إستراتيجية النفوذ العسكري الإيراني في العراق

  • 6/26/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن أحكمت إيران سيطرتها على القرار السياسي والتغلغل إلى عمق الاقتصاد في العراق، استطاعت من خلال ذلك أن تمدد نفوذها لتصل إلى فرض وجودها العسكري للسيطرة على القرار الأمني، من خلال إنشاء مجاميع مسلحة خارج نطاق الدولة العراقية. حققت إيران نجاحاً باهراً من خلال تسويق فتاواها الدينية بضرورة إنشاء مجاميع مسلحة، تتخذ من الحماية والدفاع عن الأماكن المقدسة ذريعة لوجودها، في الوقت الذي خسر فيه العراق أكثر من نصف ثروته على بناء جيش عراقي هدفه حماية الأرواح والممتلكات والمقدسات وحدود البلد، لكن بناء جيش عراقي قوي لا يخدم مصلحة المشروع الإيراني الذي يؤمن بالوجود العسكري الموالي له داخل أزقة جميع المدن العراقية. إيران هي من سوقت لفكرة ضعف الجيش العراقي وتخاذله عن حماية أراضيه، مما جعل الجندي العراقي تنعدم ثقته بنفسه، ومن ساعد إيران على تسويق هذه الفكرة هم المكون السني -من حيث لا يعلمون- بسبب تهجمهم المستمر على الجيش العراقي ونعته بأبشع الأوصاف -بغض النظر عن الأفعال السلبية التي تصدر من بعض عناصر الجيش- مما شرعن فكرة وجوب إنشاء المليشيات التي أصبحت لها الكلمة الفصل بحجة مساندة قوى الأمن العراقية في جميع أنحاء العراق، باستثناء إقليم كوردستان.. وهذه المليشيات التي تشكلت بتوجيه إيراني وتسليح عراقي مناصفة مع تسليح قوى الأمن العراقية، أصبحت تابعة لرموز العملية السياسية وكل سياسي لديه مليشيا مقدسة تحميه وتحمي فساده وحزبه باسم الدفاع عن العراق، والتي تجاوز عددها أكثر من 100 فصيل مسلح يمتلكون مسميات دينية مختلفة ومقرات رسمية، وعناصر تلك المليشيات يحملون هويات تعريفية تثبت انتماءاتهم التي هي خارج إطار القانون والدستور، ويرفعون شعارات سياسية و"غير ذلك" في العاصمة العراقية بغداد، بحسب تصريح رسمي جاء على لسان رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي. الشعارات السياسية التي ترفعها تلك الفصائل المسلحة و"التي صنفها الدستور العراقي على أنها مليشيات خارج نطاق الدولة"، هي استغلال الخلافات السياسية لافتعال الفتن السياسية لصالح الجهات التي يعملون من أجلها.. إما أحزاب أو شخصيات. الشعارات الـ"غير ذلك" التي لم يستطع رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي تسميتها حرصاً على عدم خسارته لمنصبه، هي شعارات ذات طابع طائفي بحت تتخذ من الاختلاف المذهبي منطلقاً لها، وتعمل هذه الشعارات الطائفية التي تروج لها تلك المليشيات على تأجيج الشارع العراقي لافتعال حرب طائفية، المنتصر فيها من الطبيعي تكون تلك المليشيات؛ كونها تمتلك العدة والعدد، والضحية المواطن العراقي مهما كان انتماؤه أو طائفته. "فالطائفية السياسية المقيتة في العراق لم تأتِ من فراغ، ولا كان الاختلاف الفكري بين المذاهب الإسلامية جوهرها، بل كان لديها دائماً ما تستند إليه من فتاوى". وصل الأمر الى تجاوز إيران مسألة الانتماء الطائفي في تنفيذ مشروعها بالعراق عبر أدوات مختلفة من خلال صناعة رموز سنية، قدمت لهم الدعم السياسي لتولي أعلى المناصب وتهيئتهم لتشكيل مجاميع مسلحة بنفس الحجج السابقة، إضافةً الى تجاوزها الديانة كذلك من خلال دعم إنشاء فصائل مسلحة ذات انتماء ووجود مسيحي على أرض العراق. للأسف بعض العراقيين محدودي الفكر يتهيأ لهم أن إيران تساعد العراق في حربه ضد داعش، الحقيقة أن إيران تساعد المليشيات الموالية لها على إحكام سيطرتها على أكبر مساحة من أرض العراق، ويتم هذا الدعم العسكري من خلال خبراء إيرانيين متمرسين على حرب العصابات والمدن، مما جعل العراق خط الدفاع والهجوم الأول لدى إيران بعد ما كان حامي البوابة الشرقية للوطن العربي. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :