عذر أقبح من ذنب

  • 7/5/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحارب الجميع لتثبت لنفسها وللآخرين بأنها صاحبة فكر عميق، قادرة على أن تصنع الفارق في مجتمع يعشق الاختلاف والتميز، ومن خلال مشاركاتها وطاقتها الإيجابية نجحت في أن تصبح سيدة أعمال ناجحة في مجتمعها، فهي إنسانة مثابرة مفعمة بالحيوية والنشاط، ولكن تتبدد راحة البال بمجرد تعرُّفها على سيدة غريبة الأطوار تدخل حياتها باسم صديقة، فتزعزع استقرارها الداخلي وتسبب لها القلق النفسي، وذلك بسبب الطيبة الزائدة. مما لا شك فيه أن طيبة القلب والرحمة من أنبل الخصال على وجه الإطلاق، ولكن للأسف إذا زادت هذه الطيبة عن الحد المعقول ستتحول في كثير من الأحيان إلى سذاجة، لأنه يتم فيه فتح باب الاستغلال على مصراعيه أمام الأصدقاء السلبيين الذين لا يتهاونون للحظة في التحكم أو إطلاق الكلمات الجارحة. لا شك أن الحاجة إلى صديق حاجة ضرورية نفسية في حياة الإنسان الاجتماعي الذي يسعى إلى تكوين الصداقات التي تحقق له الغرض من وجوده، فمهما علا شأنه وارتفعت مكانته في المجتمع يبقى ضعيفاً إذا اكتفى بنفسه دون الأصدقاء، فهو في أمس الحاجة إلى من يسمع إليه، ويشكو همّه ليخفف عليه منغصات الحياة، وفي الوقت ذاته يكون له عوناً لتستمر الحياة بالعلاقات الراقية والسوية. ما أحب أرد حد، كسرت خاطري والله عبارات مدمرة للناجحين لأنها تعيقهم عن الاستمرار في مسار النجاح بتحقيق الأهداف. فعقل الإنسان قابل للتأثر بالبيئة التي يعيش فيها وقابل أيضاً للتأثر بالناس التي يتعايش معها، ولو كان عقل الإنسان يعي خطورة تواجده مع بعض الأصدقاء السلبيين لرفض أن يعطيهم هذا القدر من الاهتمام والوقت. فقد يتعرض بعض الناجحين إلى سلوكيات مزعجة من بعض الأصدقاء السلبيين بسبب انشغالهم في صنع النجاح أو تطوير أنفسهم، فهل يستحقون كل هذا الجهد في التبرير والإرضاء، وهل هم أهلٌ لهذه الصداقة؟ لكي يصبح الصديق أهلاً لذلك من الضروري أن يستمع بقلبه وعقله ويكون معيناً له ليجتاز الأحزان والصعوبات، ويركز على الإيجابيات، ويوجهه إلى الطريق الصحيح لمواجهة الواقع، ومن الواجب عليه أيضاً أن يحرص على انتقاء الكلمة التي تزيده فرحاً وترسم الابتسامة على وجهه التي ترعى مشاعره وتقدره. الجليس المتشائم يسوِّد الدنيا في عينيك، والجليس المتفائل يهوّن عليك الصعاب، فأنت من يختار من يجالس. الصداقة الحقيقية أولاً هي صداقة الإنسان مع نفسه، فإذا أحب نفسه وقدر ذاته ولم يرخصها فلن يسمح لأي أحد أن يتجرأ على أن يشعره بالفشل والإخفاق. سامحيني على أسلوبي الجارح وأنتِ مريضة والله ما أعرف شو كان فيني عبارة لتضمد جرحاً آخر، عذر أقبح من ذنب.

مشاركة :