شهر رمضان شهر العفو والمغفرة (11)

  • 6/16/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ميزة خلف ميزة تتحقق للإنسان الذي يريد أن يتغير للأفضل، فالتغيير لا يحدث سريعًا لكن يستمر متى ما اقتنع الفرد بضرورته في الحياة، والذي يميزنا في شهر رمضان قابلياتنا المتنوعة للتغيير وقبوله دون مقاومة، فعادة ما يصادف التغيير نوع من الشد والمد مع النفس، لأن النزعات البشرية ظروف وحالات معقدة، وتغييرها يتطلب شيء من العزم والإرادة والاستمرار والالتزام والتحسين، وتحتاج عملية التغيير إلى المراجعة المستمر حتى لا تحدث الانتكاسة المفاجئة والانسحاب منه، وهذا يتطلب الوعي والحذاقة. القابلية المنفتحة في الشهر الفضيل فرصة سانحة لإعادة الحسابات مع النفس في كل ما يتعلق بشؤونها فضلاً عن أنها دعم للمساحة والمصالحة والعفو والمغفرة، وبطبيعة الحال ومن المشاكل الشائعة الجروح التي تصيبنا من أقرب الناس لنا، أزواجنا وأولادنا والأقربون، وفي هذا الإطار يشير القرآن الكريم: (إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم) لكنه تابع تعالى: (وإن تعفو وتصفحوا وتغفروا إن الله غفور رحيم)، هذه الآية من أبلغ الآيات التي تشير لمرحلة دقيقة قد يعيشها الفرد بصورة وأخرى في شهر رمضان أو في غيره، لكني أشير إليها هنا لوجود القابلية في شهر المغفرة والعفو والصفح، العفو مطلوب بشكل دائم، وكلما ارتفع قدر الإنسان للعلو كان أقرب للعفو، وفي هذا الشهر محضر الخيرات وسد الثغرات ونوم الشياطين وخروجهم من القدرات، يتمكن ابن آدم من انجاز الكثير مما كان يعجز عليه قبله، ومما قد يداوم عليه بعده، إذا وأن تعفو من العفو وقدم جل جلاله العفو على الصفح لإنهاء معاناة النفس قبل الاستحقاق. قد يصفح الإنسان والصفح هو نوع من أنواع المسامحة، لكن يبقى شيء في قلبه يراوح، وهذا ما يعبرون عنه بالجرح من الصديق أو القريب، ولكن تقدم العفو على اعتبار أنه أعلى مراتب انهاء العملية بين المخطئ والمخطئ عليه، ولذلك يقول الله تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى) هي مرتبة عالية تخلي سبيل الطرف الثاني في الدنيا من كل ما يتعلق بك، وقد يصفح الإنسان عن غيره لكن لا يعني ذلك بلوغها للمغفرة، فهي مرتبة أكبر، يقول الله تعالى: (فاصفح عنهم وقل سلام)، هنا لم يكن للمغفرة دون لكن مرتبة ثانية وهي الصفح، وأعلى المراتب ارتباط العفو والصفح والمغفرة كما في الآية المباركة السابقة، والمعنى مرتبة عالية جدا تخلي سبيل الطرف الثاني في الدنيا والآخرة. الاستعداد والقابلية والرغبة في حالة وفرة لدى الإنسان في هذا الشهر الفضيل، واستغلال هذه الفرصة تعطي الفرد صناعة الفرق والقدرة على البناء النفسي وتطوير مسيرة تهذيب النفس من خلال التقدم والتحسن والتعامل مع البشر بصورة راقية، ودعم النفس للتحول من عامل ردة فعل إلى فعل بصورة إيجابية تخلق مصير الإنسان داخلا وخارجا، فكل مقومات العلو والنهضة الإنسانية بين يديك في شهر الله تعالى باليمن والبركة والصفح والعفو والمغفرة.

مشاركة :