موضوعية النابلسي وعبده - مقالات

  • 6/29/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدين الإسلامي منهج موضوعي، كلمة ذكرها الدكتور محمد راتب النابلسي في إحدى محاضراته، وفسّرها بقوله إن تعاليم الإسلام لو طبقها غير المسلمين، لنظمت حياتهم، حيث إن تلك التعاليم موضوعية، وهذا يعني نجاحها في إدارة شؤون الناس وبأي فكر يدينون. وليعذرني الدكتور الفاضل الذي لا تَخْفى إبداعاته ولا جمال حجته ولا فائدة أحاديثه، في عدم قبول هذا الرأي. فقواعد الإسلام ليست دستوراً منظماً لحياة البشر فحسب، وهي أيضا ليست خلاصة لتجارب إنسانية ترشدهم إلى أفضل السبل لإدارة شؤون دنياهم، ولو كانت كذلك لربما صدق عليها القول انها منهج موضوعي يمكن تطبيقها على من نشاء من البشر أو المجتمعات أو الدول، فتؤتي أكلها في تحقيق المساواة والعدل والحريّة، كما فعلتها النظم الليبرالية الحديثة، في ظاهرها، والتي هي خلاصة تجارب الإنسان لإدارة شؤونه بنفسه. الإسلام خاتم الأديان ومنتهى التعاليم الربانية، لا يمكن فصل منهجه العملي عن قدسية روحه ورحمة مشاعره، فالعدالة المجردة قد تُنتج شعوبا ظاهرها النجاح، ولكن قد تُخفى بشراً يهرولون من أجل لحظة أمان أو ساعة صفاء، والمساواة المجردة قد تبدو من بعيد أنها وسيلة لتقارب الأنفس ولكنها عن قرب تكشف أنها مجرد تعابير تنتهي عادة بالطبقية والتميز الذي هو شائع في دول الغرب. إن جمال الإسلام هو المزج المتزن بين المادة والنفس والعقل، فالعدالة فيه لا تنفصل عن الرحمة، والمساواة لا يمكن تجريدها من القدرات البدنية والعقلية. من هنا اهتم الدين الإسلامي أولاً بالتوحيد وإخلاص المعتقد لأنه البنية الأساسية لتعاليم الإسلام ومن دونها يفتقد المنهج طاقته الإبداعية وينتهي الأمر به، أي بالمنهج، إلى أن يصبح مجرد أدوات تقطع الشجر من دون هدف واضح أو مسار صحيح وقد ينتهي الأمر إلى إصابة حامل المنشار. إن الإسلام ليس منهجاً موضوعياً بل هو منهج محمول على قواعد أخلاقية ومبادئ ربانية تتفاعل مع بعضها بتوازن دقيق لا ينجح أحد عناصرها دون الآخر، ولعل الدكتور النابلسي قال مقولته متأثرا بالكلمة التي نُقلت عن الشيخ محمد عبده - رحمه الله - حين زار الغرب، فقال «رأيت الإسلام ولم أرَ مسلمين». وفي بلاد الإسلام يقال إنه قال «رأيت المسلمين ولم أرَ الإسلام». وقد تناقل الناس هذه الجملة جيلا بعد جيل من دون تمحيص ولا تدقيق رغم أنها تعكس مفهوما مادياً أو موضوعياً حول النظرة للإسلام. إن الدين الإسلامي لا يوجد في أرض من دون مسلمين، والمسلمون لا يستحقون هذا اللقب من دون الإسلام. ويكفي في كل ما قلناه حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم»، رواه مسلم. kalsalehdr@hotmail.com

مشاركة :