حرب العراق وتقرير تشيلكوت

  • 7/10/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد تحقيق دام سبع سنوات، قدمت لجنة التحقيق البريطانية تقريرها حول مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق، وجاء في التقرير أن غزو العراق عام 2003 اعتمد على معلومات استخباراتية مغلوطة وتقديرات غير دقيقة. وأضاف التقرير أن توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا وقتها، استهان بتأثير الحرب على العراق والمنطقة برمتها، على الرغم من التحذيرات الواضحة التي أطلقت وقتها. التقرير لم يتضمن حكماً يدين فيه بلير أو وزراء معه بانتهاك القانون الدولي ولكنه يصف حرب العراق بأنها تدخّل تم بطريقة سيئة جداً ولا تزال تبعاته ماثلة إلى اليوم. وانتقد التقرير الطريقة التي عرض بها توني بلير وحكومته مبررات الحرب على الرأي العام. وقال إن خطورة التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل العراقية عرضت بطريقة غير دقيقة وغير مبررة، وعلى الرغم من التحذيرات، استهانت الحكومة من خطورة تبعات الغزو. والواقع أن هذا التقرير لا يستهدف محاكمة رئيس الوزراء السابق بلير ولا أي من طاقمه السياسي أو من مسؤوليه العسكريين الذين ساهموا في تزييف الحقائق وفبركة معلومات كاذبة حول حيازة النظام العراقي السابق لأسلحة الدمار الشامل وإمكانية استخدامها في ظرف 45 دقيقة، بل الهدف منه هو منع المسؤولين البريطانيين في المستقبل من الإقدام على قرارات مصيرية مثل قرار الحرب ضد دولة أخرى من دون أن تكون هناك معلومات مؤكدة بأن تلك الدولة تشكل تهديداً حقيقياً ومباشراً للأمن القومي البريطاني. والحقيقة أن الحرب البريطانية على العراق لم تبدأ عام 2003، بل بدأت عام 1991 عقب إخراج القوات العراقية من الكويت، حيث قسمت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا، العراق إلى ثلاث مناطق، اثنتان في الجنوب والشمال تم اعتبارهما منطقتي حظر طيران، وقد ترك للدولة العراقية المنطقة الوسطى وهي بغداد وما حولها فقط، وقد شنت الطائرات المقاتلة الأمريكية والبريطانية آلاف الغارات على مواقع عسكرية ومدنية تابعة للدولة العراقية في منطقتي حظر الطيران في الجنوب والشمال ما أضعف من قدرتها على بسط نفوذها على هاتين المنطقتين. وفي عام 2002 أرسلت الأمم المتحدة السويدي هانز بليكس على رأس لجنة للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وقدم بليكس تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي في 27 يناير/كانون الثاني 2003، أكد فيه خلو العراق من وجود أية أسلحة محظورة. وجاء في التقرير ومنذ أن وصلنا إلى العراق أجرينا أكثر من 400 عملية تفتيش غطت أكثر من 300 موقع. وكل عمليات التفتيش تم القيام بها من دون إخطار مسبق، ومنحنا فرص الوصول فوراً. لم نرَ في أي حال من الأحوال أي دليل يثبت أن العراق كان يعرف سلفاً أن المفتشين قادمون، وجرت عمليات التفتيش في العراق في مواقع صناعية، ومستودعات الذخائر، ومراكز البحث، والجامعات، والمواقع الرئاسية، والمختبرات المتحركة، والمنازل الخاصة، ومنشآت إنتاج القذائف، والمعسكرات والمواقع الزراعية. وكل المواقع التي جرى تفتيشها قبل عام 1998 جرت إعادة تحديد المقاييس المرجعية لها من جديد. وفي مواقع معينة استخدمنا الرادار المخترق للأرض للنظر في أية هياكل تحت الأرض أو أية معدات مدفونة، والنتائج التي توصلنا إليها حتى الآن كانت تتفق مع الإعلانات العراقية. ورغم وضوح هذا التقرير الدولي، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربتا به عرض الحائط، خاصة أنهما كانتا تعدان منذ مطلع عام 2002 لغزو العراق، وتم حشد القوات والدول لهذه المهمة. وحاولت الدولتان الحصول على تشريع دولي للحملة العسكرية من خلال الأمم المتحدة، ولكن هذه المحاولات فشلت. ونظمت الولايات المتحدة تقريراً قدمته لمجلس الأمن واستندت فيه على معلومات قدمت من قبل وكالة المخابرات الأمريكية والمخابرات البريطانية MI6 تزعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وأصدر مجلس الأمن بالإجماع القرار رقم 1441 الذي دعا إلى عودة لجان التفتيش عن الأسلحة إلى العراق وفي حالة رفض العراق التعاون مع هذه اللجان فإنه سيتحمل عواقب وخيمة. لم تذكر كلمة استعمال القوة في هذا القرار، كما أعلنت كل من روسيا والصين وفرنسا وهم من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، أن القرار 1441 لا يعطي الصلاحية باستعمال القوة ضد العراق، ورغم عدم وجود إجماع دولي، مضت الولايات المتحدة وحليفتها في الحرب على العراق في 20 مارس/آذار 2003. ولا شك أن تلك الحرب كانت خطأً استراتيجياً أفضى إلى نتائج كارثية، فعلى الصعيد الدولي، كان قرار الغزو استهتاراً بالشرعية الدولية التي يمثلها مجلس الأمن والأمم المتحدة، وقد مهد لظهور الصراع الدولي الذي نشهده الآن والذي قد يؤدي إلى وقوع حرب شاملة. أما على الصعيدين العربي والمحلي، فإن تدمير الدولة العراقية أدى إلى ظهور إيران كقوة كبيرة، وقد كان العراق بمثابة سد منيع أمام توسعها في المنطقة، كما ظهر وحش الطائفية وتصدعت دول مجاورة مثل سوريا التي غرقت في حرب مدمرة، كما ظهر تنظيم داعش الذي راح يهدد المنطقة العربية والعالم وخاصة الدول الغربية. والخسارة الكبيرة كانت من نصيب الولايات المتحدة التي وقعت في أزمة اقتصادية عام 2008 وتراجع دورها ونفوذها في العالم، كما تراجع نفوذ بريطانيا ودخل الغرب كله في مرحلة تدهور اقتصادي، كان من آثاره خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولا ريب أن هناك أحداثاً كثيرة ستحدث في المستقبل، وكل ذلك مرتبط بذلك القرار الخاطئ لغزو العراق. محمد خليفة med_khalifaa@hotmail.com

مشاركة :