ترجمت الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجزائية المتخصصة أخيرا بحق عدد من المتهمين في قضايا الإرهاب وأمن الدولة، مبدأ تقدير مبادرة أي متهم في التراجع عن الخطأ والعودة للصواب وتسليم نفسه طواعية للجهات الأمنية. وفيما جاءت أحكام عدة متضمنة تخفيف العقوبة بعد النظر في ندم عدد من المدعى عليهم وما أظهروه من رغبة وعزم في تصحيح المسار، أكدت المحكمة أن ذلك له أثر في تقرير العقوبة، مما يعني تنفيذا واقعيا لمبادرة تراجع كل مطلوب أو مغرر به داخل المملكة أو خارجها أو منتم لأي من التنظيمات أو الأحزاب أو التيارات أو الجماعات الإرهابية. وكانت وزارة الداخلية في كافة بياناتها الصادرة المتعلقة بالأحداث الأمنية والإرهابية وقوائم المطلوبين، تدعو كل مطلوب المبادرة بتسليم نفسه للسلطات الأمنية، مشددة على أخذ مبادرة التسليم في عين الاعتبار. وحسب ما رصدته «عكاظ» أخيرا من أحكام أصدرتها المحكمة الجزائية المتخصصة بحق عدد من المتهمين في قضايا الإرهاب منذ بداية شهر رمضان فقد تم صدور أربعة أحكام مخففة بحق مدانين في قضايا إرهابية متعلقة بالسفر لسورية للمشاركة في القتال الدائر هناك، والتستر على منسقين للسفر لسورية، والتمويل المادي للراغبين في الخروج لمناطق الصراع. وقد أعلن قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة في أحكامهم ضد المدانين الأربعة (ثلاثة مواطنين وبنغلاديشي) أنه تم الأخذ في الاعتبار مبادرتهم بالعودة للسعودية والتعاون مع الجهات المعنية. وحصل أحدهم (مواطن) على حكم مخفف بالسجن 10 أشهر لتواصله عبر برنامج التواصل (واتسأب) مع شقيقه الموجود في سورية وتلقيه منه خبر تنقله بين عدد من الفصائل والجماعات وانضمامه لما يسمى بحركة الفجر والمهاجرين. وأكد القاضي أثناء نطقه بالحكم بأنه راعى ما ظهر من حال المدعى عليه في جلسات المرافعة وما جاء في جوابه من إقراره بخطأ على ما أقدم عليه، وما ذكر من مساهمة في حث شقيقه للعودة إلى الوطن وترك القتال وتقديم البلاغ للجهة المختصة فور علمه باستخدام شقيقه لجواز سفره. وتضمن حكم آخر تخفيف العقوبة التي قضت بالسجن ست سنوات لمواطن كان ضمن كتائب تابعة لتنظيم داعش الإرهابي عاد إلى السعودية من تلقاء نفسه وبدا ندمه وعزمه على تصحيح المسار، مما كان له أثر في تقرير العقوبة عليه، رغم إدانته بافتياته على ولي الأمر من خلال سفره إلى سورية عن طريق تركيا وانضمامه لإحدى الكتائب التابعة لتنظيم داعش الإرهابي هناك، وتدربه في أحد المعسكرات على الأسلحة ومساعدته أحد رفاقه من خلال تكفله بخروجه معه إلى سورية وتفريطه في جواز سفره وبطاقته الشخصية وما نتج عن ذلك من فقدهما. واستفاد مدان وافد (بنغلاديشي) من حكم التخفيف بعدما أبدى ندمه وعزمه على تصحيح مساره، بعدما قدم للمملكة بتأشيرة عمرة وشروعه في الخروج من المملكة عبر عرعر للالتحاق بالتنظيم الإرهابي. وسبب القاضي في نص حكمه بأنه لا فائدة مرجوة من إطالة سجنه ما دام سيبعد عن المملكة اتقاء لشره، واكتفى بسجنه أربع سنوات وإبعاده من المملكة. وأخذ قاض آخر مبادرة مواطن بالعودة للسعودية من تلقاء نفسه بعدما تبين له خطأ فعله عند ذهابه لسورية لغرض المشاركة في القتال الدائر هناك، وعودته دون أن يشارك في أي قتال، إذ حكم عليه بسجنه ثلاث سنوات مع وقف تنفيذ سنة من عقوبة السجن.
مشاركة :