لماذا ينبغي ألا "ينوّم" تقرير تشيلكوت حرب العراق

  • 7/7/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

كارولين لوكاس، العضو في البرلمان البريطاني عن الحزب الأخضر ممثلة عن برايتون بافيليون اليوم يحتفل ملايين العراقيين بنهاية شهر رمضان الكريم، لكن بدلاً من أن يكون احتفالاً بالعيد ارتدت البلاد ثوب الحداد في أعقاب هجوم إرهابي دموي خلف 250 قتيلاً. من المعروف أن بريطانيا كان لها ضلع كبير في تحول العراق من حكم الدكتاتورية القمعي إلى دولة فاشلة ومرتع خصب للإرهاب. فبسبب حربنا لقي ما لا يقل عن 160 ألف شخص حتفهم، أي ما يوازي مقتل كل امرأة ورجل وطفل في بلدة بحجم كامبرديج. إن التفجير الدموي الرهيب في بغداد الأسبوع الماضي أظهر مدى استحكام الوحشية واستمراريتها في التخييم على أجواء البلاد حتى بعد عقد كامل من زعم بوش القائل أن غزونا سوف "يحرر الشعب [العراقي]". صباح اليوم نشر السير جون تشيلكوت نتائج بحثه وتحقيقه المثيرة والخطيرة بعد 7 أعوام من التحقيق والمساءلة في شأن الحرب. تقريره كان واضحاً: لقد استجر الجنود البريطانيون إلى خوض حرب لأسباب واهية مختلقة لفقها رئيسٌ للوزراء ضرب بعرض الحائط كثيراً من الحقائق بالتواطؤ مع برلمان إمّعة فشل تماماً في رؤية الأدلة والبراهين ماثلة أمام أعينهم. ومن بين أكثر الأدلة والبراهين استرعاء للانتباه والتي جمعها تشيلكوت برزت رسالة أرسلها بلير إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قبل 8 أشهر من بدء غزو 2003 قطع له فيها عهداً بالقول "سأقف معك مهما يكن." وما زلنا إلى يومنا هذا نشهد تبعات وعواقب ذلك القرار الحازم الذي اتخذ وسط بحر من الخداع الأفّاق. وفي حين أن معظم اللوم موجهٌ حالياً لتوني بلير -وهو أمر له مبرراته المشروعة - إلا أني أرى من الخطأ تركيز اللوم كله على رئيس الوزراء الأسبق وحسب. فقد شارك في صناعة قرار دخول الحرب 411 عضواً في البرلمان آنذاك شاركوا جميعهم في عملية الضغط لتحريك حملة التصويت على قرار بلير، ولكل منهم مسؤولية يتحملها عن كل ما حدث منذ ذلك الحين. لقد كانوا جميعهم هناك عندما خطب روبين كوك خطابه الشهير والاستدلالي ضد مشروعية الحرب، حيث قدم على مسامعهم الأدلة الواضحة على تعدد مصادرها واحدة تلو الأخرى والتي دحضت جميعها الأسباب التي استندت عليها الحكومة في قرار خوض الحرب. اليوم سمعنا بعض أعضاء البرلمان يقولون في مجلس العموم أنهم "تصرفوا عن حسن نية"، بيد أن وظيفتنا، نحن أعضاء البرلمان، هي بالتصرف عن عقلانية وتفكر وتدبر، لا عن مجرد "حسن نية" وفرضيات؛ أي أن المفترض بنا أن نتحرى الأدلة بجدية بأنفسنا نحن. ولهذا فإنني اليوم وفي خطوة لإعادة بناء ثقة الشعب برجالات سياسته أطالب باعتذار ديفيد كاميرون بصفته القائد الحزبي الوحيد الموجود على الساحة حالياً ممن ساندوا قرار الحرب. إلا أنه للأسف لن يفعلها ويعتذر. لكن الاعتذارات وإمكانية تحريك إجراءات قانونية لا تكفي رداً على الاكتشافات التي فجرها هذا التقرير. يجدر بنا بدلاً من ذلك أن ننظر بتمعن إلى الأخطاء المنهجية في نظام ديموقراطيتنا ودستورنا التي سمحت للاندفاع والتعجل بقرار خوض الحرب. بدايةً لا بد من نظرة فاحصة على المشورة القانونية التي قدمت للوزراء، فقد كشف تشيلكوت علاقة غير فاعلة البتة بين بلير ونائبه العام اللورد غولدسميث. حالياً النائب العام رجل سياسي يعينه رئيس الوزراء عادة ما يكون إما عضواً في البرلمان أو زميلاً ذا خبرة في القانون. من رأيي أن دوراً كهذا ينبغي ألا يضطلع به شخص يختاره رئيس الوزراء شخصياً، بل ينبغي أن يوكل إلى خبير قانوني مستقل يعينه البرلمان. كذلك علينا التبصر أكثر في أمر أجهزة استخبارتنا. قد يفيدنا اتخاذ خطوات من مثل إنهاء الحظر العام على حرية طلب المعلومات الاستخباراتية والأمنية، وكذلك قد يفيدنا إصلاح قانون الأسرار الرسمية من أجل تمكين المخبرين من الوشاية بأية أنشطة غير قانونية في مؤسساتهم والدفاع عن أنفسهم قطعاً بحجة الصالح العام. كما أنه علينا أيضاً إعادة النظر في طريقة تصويتنا على التدخل الأجنبي، خاصة على صلاحيات أعضاء البرلمان الموكلين بالإشراف على حسن سير عمل أحزابهم، والذين يعرفون بـ"السياط" في البرلمان البريطاني. في رأيي أن القرارت التي تقضي بإقحام الجنود البريطانيين في أعمال عسكرية ينبغي أن تخضع لعملية تصويت "حر" بحيث لا يتبع أعضاء البرلماى سوى صوت ضميرهم في ضوء الأدلة المطروحة أمامهم، عوضاً عن الانقياد وراء ضغوطات الحزب السياسية. سوف ينكب الخبراء وأعضاء البرلمان على مدى الأسابيع والأشهر القادمة على دراسة تفاصيل تقرير جون تشيلكوت. التقرير بأجزائه الـ12 كاملةً قابعة أمامي على مكتبي حالياً، وهدفي أن أقرأ كل ما في الإمكان. من المهم جداً ألا "ينوّم" هذا التقرير حرب العراق، فعائلات الضحايا من جنود بريطانيين ومدنيين عراقيين قضوا في الحرب يستحقون خيراً من ذلك وأفضل. بدلاً من ذلك ينبغي أن تتحول هذه اللحظة إلى نقطة انطلاق لتغييرات ضرورية كي نضمن عدم تكرار تدخلات دامية وغير مشروعة مثل تلك التي أطلقناها في العراق قبل 13 عاماً. -هذه التدوينة مترجم عن النسخة البريطانية لـ "هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .

مشاركة :