تستعد مصارف في سويسرا أصغر حجماً من مصرفي «يو بي أس» و «كريدي سويس» المسيطرين حالياً على السيناريو المالي المصرفي، لتغيير ملامح هذا السيناريو مستقبلاً. ويتصدّر مصرف «بوست فاينناس» السويسري المركز الأول على صعيد الصفقات التجارية المنفّذة عبر الانترنت. فيما أضحت تنافسية مصرف «رايفايسن» قوية في قطاع القروض العقارية الذي يستمر مصرف كانتون زوريخ «زورشر كانتونبنك» في الاحتفاظ بالمرتبة الأولى فيه محلياً. وفي ما يتعلق بالقروض الشخصية، باشرت المصارف الصغيرة ومن ضمنها مصرف «بوست فاينناس» طرح عروض صغيرة الحجم في الأسواق الاستهلاكية. لكن الخبراء المحليين يعتبرونها مبادرة تنافسية مع المصارف الكبرى، من شأنها تحقيق رضى آلاف الزبائن، وهي تقنية صُممت لاستقطاب الزبائن والمعروفة باسم «فيديليزيشن». في النصف الأول من العام الماضي، وصلت القيمة الإجمالية للصفقات التجارية الصغيرة التي نُفّذ منها أكثر 90 في المئة عبر الانترنت في مصرف «بوست فينانس»، إلى 471 مليون فرنك سويسري. فيما تخطّت القروض الشخصية التي وزعها مصرف «رايفايسن» 520 مليون فرنك في الشهور التسعة الأولى من عام 2013. وفي الربع الثاني منه، تجاوزت القروض الشخصية الموزعة من «بوست فينانس» 700 مليون فرنك. وفي موازاة رفع «يو بي أس» و «كريدي سويس» رأس المال التشغيلي في كل منهما بنسبة 19 في المئة، زاد مصرف «بوست فينانس» رأس ماله التشغيلي 13.6، و «رايفايسن» 14.4 في المئة. وعلى رغم النشاط المحقق في المصارف الصغيرة في سويسرا، إلاّ أن وكالات التصنيف الأميركية «تضمر كرهاً غير مبرر لها» وفق الخبراء المصرفيين السويسريين. إذ خفّضت «موديز» مثلاً، تصنيف مصرف «رايفايسن» السويسري الائتماني من «أأ2» إلى «أأ3»، على رغم نمو نشاط الإقراض العقاري فيه بنسبة 7.6 في المئة سنوياً منذ العام 2007، إلاّ أن «موديز» ترى طابع اللاشفافية وعدم الصدقية في أعمال هذا المصرف. ومع ذلك، يستأثر مصرف «رايفايسن» بأكثر من 16 في المئة من أسواق القروض العقارية في سويسرا وتبلغ محفظته 140 بليون فرنك سويسري. أما مصرف «بوست فينانس» فحصل على رخصة مالية متكاملة من السلطات المالية التنظيمية «فينما» في حزيران (يونيو) الماضي، وهو يحتل المرتبة الأولى سويسرياً في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد مطيحاً بخدمات كل المصارف السويسرية الكبرى. ويتعامل مع هذا المصرف 2.93 مليون زبون فضلاً عن حسابات مصرفية دولية يُقدر عددها بـ 4.59 مليون. أما بالنسبة إلى القروض المصرفية العقارية، فهو يتعاون مع شركاء له بما أنه يتمتع بخبرات غير ناضجة بالكامل بعد. وعلى رغم ذلك بلغت قيمة القروض 4.3 بليون فرنك، في حين تخطت قيمة الأصول التي يديرها 120 بليون فرنك. لا شك في أن توسع أعمال المصارف السويسرية الصغيرة يقلق الإدارة الأميركية، إذ لا تملك فروعاً لها في أميركا، ما يعني أن سلطات جباية الضرائب الأميركية غير قادرة على تغريمها أو «ابتزازها»، على غرار ما يحصل مع المصارف السويسرية الكبرى، بهدف فضح أسماء الزبائن الأميركيين الأغنياء لديها.
مشاركة :