«جبهة النصرة» تقضم الفصائل المعتدلة تدريجيًا لإقصائها من إدلب

  • 7/5/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رسم هجوم «جبهة النصرة» الأخير على «جيش التحرير» واعتقال قائده، ملامح العلاقة بين فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والفصائل العسكرية المعتدلة التي يقضمها التنظيم تدريجيًا في ريف إدلب، مستغلة انشغال فصائل الجيش السوري الحر بالجبهات العسكرية ضد النظام في شمال البلاد. وتتبع «النصرة» سياسة «القضم البطيء والتدريجي» للفصائل المعتدلة، بحسب ما يقول مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، إذ أقصت الفصائل الكبيرة خلال هجمات واسعة أدت إلى القضاء على «حركة حزم» التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ويقاتل في صفوفها نحو 15 ألف مقاتل، كما أقصت الفصيل المعتدل الأكبر «جبهة ثوار سوريا» التي كان يتزعمها جمال معروف، والمدعومة من دول إقليمية ودولية. وبعد ذلك، بدأ «النصرة» بقضم الفصائل الصغيرة التي كانت تعد بالمئات، قبل إطلاق عملية قضم الفصائل المتوسطة التي تقاتل إلى جانبهم في بعض المعارك، ويتراوح عددها بين 1500 و5 آلاف مقاتل، وتصنف في خانة الفصائل المعتدلة، وكان آخرها «جيش التحرير» الذي يعتبر من أبرز الفصائل المعتدلة في الشمال، والمدعومة من غرفة عمليات الموك (تترأسها الولايات المتحدة مع مجموعة من دول أصدقاء الشعب السوري التي تتواصل فيها بشكل مباشر مع فصائل الجيش الحر)، وتقاتل الآن إلى جانب فصائل من جيش الفتح المتحالف مع النصرة، في معارك ريف اللاذقية الشمالي ضد قوات النظام السوري. وتعزز تلك الوقائع الشكوك حول اتجاه «جبهة النصرة» لإنشاء كيانها في الشمال، وإقصاء كل المعتدلين والمنافسين لها. وقال المعارض السوري البارز عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، إن شكل العلاقة مع الفصائل المعتدلة في المستقبل تظهره من خلال سلوكها في إدلب، حيث تسعى لأن تكون إدلب ركيزة لما يشبه الإمارة لتنظيم القاعدة في سوريا، لذا «تتحرك لإخراج الفصائل المنافسة لها من المنطقة بغرض توسيع مناطق نفوذها». وقال الحاج، وهو خبير في حركة الجماعات المتشددة، إن النصرة «تبدأ بقضم الفصائل الرخوة مثل فصائل الجيش السوري الحر التي لا تتمتع بقرار مركزي، وليس هناك من قوة تحميها ولا تحيط بها مظلة واسعة لمواجهة النصرة، كما أنه تسهل اتهامها بالذرائع التي توجهها النصرة لها عادة، مثل الكتائب العلمانية وغيرها، وذلك خلافًا للفصائل الإسلامية الكبيرة التي تتنافس معها النصرة، ويصعب اتهامها بالردة». وأشار إلى أن النصرة «تعمل وفق استراتيجية القضم البطيء والممنهج للجيش الحر، كونه يشكل للتنظيم منافسة في مناطق سيطرته». وأوضح الحاج أن منافسة الجيش الحر للنصرة في مناطق نفوذه، لا ينبثق عن القوة العسكرية، فحسب: «ففصائل الحر لها قاعدة شعبية كبيرة، وتعتبر الحاضنة الشعبية هي المنافس الأول للنصرة والمقلق لوجودها، وتمنع النصرة من التمدد وابتلاع الفصائل السورية، كما حصل في معرة النعمان حين حضن السكان الجيش الحر ومنعوا النصرة من إقصائهم»، في إشارة إلى هجوم النصرة على الناشطين المدنيين ومداهمة مقرات الفرقة 13 (جيش حر) في المدينة. وكانت النصرة هاجمت مقرات الفصائل المدعومة من الغرب، وبينها فصائل تلقت تدريب من الولايات المتحدة مثل الفرقة 30 والفرقة 31. وأقصتها عن المشهد العسكري في إدلب وريفها. وعادة ما تختار النصرة توقيتًا تكون فيها الفصائل العسكرية التي تنوي الانقضاض عليها، مشغولة في معارك عسكرية ضد النظام، فتستغل النصرة الوضع، ويهاجمها لعلمه بأن الفصائل المعتدلة الأخرى غير متوفرة عسكريًا للانشغال بصراعات داخلية. ورأى الحاج أن استراتيجية النصرة «لا توفر أيًا من الفصائل العسكرية»، لافتًا إلى أنها «ستصل إلى حلفاء لها في الفصائل الإسلامية في وقت لاحق، وسيكون الصراع على الإدارة، هو عنوان الصراع مع النصرة التي لا تتردد بالقيام بعملية ممنهجة وبطيئة لتنفيذ عملية ضد الفصائل المتحالفة معها الآن على جبهات إدلب واللاذقية وغيرها». وكانت عناصر من «جبهة النصرة» اعتقلوا قائد جيش التحرير محمد عبد الحي الأحمد، إضافة لعناصر آخرين معه من منزله من مدينة كفرنبل في ريف إدلب مساء السبت، واستولوا على أسلحة الفصيل المدعوم أميركيًا عبر مهاجمة بعض مواقعه وحواجزه في شمال غربي سوريا. وتوصل الفصيلان إلى اتفاق على إيكال مهمة الفصل بينهما إلى لجنة تحكيم شرعية في المنطقة. وأعلن «جيش التحرير» في بيان له موافقته على المبادرة التي أصدرها أكثر من 40 قاضيا وعالما لحل الخلاف القائم بينه وبين «جبهة النصرة». وجاء في المبادرة أن اللجنة سيتم تشكيلها من سبعة أشخاص لحل الخلاف بين الفصيلين، على أن تنتظر اللجنة المقترحة قبول اللجنة الشرعية خلال مدة أقصاها 24 ساعة، حيث أعلن جيش التحرير قبوله على الفور. كما ناشد جيش التحرير في البيان الصادر عنه أعضاء المحكمة الشرعية العمل على إخراج القائد العام له محمد عبد الحي الأحمد من السجن لدى تنظيم جبهة النصرة.

مشاركة :