قلعة "راشيا" اللبنانية.. أيقونة تاريخية لاستقلال لبنان (تقرير)

  • 11/19/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

راشيا (لبنان)/ أسماء البريدي/ الأناضوللم يكن اللبنانيون يوماً يعلمون أن "قلعة راشيا"، المنتصبة فوق منحدرات ثلاثة، على ارتفاع ألف و400 متر عن سطح البحر، والمقابلة للأراضي السورية والفلسطينية، ستكون أيقونة تاريخية ترتبط باستقلال لبنان عن الاحتلال الفرنسي.ويعود تاريخ "القلعة"، الواقعة في بلدة راشيا، جنوب محافظة البقاع (شرق لبنان)، إلى العهد الروماني، حيث بنيت كحصن تأمين ومراقبة للقوافل التجارية، التي كانت تنطلق من لبنان الى البلدان المجاورة، ومنها إلى الموانىء العالمية.ومكنها موقعها الاستراتيجي من لعب دور تأمين القوافل التجارية؛ لأنها لا تبعد سوى نصف ساعة عن الأراضي الفلسطينية، ومثلها إلى سوريا، وفقاً للمرشدة السياحة في القلعة.كما أصبحت القلعة إبّان الغزو الصليبي للشرق (1099م)، حصن دفاع عسكري ومركز تدريب للجنود، ليضيفوا لها في وقت لاحق أبراج مراقبة جديدة. لكنّ العائلة الشهابية (1370م)، خلال الحكم العثماني، وسّعت حدود القلعة إلى 8 آلاف متر مربع، واتّخذتها كمقر للعائلات الحاكمة، التي تعاقبت على إدارة لبنان. وجعل الشهابيون لها قناطر عثمانية في جهتها الجنوبية الغربية، وتركوا في صدرها لوحة حجرية منقوشة بدقة. وتشرح مشرفة السياحة في القلعة وفاء زاكي، ظروف القلعة خلال الحرب العالمية الثانية: "مع بداية الاحتلال الفرنسي (1920- 1943) تم تشييد سور القلعة الشرقي (1920)، وأعيد ترميم بعض أجزائها باستخدام حجارة المنازل المحيطة بها. لكن الفرنسيين استخدموا القلعة خلال فترة حكمهم كسجن ومعتقل ليس لعوام الناس فقط، بل لرجال السياسة أيضا". وتضيف وفاء: "ليل العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 1943، عمدت القوات الفرنسية إلى اعتقال رئيس الجمهورية بشارة الخوري (1943- 1952)، ورئيس الوزراء رياض الصلح، إضافة الى وزير الخارجية والأشغال العامة سليم تقلا، ونائب الشمال عبد الحميد كرامي، مع عادل عسيران، وزير التجارة والصناعة والتموين، ووزير الداخلية كميل شمعون، وسجنتهم في غرف منفردة داخل القلعة". جاء ذلك كرد على تحركاتهم الاستقلالية، والتي تبلورت في 8 نوفمبر من ذاك العام، حين حررت الحكومة اللبنانية دستور 1936، من النصوص التي تعطي صلاحيات مطلقة للمفوض السامي. "لكنّ هذه الاعتقالات كانت شرارة الثورة الوطنية والشعبية التي دحرت الاحتلال الفرنسي"، حسب رئيس جمعية محترف راشيا شوقي دلال. وأكد شوقي: "عقب الاعتقالات السياسية التي نفذها الفرنسيون اندلعت المظاهرات في كل أرجاء الوطن وعمّ العصيان المدني في أرجائه لاثنى عشر يوما متتالية على الرغم من التشديدات العسكرية الفرنسية". ويروي شوقي، تفصيلاً سمعه من أحد كبار السن الذي أخبره أن "الرسائل كانت تنتقل بين المعتقلين والثوار في الميادين من خلال حلّاق في راشيا، والذي كان بدوره يخفي الرسائل داخل موس الحلاقة كي لا يتمكن الجنود الفرنسيون من اكتشافها". ونتيجة للضغط الشعبي أفرج الجنرال الفرنسي كاترو، عن المعتقلين في راشيا، في 22 نوفمبر من العام نفسه. ويصف شوقي، المشهد للأناضول قائلاً: "خرج مئات اللبنانيون إلى حرم القلعة، وحملوا بشارة الخوري، ورياض الصلح، على أكتافهم إلى أن وصلوا إلى أسواق راشيا، المحاذية للقلعة؛ ليشاركوا في أول مهرجان احتفالي استقلالي في لبنان. منذ تلك اللحظة أضحى "22 نوفمبر"؛ عيداً وطنياً استقلالياً لا يزال لبنان يحتفي به حتى يومنا هذا، وسميت قلعة راشيا فيما بعد بـ"قلعة الاستقلال"، و"حصن تشرين"، وأدرجت في وقت لاحق على لائحة الأماكن السياحية في 1997. يؤكد شوقي، أن القلعة اليوم تعد مقرا سياحيا تاريخيا يرتاده الأجانب والوطنيون وطلاب المدارس بصورة دورية. وأضاف: "يوجد في القلعة مسرح يتسع لآلاف الأشخاص، تنظم فيه سنوياً مهرجانات الصيف، لكن المشروع الذي سيبدأ العمل عليه في السنين القادمة يتمثل في بناء متحف داخل القلعة، وتخصص فيه زوايا لإبراز كل ما هو متعلق بالمرحلة الاستقلالية". من جانبه، أكد رئيس بلدية راشيا المهندس بسام دلال، أن "القلعة هي المهد التاريخي للاستقلال الوطني اللبناني، ولا تزال بعد 73 عاما على الاستقلال منارة ووجهة لكل الوطنيين". وشرح بسام، سلسة فعاليات احتفائية ستنظمها البلدية في ذكرى الاستقلال لهذا العام بالقول: "ستشارك مدارس المنطقة البقاعية في احتفالات الاستقلال الثلاثاء المقبل، وسيوقع كل المتواجدين في المكان على ثلاثة أعلام لبنانية نقدمها للرؤوساء الثلاثة في لبنان (رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس المجلس النيابي). وأضاف: "سيدوّن ممثلون عن الرئاسات اللبنانية كلماتهم في السجل الذهبي داخل قاعة الشرف للقلعة". يشار الى أن الحكومة الفرنسية اعترفت باستقلال لبنان التام في 22 نوفمبر 1943. ليصبح دولة مستقلة ذات سيادة، وتبنّت حكومته علما جديداً (بصيغته الحالية)، وكتبت نشيداً وطنياً خاصاً بها، تبع ذلك تسلّم اللبنانيون إدارة بلادهم بكل مؤسساتها الرسمية، وبني الجيش الوطني. كما شارك لبنان عقب استقلاله في توقيع بروتوكول الاسكندرية وتأسيس جامعة الدول العربية. ولا زال لبنان حتى اليوم، يعمل بموجب الميثاق الوطني (ميثاق غير مكتوب بين المسيحيين والمسلمين) الذي مهّد لمرحلة الاستقلال وتعديل الدستور. ويقضي الاتفاق بتوزيع السلطة بين طوائف ثلاثة، من خلال تسليم الرئاسة اللبنانية للمارونية المسيحية، ورئاسة الوزراء للمسلمين السنة، على أن يكون رئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :