يبقى الرداء الأبيض والبشت الأسود، حلم كل فتاة وشاب مقبلين على الزواج. وتبقى الرغبة في التميز والاحتفاء بالمناسبة ملحة، حتى لو كان الثمن لدى بعضهم الاقتراض من البنوك، وما يتبعه من أعباء قد يدفع ثمنها الطرفان في نهاية المطاف، من أجل ليلة واحدة. وللتخفيف من أعباء الزواج وتحقيق هذه الأمنية، كانت الأعراس الجماعية الوصفة السحرية فهي تجسد روح التعاون المشترك، وترسخ قيم التكافل وتقضي على مظاهر البذخ والإسراف، وتسهم في تكوين أسر جديدة متماسكة مستقرة، بعيداً عن أعباء الديون. ويزيد من تألق هذه الأعراس، حرص كبار الشخصيات على الحضور ومشاركة أبنائهم فرحتهم، لتؤكد الأعراس الجماعية مكانتها تقليداً إماراتياً لافتاً، يجد كامل الدعم والعون من القيادة الرشيدة. وقد أسهم في ترسيخ هذا التقليد، تأسيس مؤسسة وطنية معنية في المقام الأول بتفعيل هذه الأعراس وهي صندوق الزواج الذي بدأ العمل الفعلي في ممارسة مهامه 1992. هذا النموذج الإماراتي الفريد، امتدت آثاره إلى عدد من البلدان التي وجدت فيه حلا سحريا لمشكلة العنوسة، وعزوف الشباب عن الزواج. وتسهم مختلف الجمعيات والمؤسسات الوطنية، وفي مقدمها صندوق الزواج، في مواكب الأعراس الجماعية، في مشهد مفرح يعكس تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وقيمهم النبيلة، وتكوين أسر تنعم بالاستقرار والطمأنينة. ثقافة الأعراس الجماعية في الإمارات، أسهمت لا شك في خفض تكاليف الزواج والدفع بأزواج المستقبل إلى بدء حياتهم الزوجية، خالية من أعباء الديون والتكاليف الباهظة، والهروب من الديون التي تثقل كاهل العريس في بداية حياته. وقد تتسبب الديون والالتزامات المادية في الخلافات بين الزوجين في السنوات الأولى، لتنتهي بهم إلى الطلاق. ويقول أحد المشاركين في التظاهرة، إن حفلات الأعراس الجماعية لا تقلل أعباء وتكاليف الزواج بدرجة كبيرة فحسب، بل لها أبعاد اجتماعية إيجابية عدة، أهمها ترسيخ قيم التكافل وتوفير مبالغ كبيرة كانت تنفق على مظاهر تثقل كاهل صاحبها. كما أن الأعراس الجماعية تعد شكلا من أشكال حفظ النعمة التي وهبها الله لنا. مشارك آخر يقول إن رحلة الديون تبدأ من اليوم التالي للزواج، غير أن الأعراس الجماعية قد تكفلت بإنهاء هذه المشكلة بشكل كامل، فبدون العرس الجماعي نجد الشخص يعمل على ادخار مبالغ كبيرة لحفل الزفاف، وقد يقترض من البنك من أجل ليلة واحدة، ثم تبدأ رحلة الديون. لكن الأعراس الجماعية نجحت، وبحسب الشواهد، في القضاء على الفكرة المنتشرة بين أوساط البعض- أو الحد منها - بربط الديون بالزواج. كما تشجع الشباب المواطنين على الزواج ببنات الوطن، كما أن فكرة وجود الأعراس الجماعية هي مواكبة للتحديات وتخفيف للأعباء المالية الكبيرة التي يتحملها الشاب في بداية حياته الزوجية. ويعزو كثير من الشباب المقبلين على الزواج، تأخر سن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة إلى التكلفة العالية للأعراس، وما يتبع ذلك من أعباء. ويقول احد الشباب الذين شاركوا من قبل في عرس جماعي، إنه وفر على نفسه أعباء مادية ونفسية كبيرة، داعيا إلى تغيير ثقافة أفراد المجتمع، للحدّ من التقليد الأعمى للغير. بعض العائلات كانت لا تتقبل فكرة الأعراس الجماعية، لعدم توافر الخصوصية، ووجود عدد كبير من الغرباء، غير أن زيادة الوعي أسهمت في تلاشي تلك النظرة، بعد أن أصبح مفهوم الأعراس الجماعية ثقافة راسخة. وتعزيزا لهذه الثقافة، يستعد 160 شابا وفتاة من قبيلة الكعبي، وعدد من القبائل الأخرى في مدينة العين، للاحتفال بعرسهم يومي السبت والأحد المقبلين بصالة الخبيصي.
مشاركة :