الشارقة:غيث خوري تزخر مدينة مراكش المغربية، بجملة من العمائر الإسلامية العظيمة والساحرة، بجمالها وإبداع معمارها وحرفية تصميمها، فإلى جانب المساجد الكبيرة ذات الأهمية التاريخية، نجد مجموعة من البيوت والقصور التي تشكل معالم المدينة وتحكي قصتها عبر الزمن، وبين هذه العمائر ينتصب قصر الباهية أحد أهم القصور التاريخية المراكشية، والذي أنشأه الوزير أحمد بن موسى بن أحمد السملالي، والذي اشتهر بلقب باحماد والصدر الأعظم. بنى الوزير قصر الباهية حتى يكون دليل مودة وحب لزوجته باهية، وقد جلب لبنائه أمهر الصناع والحرفيين من مراكش وفاس وسلا وأزمور وصفرو للاشتغال بالقصر لمدة سنوات متتالية، وعليه فقد بنى واحداً من أجمل التحف المعمارية الموجودة في المغرب قاطبة، وأشرف على بناء القصر المهندس المغربي محمد بن المكي المسيوي، الذي تلقى فنون صناعة الخشب بمكناس وفن النقش على الجبس بمدينة فاس، واعتنى المسيوي بتوصية باحماد على إدخال الأحواض إلى بناء القصر والعناية بالحدائق فيه. ويضمّ القصر العديد من القاعات والأجنحة، فضلاً عن الملحقات والمتنزهات والأحواض والحدائق التي بُنيت على مساحة إجمالية تبلغ 22 ألف متر مربع، وأبرز أجنحة القصر ما يُعرف ب الرياض الصغير، فقد تمّ بناؤه على شكل المدارس العتيقة، حيث الأروقة التي تعلوها أفاريز خشبية مزوّدة بألوان متعدّدة، وقد اتخذه أحمد بن موسى مقراً له يستقبل فيه كبار رجال المملكة، ويتكون من فناء بني من الرخام و4 أحواض تحيط بنافورة، وتنفتح على الفناء مجموعة من القاعات ذات أسقف مزخرفة بزخارف متميّزة وفريدة، إضافة إلى ديوان آخر في الجهة الشرقية للرياض الصغير، مكوّن من ردهة منقوشة ومزخرفة بزخارف متعدّدة. كما يضم القصر جناحاً يعرف باسم الزوجة النبيلة، وهو عبارة عن صحن مغطى بسقف من الخشب، وقاعتين كبيرتين وبهوين يحتويان على أبواب ونوافذ زينت بزخارف متعددة. وتوجد في الجهة الشمالية من قصر باهية قاعة كبرى تحتوي جدرانها على أبيات شعرية منقوشة على الجبس، مكسوّة إلى النصف بالزليج وفتحت بها مجموعة من النوافذ التي تطل على حديقة صغيرة دائمة الاخضرار تسمّى الحديقة الأندلسية، تقع فوقها إفريزات مزوّدة بشمسيات، وفيها سقف خشبي مزود بألواح منقوشة ذات طابع إيطالي. كما يوجد أيضاً داخل القصر عدد من الأجنحة المغطاة بأسقف خشبية، فضلاً عن بهوين كبيرين نقشت على جدرانهما باقات من الأزهار والنباتات، وفي الجهة الشرقية من القصر توجد ساحة الرخام الكبرى، وهي عبارة عن فناء واسع يعد من أكبر ساحات القصر، وتضم هذه الساحة عدة أروقة تتخللها مجموعة من الأعمدة الخشبية يصل عددها إلى 52 عموداً، وبُنيت أرضيتها بالرخام الملون المنقوش. ومازالت جدران القصر محافظة على رونقها وزخارفها وألوان سقوفها التي تتغير من قبة إلى أخرى ناهيك عن النقش الجبصي على الجدران والفسيفساء الملونة وبوابات خشبية زينت بالورود وأوراق الأشجار مزدحمة بألوان زاهية بمواد طبيعية.
مشاركة :