ترتفع مجدداً قلعة في جنوب لبنان شيدت في عهد الصليبيين في القرن الثاني عشر وتعرضت لتدمير شبه كامل بصواريخ الطائرات الإسرائيلية خلال الحرب مع حزب الله في تموز (يوليو) 2006. فقبل أكثر من 800 سنة شيدت قلعة «شمع» التي تستمد اسمها من مقام ديني يعرف بمقام النبي شمعون الصفا، لتكون واحداً من الحصون العسكرية ومقراً لحكم الصليبيين. وتقع القلعة التي تتوسط قرية شمع على مسافة 17 كيلومتراً جنوبي مدينة صور على ساحل المدينة، ولا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. ويعمل منذ شهر تقريباً بناؤون محترفون في إعادة رصف الحجارة الصخرية العائدة إلى تاريخ بناء القلعة والتي يجري جمعها من أرجاء القلعة ومنحدراتها لتعيد قسماً كبيراً من شكلها الخارجي، خصوصاً الأبراج المنتشرة دائرياً والتي تشكل لوحة متكاملة. وتحتاج عملية إعادة ترميم وبناء القلعة جزئياً إلى نحو ستة أشهر وستشمل الأبراج والأقبية والجدران التي تناثرت حجارتها بفعل غارات الطائرات الإسرائيلية. وعلى رغم صمودها على مدى القرون، سقطت القلعة عام 1978 في يد إسرائيل التي اجتاحت منطقة جنوب الليطاني وحولتها على مدى 22 سنة إلى مركز عسكري ما ألحق ضرراً كبيراً في بنيتها. وبينما كانت الحكومة اللبنانية تعدّ الدراسات بعد الانسحاب الإسرائيلي في أيار (مايو) 2000 لتأهيل القلعة، عادت إسرائيل مجدداً لتضربها بغارات جوية خلال حرب تموز (يوليو) 2006، ما أدى الى تدمير أكثر من 80 في المئة منها، ولا سيما الأبراج المنتشرة على أطرافها وباحاتها الداخلية والخارجية، إضافة إلى المقام الديني الذي يجاورها. وتحملت الحكومة الإيطالية عبء إعادة القلعة إلى وضعها السابق وقدمت منحة قيمتها 700 ألف يورو للحكومة اللبنانية للقيام بهذه الأعمال. وبدأت أعمال الترميم بعد تأخير استمر عشر سنوات نتيجة تأخر وصول التمويل من جهة والروتين الإداري اللبناني من جهة أخرى. وكانت الكتيبة الإيطالية المشاركة ضمن قوات الأمم المتحدة في لبنان قد عملت على تأهيل الساحة الخارجية للقلعة لاستقبال الزوار وإعادة بريقها التراثي والسياحي. ويؤكد مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي، أن الطائرات الإسرائيلية دمرت العدد الأكبر من الأبراج والأقبية ما تسبب بخلخلة معظم البناء والجدران، موضحاً أن الهدف الرئيس من أعمال الترميم هو الحفاظ على المنشآت بأكملها حتى يصبح للقلعة محتوى وشكل. وقال إن «المشروع يهدف إلى إجراء أعمال تنقيب أثري عن مخزون يعود إلى فترة الفرنجة وإنشاء مسارات للسياح ولوحات توضيحية».
مشاركة :