مبدأ جديد من التمييز: القضاء مختص بتقرير ما يعتبر من أعمال السيادة

  • 6/14/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أرست محكمة التمييز مبدأً جديدًا بشأن أعمال السيادة التي تختص بها وزارة الداخلية، برفضها الطعن المقدم من إدارة الجوازات والجنسية على حكم يلغي أمر صادر منها بتسفير أجنبية متزوجة من بحريني، وقالت المحكمة برئاسة القاضي د. طه عبدالمولى طه وعضوية المستشارين، نادر السيد عبدالمطلب وابراهيم المرصفاوي وعبدالله يعقوب وأمانة سر خالد سرور، إن المرد في تحديد أعمال السيادة يكون للقضاء ليقرر ما يعتبر من أعمال السيادة وما لا يعتبر منها بحسب ظروف كل حالة على حدة. وتتحصل وقائع الطعن بحسب ما ذكره المحامي عبدالرحمن غنيم وكيل السيدة الأجنبية في أن الجوازات قد رفضت منح تأشيرة إقامة للسيدة المتزوجة من بحريني وأنجبت منه طفل، فأقام الزوج والزوجة دعوى في عام 2008 أمام المحكمة الكبرى المدنية بطلب الحكم بإلغاء أمر تسفير الزوجة، وتسليمها جواز سفرها وإلزام الإدارة بمنحها رخصة إقامة على كفالة زوجها المطعون ضده الأول، وقالا شرحًا لدعواهما أنهما تقدما إلى الجوازات بطلب منح المطعون ضدها الثانية تأشيرة إقامة بكفالة الزوج البحريني، إلا أن الإدارة رفضت ذلك بادعاء صدور أمر بتسفيرها، فحكمت المحكمة بإلزام الجوازات بتسليم الزوجة جواز سفرها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. واستأنف الزوجين الحكم أمام محكمة الاستئناف العليا المدنية والتي قضت برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعنا على الحكم بالتمييز في 2010، حيث تم نقض الحكم وأعيد للمحكمة التي أصدرته لتحكم فيه من جديد، وقد حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار تسفير الزوجة وبإلزام الجوازات بإصدار تأشيرة إقامة للالتحاق بزوجها وعلى كفالته. لكن الجوازات طعنت على الحكم بالتمييز وقدم المكتب الفني مذكرة برايه في الطعن، قال فيها إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الجوازات من أن إصدار الإقامة يعد من أعمال السيادة للدولة على إقليمها ووفقا لما تقتضيه مصالحها العليا ولا تخضع سلطتها التقديرية في ذلك لرقابة القضاء الذي لا يدخل في اختصاصه أعمال السيادة، كما يمتنع على المحاكم أن تحل محل الجهة الإدارية في إصدار قرار أو تأمر بأداء أمر أو امتناع عنه، وأن الإدارة الطاعنة هي المنوط بها إصدار أو تجديد الإقامة فلا يجوز للمحاكم أن تحل محل الإدارة في ممارسة هذه السلطة التقديرية، وأن عدم صدور حكم حتى الآن بإدانة المطعون ضدها الزوجة عما نسب إليها من اتهام بممارسة الدعارة والفجور ثم تعاطي المواد المخدرة، يكفي للدلالة على سوء سلوكها مما يشكل وجودها خطرًا على النظام العام والآداب العامة واستقرار المجتمع وأمنه الذي أناط الدستور بالدولة الحفاظ عليه. وأوضحت محكمة التمييز أن هذا النعي مردود، لأن نظرية إعمال السيادة وهي ذات أساس تشريعي في قانون السلطة القضائية الذي استبعد أعمال السيادة من ولاية القضاء تحقيقًا للاعتبارات التي تقتضي النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية، فإن المرد في تحديدها إلى القضاء ليقرر ما يعتبر من أعمال السيادة وما لا يعتبر منها بحسب ظروف كل حالة على حدة، إلا أن هذه الأعمال يجمعها إطار عام أنها تصدر عن الدولة بما لها من سلطة وسيادة داخلية وخارجية مستهدفة تحقيق المصالح العليا للجماعة والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها من الداخل والخارج، وكان قانون الأجانب الهجرة والإقامة قد وضع الضوابط المنظمة لمنح الأجانب رخصة الإقامة أو تجديدها وأناط في المادة 18 منه بمدير إدارة الهجرة سلطة رفض منح الأجنبي رخصة إقامة أو تجديدها متى ثبتت إدانته في البحرين أو خارجها بجريمة يجعل منه غير المرغوب فيه منحه إياها، كما نظم تظلم استئناف الأجنبي لرفض منحه الرخصة وذلك أمام مجلس الاستئناف المنصوص عليه في المادة 24 وأوجب في المادة 19 على مدير إدارة الهجرة في حالة قبول الاستئناف إصدار رخصة الإقامة فإن ما تصدره جهة الإدارة من قرارات التزامًا منها بتلك الضوابط، لا يجعلها بمنأى عن الرقابة القضائية، فلا تعتبر من أعمال السيادة وتكون المحاكم هي المختصة بنظر المنازعات المتعلقة بهذه القرارات، وذلك إعمالاً لنص المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 42 لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية. ولفتت المحكمة إلى ما نصت عليه المادة 139 من قانون الأسرة رقم 19 لسنة 2010، بشأن حق الحاضنة في الإقامة في البلاد مدة الحضانة إذا كان المحْضون يحمل الجنسية البحرينية ما لم يصدر في حقها حكم يقضي بتسفيرها، وإذ خلت الأوراق مما يفيد صدور حكم قضائي نهائي بإدانة المطعون ضدها عن التهمة المنسوبة إليها، والتي قدرت جهة الإدارة في امتناعها عن منحها رخصة الإقامة أنها قد أصبحت من غير المرغوب فيهم منحها وبإبعادها عن البلاد رغم أنها مستحقة لحضانة صغيرها البحريني، إنما يخرج مجال إعمال جهة الإدارة سلطتها التقديرية لعدم توافر اشتراطاتها القانونية.

مشاركة :