف جوال 3 مرات في اليوم، كما يمكنه إنتاج الطاقة في الليل والنهار. والجدير بالذكر أن بيولايت يشحن الهاتف بسرعة لا تقل عن سرعة شحنه عبر كمبيوتر، وتختلف السرعة بحسب حجم بطارية الهاتف. الكمبيوتر لتنقيةالمياه وقراءة الشفاه صمّم خبراء في شركة والتي الإيطالية كمبيوتر يعمل بالطاقة الكهروضوئية لتنقية المياه وتوليد الكهرباء، ويبلغ طوله 40 متراً وعرضه 15 متراً. ويستخدم الكمبيوتر الحراري الطاقة الشمسية لتعقيم أكثر من 5 آلاف لتر من المياه يومياً، إضافة إلى مهام أخرى في مجال عمليات الاتصال وتوليد الكهرباء. ويستخدم الجهاز الحرارة الشمسية التي يتم جمعها عن طريق أنابيب مفرغة لتبخير وتعقيم المياه التي يغذى بها الجهاز، الذي يمكنه تنقية المياه الملوثة خلال ساعتين. وعمل ألواح الطاقة الكهروضوئية المثبتة فوق سطح الجهاز على توليد كهرباء لتشغيل الأجهزة الإلكترونية الموجودة داخل الجهاز، كما يمكنها إعادة شحن أجهزة خارجية، مثل الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. قارورات مياه صديقة للبيئة يعكف آري جونسون طالب في الأكاديمية الأيسلندية للفنون على تصميم قارورة من مادة مختلفة عن البلاستيك، وتتحلل عضوياً. وصرح جونسون لمجلة ديزاين بأنه بعدما عرف أن 50% من البلاستيك يلقى بعد الاستخدام الأول ولا يستفاد منه، قرر البحث عن وسائل أخرى بعيدة عن البلاستيك، يتم التخلص منها بعد الاستخدام مباشرة. وتوصل جونسون إلى مادة تسمى الأجار الهلامية التي تستخلص من الطحالب البحرية. وعندما تضاف الأجار إلى الماء تصبح شبه هلامية، يمكن وضعها في قالب بأي شكل. وبحسب جونسون، فإن القارورات الجديدة تحافظ على شكلها حتى إفراغ محتواها، وتتحلل فور خلوها. كوادكوبتر لقراءة الأفكار ابتكر علماء روس جهازاً يقرأ أفكار الإنسان سموه كوادكوبتر، وبتمويل من مؤسسة الروس للأبحاث المتقدمة، التي تدعم برامج البحوث الخاصة بالدفاع الوطني. يعمل الجهاز من دون الحاجة إلى أية ضوابط خارجية، لأنه يعمل مع قوة التفكير، وكل ما يحتاج إليه المستخدم وضع خوذة خاصة على رأسه يمكنها قراءة الأفكار وترجمتها إلى تعليمات مقروءة. والجهاز مزود بأجهزة استشعار تحوي نظاماً يتعرف إلى الأفكار التي تدور في ذهن الإنسان.
مشاركة :