قبل أيام طالعت خبراً باللغة الإنجليزية من إحدى الوكالات الدولية ينص على أن دولة الإمارات العربية المتحدة قررت سحب قواتها من التحالف الذي تقوده المملكة لدعم الشرعية في اليمن. الخبر المفاجئ وغير المتوقع استند -كما تقول الوكالة وهي من الأشهر عالمياً- إلى تصريحات أدلى بها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش في محاضرة ألقيت أمام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب العام القائد العام للقوات المسلحة. ورغم كل هذه الوقائع المعروفة والمعلنة من ناحية المكان والزمان والشخصيات الفاعلة، إلا أن قراراً من هذا النوع لا يمكن اتخاذه بشكل فردي، في ظل العلاقة المتينة التي تربط بين دول التحالف خصوصاً الإمارات والسعودية اللتين كانتا الأكثر فعالية والأكثر تضحية في هذه المعركة.. لذا فإن خبراً من هذا النوع غير قابل بتاتاً للتصديق. دفعني الفضول الصحفي للبحث عن التفاصيل في وكالة الأنباء الإماراتية(وام) لأكتشف بأن ذلك ليس اجتزاءً خاطئا لحديث المسؤول الاماراتي فقط بل يتنافى تماما مع الحديث الذي جدد التزام أبو ظبي بالاستمرار في هذه المواجهة المصيرية حتى النهاية، وهذا ما أكده قرقاش في تصريحه اللاحق لصحيفة الشرق الأوسط. تحريف كهذا تكرر أكثر من مرة عند التعاطي مع الأخبار المتعلقة بالمملكة وحلفائها، خذ على سبيل المثال كيف تفاعلت وسائل إعلام بعينها مع التقرير الذي حمل توقيع الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات التي ترتكب بحق الأطفال في اليمن، فعندما أُدرج التحالف العربي على القائمة السوداء تعمدت تلك الوسائل حصر الأمر بالسعودية وحدها وكأنها كدولة هي من ارتكب هذه الانتهاكات المزعومة، وحتى عندما قامت المنظمة الدولية برفع اسم التحالف، تحول الموضوع إلى البحث في إمكانية ممارسة الرياض ضغوطاً على بان كي مون لتغيير التقرير، وليس الخطأ الأساسي في المعلومات والمصادر. أيضاً كان من اللافت الاختراق الذي تعرضت له وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الذي تعمد القائمون عليه دسّ تصريح مزيف عن سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يتحدث عن تمويل المملكة لجزء كبير من تكاليف حملة المرشحة الديموقراطية للانتخابات الأميركية هيلاري كلينتون. الذي قام بهذا الاختراق ليس شخصاً واحداً بل منظومة متكاملة تتكون من تقنيين وسياسيين وصحفيين بل وخبراء محترفين على دراية بالقانون الأميركي الذي يجرّم حصول المرشحين على تمويل خارجي. هذا الخبر الذي تزامن مع زيارة الأمير محمد للولايات المتحدة لا يهدف إلى (الشوشرة) على الزيارة فقط بل على العلاقة بين الدولتين برمتها من خلال الزج ببلادنا في السباق الشرس ما بين المعسكرين الديمقراطي والجمهوري للوصول إلى البيت الأبيض. إنها معركة حقيقية بلا شجاعة ولا شرف تشنها دول وأنظمة تمتلك هذه المواصفات، لا تخفي حقدها وحرصها على الإساءة لنا، ولن تتوانى عن استغلال أي ثغرة لتحقيق ذلك، لذا لا بد من الاستعداد لهذه المواجهة من خلال إنشاء مركز رصد وتحليل لكل ما ينشر عن المملكة من أنباء ومعلومات لمساعدة صناع القرار على التجاوب والرد السريع على هذا النوع من الأخبار المسيسة المليئة بالكذب والتحريف الذي يتجاوز بكثير مسألة الخطأ وسوء الفهم.
مشاركة :