ما إن أقر مجلس الوزراء برنامج الدعم الإسكاني قبل ثلاثة أسابيع، حتى بدأت فعلياً حالة الترقب التي بدأت بوادرها مع ظهور نتائج جهود وزارة الإسكان في برامجها المختلفة على مدى العام الماضي، فيما سادت هذه الحالة توقعات بانخفاض أسعار الأراضي حتى 50%، إلى جانب التنبؤ بنزول أسعار إيجارات المنازل تدريجياً. وبحسب خبراء عقاريين تحدثوا لـالوطن عن الوضع الحالي للقطاع العقاري، فقد أوجدت الموافقة على برنامج الدعم الإسكاني، حالة من الترقب لملاك العقار والأراضي من جهة، فيما بدأت بوادر الإحجام عن الشراء من المستفيدين من هذه الآلية من المواطنين من جهة أخرى. انخفاض الأراضي وتوقع رئيس التثمين العقاري بالغرفة التجارية الصناعية بجدة عبدالله الأحمري لـالوطن، أن يؤدي إقرار آلية الاستحقاق والأولوية لبرنامج الدعم السكني لانخفاض مباشر لأسعار المخططات الخارجة عن النطاق العمراني وغير المخدومة بنسبة تصل إلى 50% من أسعارها السابقة، مرجعاً السبب في ذلك إلى أن هذه الأراضي كانت بيئة خصبة للمضاربة من قبل مجموعة من سماسرة العقار لتقديمها إلى التثمين العقاري قبل أن يأتي قرار إعفاء المواطن بطلب القرض بأرض. وأشار الأحمري إلى أن العقار كان يمر بفترة ترقب لصدور هذه الآلية، حيث توقفت المبيعات في المخططات التي بداخل النطاق العمراني بنسبة 40%، متوقعا أن تأخذ الأسعار في سوق العقار منحى النزول التدريجي خلال الخمس سنوات القادمة بداية من 5% حتى تصل في أقصى انخفاض لها إلى 30% عن الأسعار الحالية، ملمحا إلى أن عملية شراء العمائر التي كانت معدة للبيع مسبقا عند بنائها ستتحول إلى التأجير لأن عملية الشراء ستكون بطيئة بالنسبة لهذه المباني، وذلك لما يشهده السوق من حالة ترقب واتجاه للحصول على ما تقدمه وزارة الإسكان حاليا. تأثير حقيقي من جهته، يرى الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن آلية الاستحقاق والأولوية لبرنامج الدعم السكني راعت بشكل كبير الأكثر حاجة في المجتمع إلا أنها تحتاج إلى مراجعة في بعض الشروط ومنها عدم أهلية الأسرة التي يكون أحد الأبناء فيها مالكا لمنزل، فهذا الشرط يحجب الاستحقاق عن رب الأسرة، خاصة وأن أبناء هذا العصر يعيشون باستقلالية تامة ولا يتحملون أعباء الإعالة كما كانت الأسر قديما. وعن التأثير الاقتصادي المباشر على سوق العقار بعد إقرار الآلية ألمح البو عينين إلى أنه ليس هناك من تأثير مباشر على السوق إنما التأثير الحقيقي سيأتي من دخول الوحدات السكنية السوق، فزيادة عرض الوحدات السكنية يؤدي إلى الضغط على الأسعار مما سيؤدي إلى الانخفاض في الأسعار نتيجة زيادة المعروض. وأكد البوعينين على أن تركيز الناس حاليا منصب تجاه وقت توزيع الوحدات السكنية خلال ثمانية أشهر حسب تصريح وزير الإسكان، معتبراً أن هذا التصريح سيؤدي إلى إحجام المستفيدين من هذه الآلية الجديدة من الشراء وهذا سيؤثر في حجم الطلب. وأوضح البوعينين أن الجديد والمتميز في الآلية الجديدة أنها ستبقي على قائمة صندوق التنمية العقارية دون تغيير، مبدياً أمله في أن يحصل المستحقون للقروض العقارية ممن لا يمتلكون الأرض، على أراض مطورة من وزارة الإسكان لتطبيق القرض عليها، مشيراً إلى الحاجة إلى دعم ميزانية صندوق التنمية العقارية مما يساعد في تلبية طلبات المستحقين على قائمة الانتظار. منافسة حرة أما الأكاديمي الاقتصادي بجامعة المللك عبدالعزيز بجدة حبيب الله محمد التركستاني فقال إنه لا يجب أن تأخذ حلولنا صفة الاستعجال دون تبصر ودون تدبر لأن قضية الإسراع قد تسبب التعطل والتأخير، مضيفا أن السوق يأخذ مجراه حسب العرض والطلب متى ما كانت هناك منافسة حرة، بعيداً عن الاحتكار الذي يضر السوق. وأكد التركستاني على أن آلية الاستحقاق والأولوية لبرنامج الدعم السكني التي تم الإعلان عنها ستؤدي بعد توزيع المنازل والأراضي إلى رفع دخل الفرد، حيث سيتحول الفرد إلى مالك لمنزل، مستثمرا جزءا من دخله في دفع أقساط للتملك وليس للإيجار، مضيفاً: فالعائد هنا مجد، والمهم أن تؤدي عملية توزيع هذه المساكن إلى نتائج بحيث لا يكون فيها ضعف في التنفيذ وأن تكون ذات استمرارية وعدالة تحقق مطالب المسؤولين بأن يكون لكل مواطن منزل. الأموال المجمدة وقال التركستاني إن بقاء الأموال مجمدة في الأراضي وفي العقار جراء الاحتكار أضعف الإنتاجية وزاد في البطالة لأن الأموال لم تستثمر من قبل كثير من التجار في الصناعات أو الاستثمارات التي لها عائد على الإنتاج إنما بقيت في حال تجمد في سوق العقار. انخفاض الإيجارات وبالعودة إلى الأحمري فقد أكد أن عملية التصحيح للعمالة المخالفة أدت إلى انخفاض في الإيجارات بالنسبة للأحياء الشعبية والمتوسطة جراء وجود وحدات سكنية شاغرة لخروج كثير من العمالة المخالفة منها، مشيرا إلى أن نسبة الانخفاض وصلت إلى 15%، موضحاً أن آلية الاستحقاق تحتاج إلى تفسير أكثر، مضيفاً: لدينا أزمة تضخم في الأسعار وليس لدينا أزمة سكن، فمكونات السكن جميعها موجودة من الأراضي والإمكانات. وأخيراً، اعتبر فضل البوعينين أن قطاع الإسكان في حاجة ماسة إلى ضخ وحدات سكنية بشكل عاجل، بحيث يكون التركيز الأكبر على الوحدات السكنية المستهدفة، مضيفاً: حتى الآن يعتبر حجم الإنجاز متواضعا مقارنة بالإمكانيات المالية، مشيراً إلى أن الأمر الأكثر جدوى الآن هو التركيز من قبل وزارة الإسكان على جانب الإنشاءات بدلا من الجوانب الأخرى.
مشاركة :