نائر.. صمّ أذنيه عن «يا بني اركب معنا» واستغشى الـ«نيتروجلسرين» فكان من الهالكين

  • 7/9/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أب تبرؤه من فلذة كبده لأنه خطا نحو الضلال وسار إلى دروب الهلاك فاستحق أن يكون ممن يفرون منه قبل يوم الدين. فلم يكن الإرهابي الخائن للدين والوطن والعرض نائر النجيدي إلا عنوانا يحمل الكثير من الدلالات على ضياع أبناء في طرفة عين وذوبانهم قبل أن يرتد إليك طرفك واستقطابهم قبل أن «تقوم من مقامك». زاغ بصر الهالك فلم يجد إلا ساحات مليئة بالمصلين تتغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة في بقعة مباركة تحتضن أغلى جسد على وجه الأرض ليطلق فيها زفيره النتن، محاولا اغتيال براءة المكان وعفة الزمان، مشهرا سيف الغدر ومتوشحا بحزام القتل والتدمير، سعيا لهلك الحرث والنسل ونسف من وقفوا يحمون جموع الزوار والمصلين من همس الشياطين وهفوات الحاقدين. ذهب الهالك لتفجير نفسه بخَبَث «النيتروجلسرين» وهو يعلم أن أخاه «ابن امه وأبيه» يقف في محراب المسجد في الجهة المقابلة مستعينا بالله عز وجل لتأمين وحماية «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا»، لكنه استعان بالشيطان ومضى في غيه «فطوعت له نفسه قتل أخيه» ومن زامله وجاوره، ولا عزاء لمن لم ير أخاه بعدما ختم الشيطان على قلبه فكان من الهالكين. قالها الأب عندما اشتد الكرب «بريء منك» وانزوى للحزن وهُوَ كَظِيم، ونطقها العم منكسرا «لا يمثلني إلى يوم الدين». تفطرت قلوب أسرته ألما لأن من خرج من صلبهم قتل أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم قالوا ربنا الله ووقفوا كالبنيان المرصوص يحمون بيت الله ومنبر ومسجد رسول الله وضيوف طيبة الطيبة. لم يكن نائر إلا سهما من سهام الشياطين صمت آذانه مبكرا فلم يسمع النداء لركوب سفينة الخلاص التي آوت والده وأسرته وعشيرته وقبيلته فكانوا جزءا أصيلا من أرض الحرمين الشريفين يلتحفون بغطاء أمنها ويعيشون على فضل خيرها ويرتوون من فيض أخلاقها. أرض «آمنة» لمن دخلها مسلما ومن التزم جماعتها، وطاردة لمن شذ عن وسطيتها راكبا قاربا خرقته الأمواج ودنسته أنياب ذئاب جائعة تكشر عن أنيابها لالتهام الشارد ومن زاغ عن الجماعة. أهل الهالك لم يتحسروا على هلاك ضال لقي جزاء عمله، لكنهم تألموا على قطرات دم طاهرة ترجمت بسيلانها على أرض طيبة الطيبة وبجوار مسجد رسول الله أنهم «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، فلا ثقب تنفذ منه أقدام نجسة لتدنيس طهارة أرضه ولا سبيل لأجساد نتنة للانزواء في جنباته لتعكير صفوه، ولا أمل في ترويع من قدموا من كل فج عميق يبتغون رحمة الله.

مشاركة :