يشهد ريف حلب الجنوبي معارك طاحنة بين قوات النظام السوري والفصائل الحليفة له من جهة وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى، حيث تشير التقارير الى خسائر فادحة منيّ بها «حزب الله» جرّاء هذه المعارك، فهل هي نتيجة طبيعية نظراً الى غياب جيش النظام عن تلك المعركة، التي قاتل فيها بدلا عنه المليشيات الشيعية المختلفة، أم ان قوى المعارضة تمكنت من الانتقام منه في حلب؟، ماذا يحدث في حلب وكيف تمكنت المعارضة من سحق الحزب، وهل صحيح ان معركة حلب هي معركة إيران وليست معركة نظام الأسد، وإنها تسعى مع القوات الروسية لايجاد حزام يمنع الاتصال بين تركيا والثورة السورية؟. جيش الفتح ينتقم من الحرس الثوري الايراني و«حزب الله» يوضح العميد الركن والباحث في الشؤون العسكرية والسياسية نزار عبد القادر في تصريح لـ«اليوم» ان «جيش الفتح وعلى رأسه «جبهة النصرة» بدأ هجوماً مضاداً في ريف حلب الجنوبي منذ ثلاثة أشهر تقريباً وقد حقق بالواقع قبل أسابيع معدودة انتصاراً كان لابد ان يكون له تداعيات على باقي عناصر الجبهة في ريف حلب الجنوبي». وقال: في المرحلة الاولى ركز الهجوم على تل العيس وخان طومان وتمكنوا من احتلال هذين الموقعين المهمين بالرغم من كل الهجمات المضادة والتي نفذها النظام السوري ومعه «حزب الله» والحرس الثوري الايراني، فقد صمد مقاتلو المعارضة في هذين الموقعين واستطاعوا خلال الايام الستة الأخيرة من تطوير العملية الهجومية التي بدأوها في تل العيس وخان طومان لتشمل برنا وبعض القرى الاخرى مثل الخلصة ومتابعة الهجوم بإتجاه بلدة الحاضر والتي تعتبر مقراً استراتجياً حيث تشكل القاعدة الاساسية للقوى الايرانية في منطقة ريف حلب الجنوبي». واعتبر عبد القادر أن المعركة تؤشر الى أهمية هذا الريف الجنوبي وسيطرته على الطريق السريع الذي يصل دمشق بحمص وحماه وحلب فعندما يقطع هذا الطريق فإن القوات السورية الموجودة في حلب أو في شمالها تكون قد خسرت خط التواصل وتمويلها الاساسي لها مع دمشق هذا أولاً. وثانياً يبدو ان المعارضة ارادت ان تثبت قدرتها على مواجهة الحرس الثوري الايراني و«حزب الله» والمليشيات الايرانية الأخرى مثل الافغانية وغيرها في هذه المنطقة لأن هذه العمليات هنا، القوة الاساسية لها هي القوة التابعة لإيران بمن فيها «حزب الله» وبوجود النظام وكانت هذه القوى قد حققت النتائج في هذه المنطقة بالأساس انطلاقاً من الدعم الكثيف الذي قدمته القوات الجوية الروسية، لذلك هذا الهجوم الكبير والمتواصل منذ أكثر من ثلاثة شهور ومع النتائج التي حققتها قوى جيش الفتح وفصيلها الاساسي «النصرة» يؤشر الى تحوّل أساسي في الحرب في هذه المنطقة. هجوم صاعق ومفاجئ ولفت الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية الى ان «قوات جيش الفتح والفصائل المنضوية تحت هذا المسمى استطاعت أن تستوعب صدمة الهجوم الروسي وان تتعامل معه بفعالية وان تنطلق من عمليات التمويه والاختفاء والحماية من القذف الى عملية هجومية مع كل ما يعرضها ذلك الى الانكشاف من الجو، وهذا الموضوع مهم جدا من الناحية العسكرية». وعزا العميد نزار أسباب المعركة الى ان «قوى جيش الفتح ارادت الانتقام من الحرس الثوري الايراني ومن «حزب الله» ومن الميليشيات التابعة لإيران حيث استطاعت أن تكبدها خسائر فادحة، وهناك قبل ان نتحدث عن الخسائر الاخيرة التي منيّ بها «حزب الله» فقد مني كذلك الحرس الثوري الايراني خلال هذه المعارك بخسائر ضخمة هي أكبر بكثير من خسائر «حزب الله»، وهذا ما دفع القيادة الايرانية الى سحب جزء كبير من قواتها بعد الخسائر الضخمة التي تعرضت لها في منطقة ريف حلب الجنوبي، لهذا نحن نتحدث عن تطور جديد ومهم، واهمية هذه المنطقة بالنسبة الى جبهة النصرة وفصائل المعارضة المنضوية تحت جيش الفتح هي ان هذه النقطة تعتبر المفتاح الاساسي في اتجاهين في مدينة حلب وريفها الشمالي من جهة وفي اتجاه محافظة ادلب وعمق المحافظة، لأن الطريق السريع دمشق ـ حلب ينحرف غرباً ليمر ضمن محافظة ادلب من ثم يلتف للدخول من جديد في محافظة حلب لهذا تعتبرالمعركة مهمة جداً». واضاف: «حزب الله كما يبدو وفقاً لآخر التقارير قد واجه بالفعل هجمات قاسية جداً وهذا ما تؤشر اليه الاعداد التي تحدث عنها المرصد السوري والذي وضعها في حدود 25 قتيلاً في معركة واحدة، وكما تحدث عن أسرى وعناصر مفقودين وهذا يؤكد على ان الهجوم لم يكن موضعياً ولكنه كان في رقعة واسعة من الارض كما ان الهجوم كان صاعقاً ومفاجئاً ومدمراً وزاد: «لهذا اعتقد أن هذا التطور مهم ويؤشر الى شيء أساسي، ألا وهو ان من يعتقد بأن روسيا ومعها إيران قادرتان على تدمير الثورة السورية وإعادة تأهيل النظام لاحتلال حلب ومن ثم الانتقال يكون باتجاه محافظة ادلب قد يكون فيها الكثير من التسرع والكثير من عدم المعرفة لمجريات الحروب من النوع التي تقاد في سوريا». خسائر فادحة للنظام وحلفائه برغم الفارق العسكري من جانبه اكد الباحث في شؤون سوريا والشرق الاوسط الدكتور فادي أحمر في تصريح للصحيفة ان هناك سيطرة أكبر للمعارضة منذ أن بدأت الحرب وذلك لكون حلب بأغلبيتها سنية على الرغم من ان قسم منهم نزح بإتجاه المناطق الساحلية، وبالتالي فهي بغالبيتها ضد النظام السوري، وهناك ناحية عسكرية بحتة كون حلب بعيدة عن المركز التابع للنظام و«حزب الله» وهي الشام، لهذا فان حدوث معارك في مناطق حلب بالنسبة الى النظام و«حزب الله» تكبده خسائر كون امتداد هذه القوى ان كان دعمها بالعتاد او العناصر البشرية او جلاء الجرحى والمصابين عملية اصعب عليه من مناطق أخرى كونها جغرافياً بعيدة عن حلب. وقال الدكتور فادي: «منذ حوالي السنة كان من المتوقع منذ أن تمت السيطرة على البلدتين الشيعيتين كانت اجواء النظام السوري انه بعد اسبوعين او ثلاثة سيتم السيطرة على حلب وكنت أشكك بهذا الموضوع للأسباب العسكرية والجغرافية التي لها علاقة بالعمليات العسكرية وهذه الاسباب لا تزال قائمة، لأنه اذا نظرنا للمعارضة فإننا سنجد أن خلفيتها الداعمة لها تركيا اقرب لها حلب، لهذا تكون المعارضة اقوى في حلب بالرغم من الفارق العسكري الكبير بين النظام والمعارضة، وعندما نقول النظام، نقصد كل الحلفاء له ان كان الحرس الثوري الايراني و«حزب الله» على ارض المعركة او روسيا في الجو، ولا يمكننا أن ننسى الخسائر التي تكبدها بالرغم من الفارق الكبير جداً في الميزان العسكري».
مشاركة :