زرتُ أكثر من عشرين بلدًا إفريقيا، وهناك لاحظت ظاهرة رائعة، فالكثير من الأثرياء في تلك الدّول -وثراؤهم طبعًا لا يُقارن بما يمتلكه أمثالهم من بَنِي يَعْرُب- لابد أن يكون لأحدهم بصمة في ساحَة برامج المسؤولية الاجتماعية لِقَرْيَتِه أو بلدته، فأقل ما يقوم به (إنشاء مدرسة ومَبَرّة خيرية، وحَفْر آبار المياه، إضافة إلى جَامِعٍ كبير -إذا كان مسلمًا-، مع التَكَفّل بمصاريف والتزامات تلك المشروعات من خلال أوقاف خاصة بها، أو وصية يتركها لورثته! تذكَّرت تلك المشاهد وبعض أهالي (الفِقْرَة) التي تبعد عن المدينة المنورة بنحو (80 كم) على طريق ينبع أكَّدوا لِي شُكْرَهُم لـ(الشيخ سليمان الأحمدي)؛ لأنه بتبرعات كريمة منه قام بأعمال الرّدم والسّفْلَتَة لِطُرُقٍ في قريتهم بتكلفة تجاوزت (30 مليون ريال)، فَعَلَ ذلك وفاءً للبلدة التي ينتسِب لها، ولكي يُنْقِذَ المكان وأهله من قسوة الطَرق ووعُورتها! فهذه باقات من صادق الشكر والتقدير لذلك الرجل الكريم الطيب (المشهود له في طيبة الطيبة بأعمال الخير والبِر)، وكم أتمنى رؤية رجال الأعمال عندنا وهم يتسابقون في ميدان المسؤولية الاجتماعية؛ لخدمة وطنهم ومجتمعهم؛ فالعمل الخيري التطوعِي رَافِدٌ وشِرْيَانٌ مهم في التنمية حتى في البلدان الغنيّة والمتقدمة! أخيرًا وبما أن الحَديث عِن (الفِقْرَة) التي تتألق على سفوح عدة جبال واقعة بين المدينة النبويّة وينبع على ارتفاع يتجاوز (1900م)، أجزم بأنها يمكن أن تكون منتجعًا سياحيًا فريدًا يَلجأ إليه مَن يرغب في التمتع بخصوصية الطقس المعتدل الهادئ، وأحيانًا البارد صيفًا، والدافئ شتاء في السهول، أو ما تُعْرَف هناك بالرَوْضَات؛ لكن هذا يتطلب (توسعة الطريق الصاعد لتلك المنطقة الجميلة، وتوفير وتطوير مشروعات البنية التحتية الجيدة، ومياه الشرب التي تعاني (الفِقرة من شُحِّها وصعوبة الحصول عليها)؛ وهذا دور المؤسسات الخدمية المعنية! أما القطاع الخاص فمهمته إقامة مشروعات ومنتجعات سياحية وترفيهية؛ فهذه دعوة لهيئة السياحة المجتهدة جدًا لكيما تلتفت لذلك الكَنْز المفقود!. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :