يبقى الرداء الأبيض والبشت الأسود حلم كل فتاة وشاب مقبل على الزواج وتبقى الرغبة في التميز والاحتفاء بالمناسبة ملحة حتى لو كان الثمن لدى البعض الاقتراض من البنوك وما يتبع ذلك من أعباء قد يدفع ثمنها الطرفان في نهاية المطاف لأجل ليلة واحدة. وللتخفيف من أعباء الزواج وتحقيق هذه الأمنية كانت الأعراس الجماعية الوصفة السحرية؛ فهي تجسد روح التعاون المشترك وترسخ قيم التكافل وأيضا تقضي على مظاهر البذخ والإسراف وتكوين أسر جديدة متماسكة مستقرة بعيداً عن أعباء الديون. وترسيخا لهذه الثقافة يستعد 160 شابا وفتاة من قبيلة الكعبي وعدد من القبائل الأخرى في مدينة العين للاحتفال بعرسهم يومي السبت والأحد المقبلين بصالة الخبيصي، ويزيد من تألق هذه الأعراس حرص كبار الشخصيات على الحضور ومشاركة أبنائهم فرحتهم، لتؤكد الأعراس الجماعية مكانتها كتقليد إماراتي لافت يجد كامل الدعم والعون من القيادة الرشيدة وأصحاب السمو الشيوخ. وقد ساهم في ترسيخ هذا التقليد تأسيس مؤسسة وطنية معنية في المقام الأول بتفعيل هذه الأعراس وهي مؤسسة صندوق الزواج الذي بدأ العمل الفعلي في ممارسة مهامه 1992.هذا النموذج الإماراتي الفريد امتدت آثاره إلى العديد من البلدان التي وجدت فيه حلاً سحرياً لمشكلة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج. وتساهم مختلف الجمعيات والمؤسسات الوطنية وفي مقدمها مؤسسة صندوق الزواج في مواكب الأعراس الجماعية في مشهد مفرح يعكس تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وقيمهم النبيلة والمساهمة في تكوين أسر تنعم بالاستقرار والطمأنينة. ثقافة الأعراس الجماعية في الإمارات ساهمت لا شك في تخفيض تكاليف الزواج والدفع بأزواج المستقبل إلى بدء حياتهم الزوجية خالية من أعباء الديون والتكاليف الباهظة للأعراس والهروب من الديون التي تثقل كاهل العريس في بداية حياته، وقد تتسبب الديون والالتزامات المادية في الخلافات بين الزوجين في السنوات الأولى لتنتهي بهم إلى الطلاق. ويقول أحد المشاركين في التظاهرة إن حفلات الأعراس الجماعية لا تقلل أعباء وتكاليف الزواج بدرجة كبيرة فحسب بل لها أبعاد اجتماعية إيجابية عديدة أهمها ترسخ قيم التكافل وأيضا توفير آلاف الدراهم التي كانت تنفق على مظاهر تثقل كاهل صاحبها فيما بعد. كما أن الأعراس الجماعية تعد شكلا من أشكال حفظ النعمة التي وهبها الله لنا. مشارك آخر يقول إن رحلة الديون تبدأ من اليوم التالي للزواج غير أن الأعراس الجماعية قد تكفلت بإنهاء هذه المشكلة بشكل كامل. فبدون العرس الجماعي نجد الشخص يعمل على ادخار مبالغ كبيرة من أجل حفل الزفاف، وقد يقترض من البنك من أجل ليلة واحدة ثم تبدأ رحلة الديون. لكن الأعراس الجماعية نجحت وبحسب الشواهد في القضاء أو الحد من الفكرة المنتشرة بين أوساط البعض بربط الديون بالزواج. كما تشجع الشباب المواطنين على الزواج بمواطنات، كما أن فكرة وجود الأعراس الجماعية هو مواكبة للتحديات وتخفيف للأعباء المالية الكبيرة التي يتحملها الشاب في بداية حياته الزوجية. ويعزو العديد من الشباب المقبلين على الزواج تأخر سن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة إلى التكلفة العالية للأعراس وما يتبع ذلك من أعباء مادية. ويقول أحد الشباب الذين شاركوا من قبل في عرس جماعي للرجال إنه وفر على نفسه أعباء مادية ونفسية كبيرة، داعيا إلى تغيير ثقافة أفراد المجتمع للحد من التقليد الأعمى للغير.
مشاركة :