تطارد القوات العراقية الإرهابيين في بعض أحياء الفلوجة، فيما تكدس آلاف النازحين في مخيمات مكتظة حول المدينة، فبعد شهر على بدء الهجوم على معقل «داعش»، فاق التقدم العسكري الميداني التوقعات، وكذلك حجم الأزمة الإنسانية الناجمة عنه. وأعلن قائد العمليات الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، أن «الأحياء الشمالية ووسط الفلوجة تم تطهيرهما بشكل شبه كامل من داعش». وتابع: «لم يتبق إلا القليل من أحياء المعلمين والجولان». ولفت إلى «وجود جماعات إرهابية، وهناك مقاومة، ونحن نتصدى وقتلنا العديد منهم». وتلعب قوات مكافحة الإرهاب دوراً بارزاً في العمليات إلى جانب قوات الجيش والشرطة الاتحادية وأخرى موالية، بدعم من طيران التحالف الدولي لاستعادة السيطرة على المدينة. وفرضت قوات الأمن و «الحشد الشعبي»، حصاراً حول الفلوجة استمر شهوراً قبل اقتحامها. وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في 17 حزيران (يونيو) السيطرة على مركز المدينة ورفع العلم الوطني على مباني المجمع الحكومي، مشيراً إلى استمرار وجود جيوب مقاومة صغيرة. وقال الساعدي وقادة أمنيون في وقت سابق إن القوات الأمنية تسيطر على نحو 70 في المئة من المدينة. لكن كريستوفر غارنر، الناطق باسم قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أعلن الثلثاء تطهير ثلث المدينة فقط، وفقاً لمعايير القوات الأميركية. يذكر أن القوات الأميركية خاصت معارك ضارية عام 2004 ضد مجموعات في الفلوجة كبدتها خسائر اعتبرت بين الأسوأ منذ حرب فيتنام، على رغم تفوق الجيش الأميركي عددياً وتكنولوجياً. ورجحت التوقعات أن يبدي الإرهابيون مقاومة شرسة دفاعاً عن معقلهم الذي يسيطرون عليه منذ أكثر من عامين. لكن القوات العراقية استطاعت اختراق دفاعاتهم وفرض سيطرتها بسرعة على عدد كبير من أحياء المدينة. وفي ظل المواجهات، فر عشرات آلاف المدنيين الذين عانوا من الجوع تحت الحصار، فيما خضعوا لسيطرة «داعش»، واستقروا في مخيمات عشوائية. لكن التوافد الكثيف للعائلات باغت وكالات الإغاثة وأقرت منظمات تقدم المساعدات بالتقصير. وقال رئيس فرع العراق للمجلس النروجي للاجئين نصر مفلاحي: «علينا الإقرار بأن مجتمع المساعدات الإنسانية خيب آمال الشعب العراقي»، وأضاف «هناك تقصير خطير في التمويل، لكن عدم وجود مزيد من الوكالات الإنسانية التي تقدم مساعدات لسكان الفلوجة لا مبرر له». ومع اكتظاظ المخيمات الموجودة، بدأت إقامة مخيمات أخرى، لكن العائلات التي نزحت حديثاً تصل فلا تجد أسرّة للنوم أو أغطية أو حتى غذاء أو ماء. في أحد مخيمات الخالدية على ضفة بحيرة الحبانية غرب الفلوجة، اضطرت امرأة وأطفالها الثلاثة الى مشاركة فراشين مع عشرة أشخاص آخرين. وقالت: «ليس لدينا شيء هنا، فقط الملابس التي نرتديها. طفلي البالغ أربعة أشهر مريض وليس لدي ما يكفيه من الحليب ولا يوجد حليب مجفف في المخيم». ونزح أكثر من 80 ألف شخص منذ بدء عملية استعادة الفلوجة، وأصبح عدد النازحين في العراق 3,3 ملايين شخص بسبب النزاعات منذ مطلع 2014. نصف هؤلاء تقريباً من محافظة الأنبار الشاسعة التي تقع في قلب «الخلافة» التي أعلنها «داعش» في مناطق واسعة في سورية والعراق قبل عامين.
مشاركة :