أحد مؤسسي نادي جدة الأدبي وأحد أبرز رؤسائه مكث قرابة الـ 25 عاما بين أروقة النادي ورائحة الكتب التي يعشقها وبين توقيعات قراراته على مطبوعات النادي التي أحدثت ضجة ثقافية وأدبية وأوجدت حراكا إبان ترؤسه للنادي وعضوية مجلس إدارته أنه الأديب الكبير عبدالفتاح أبو مدين، أحد عشاق الأدب والثقافة أخذ على عاتقه رسالة التنوير وإيجاد حراك ثقافي مختلف بكل حب وإخلاص لإيمانه الكامل بأهمية التطوير الثقافي لعروس البحر الأحمر جدة والتي تزخر باختلاف ثقافاتها وأدبائها كونها بوابة للحرمين الشريفين ويقطن بها أدباء ومثقفون أسسوا وشكلوا هوية المثقف السعودي، فسح المجال للشباب وأوجد الفرص للمثقفات للمشاركة في الفعل الثقافي جنبا إلى جنب مع المثقفين، أشرع كافة أبواب النادي للأفكار الجديدة أسس عدة مشاريع أدبية ونقدية، طرح قضية الحداثة بكل أنماطها وبجرأة، إبداع في الشعر والقصة والرواية، ساعده على ذلك محدودية منابر الثقافة في عهده، إذ لم يكن أمام طالب الثقافة والأدب إلى منبر النادي الأدبي بجدة فكان للحضور والتفاعل الجماهيري دور هام في ازدهار فترة عمله بالنادي رئيسا كما ساهم عدد من النقاد والأدباء من مجلس إدارته ليحولوا النادي إلى ملتقى نقدي أدبي ويسجل حضورا لافتا في المشهد الثقافي السعودي، بل تعدى حضوره بعض العواصم العربية، طبع أبو مدين العديد من الكتب المهمة في الفكر النقدي والإبداع والتراث البلاغي لأدباء ونقاد سعوديين وعرب تجاوز عددها الـ150 كتابا جميعها تعد من أهم مراحل طباعة الكتب الأدبية في المملكة، إذ تعج بها المكتبات الكبرى داخل وخارج السعودية وأصبحت مرجعا ثقافيا لعدد كبير من الأكاديميين الجامعيين، ناهيك عن دوريات النادي التي اشتهر في تأسيسها أبو مدين وأهمها «علامات ، في الفكر النقدي ، جذور ، في الدراسات التراثية ، عبقر في الشعور، الراوي في القصة ، نوافذ ، في الجانب العلمي» . أبو مدين مثقف واع إداري ناجح توقف الجميع متأملين ومعجبين بفكره ودوره التاريخي في صناعة أدب وثقافة منظمة. كان محقا الناقد الدكتور سعيد السريحي عندما قال عن أبو مدين «كان يمتلك روحا وثابة تتجاوز البعد الثقافي ورؤية استشرافية وقفت وراء رهانه على المستقبل الذي كان يدرك أنه منذور لحركة الحداثة، حتى وإن بدأ حاضرها متعثرا وبالغ خصومها في النيل منها، كان أبو مدين وهو يتولى إدارة النادي يقدم أنموذجا نادرا يتمثل في القدرة على الفصل بين الثقافة الخاصة التي ينتمي إليها والثقافة التي يعرف أن نجاح النادي معقود على الوقوف إلى جانبها» . حمل أبو مدين على عاتقه هما ثقافيا ثقيلا واجه صعوبات عدة وتيارات عديدة ولكنه صمد وانتصر بقوة عزيمته وارتقاء فكره ليثبت أنه كان على حق وأن كافة أطروحاته وأفكاره التي حولها إلى واقع ملموس في نادي جدة الأدبي كانت جديرة بالاحترام والاحتفاء كونها مشاريع صنعت ثقافة حقيقية. عبد الفتاح أبو مدين، درس المرحلة الابتدائية في مدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة، وتخرَّج بعد عام دراسي وأربعة أشهر، عيّن في قيد الأوراق الصادرة في الجمارك منذ 5/10/1366 واستقر به المقام في جدة، اقترن اسم عبد الفتاح أبو مدين بعملين صحفيين في جدة بصحيفة (الأضواء)، وهي أول جريدة تصدر في جدة في العهد السعودي، أصدرها بالاشتراك مع محمد سعيد باعشن في عام 1377هـ و (الرائد) التي كان مؤسسها ومديرها ورئيس تحريرها، أصدرها في عام 1379هـ/1959 ، أصدر سلسلة كتاب (الأضواء) وهي سلسلة شهرية؛ عن جريدة الأضواء وقد رأس تحريرها، صدر عنها في عام 1958، ستة كتب خامسها باسم (في النقد الجديد). تولى منصب مدير تحرير العدد الأسبوعي من (عكاظ) فترة من الزمن. استطاع من خلالها أن يجعل من هذا العدد ملتقى رحباً رفيع المستوى ،تولى مدير عام الإدارة في مؤسسة البلاد للطباعة والنشر. ثم اختير عضوا منتدبا لدار البلاد للطباعة والنشر ،من المشاركين في نادي جدة الأدبي منذ تأسيسه عام 1395هـ ثم أصبح رئيسا لهذا النادي بعد وفاة الأديب محمد حسن عواد ـ يرحمه الله ـ عام 1401هـ. من أهم مؤلفاته «أمواج وأثباج في النقد الأدبي،في معترك الحياة» ، وتلك الأيام ،الصخر والأظافر، ظلمه عصره، هؤلاء عرفت، الحياة بين الكلمات، علامات، من أحاديث الحياة»
مشاركة :