عن رواية *قواعد العشق الأربعون*

  • 7/10/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

.. انطباع أولي 1 بعد زيارة مكان للمرة الأولى.. تحس بمتعتين: 1/ متعة الزيارة وبهجتها. 2/ متعة نقل المشاهد للآخرين. حينما أنهيت قراءة *قواعد العشق الأربعون*.. قررت أن أكتب عنها لأجل المتعة الثانية. تحذير: لا تبدأوا قراءة هذه الرواية.. فسترغمكم على إكمالها.. وستتبعكم الشخصيات جميعاً، يريد كل واحد وواحدة أن يتم قصته التي بدأها معك.. حذار.. سيتبعونكم أينما حللتم وارتحلتم ولن يملوا حتى يكملوا ما شرعوا فيه. السيكولوجيا.. السوسيولوجيا.. الفلسفة.. الدين .. الفقه.. الجدل.. التاريخ.. الأدب.. الثقافة.. الخيال الجامح.. الواقع كما هو... كل هذا ستجدونه وأنتم تجوبون دروب هذه الرواية... لعل الثقافة الموسوعية لصاحبتها جعلتها تعد لنا هذه الوجبة الدسمة والمتنوعة والغنية في انسجام تام بين مكوناتها... الحذر.. الخوف.. الترقب.. الحب أيضاً يرافقك وأنت تتعرف على الشخصيات القوية -حتى في ضعفها- والتي يجمعها خيط رفيع من شمس التبريزي وجلال الدين الرومي إلى سمسم الأبله.. سؤال الوجود والمعنى.. سؤال العقل والقلب.. سؤال السماء والأرض.. سؤال الطين والروح.. تَمَفْصُلات الرواية: 1/ الأرض: الأشياء التي تكون صلبة متشربة، وساكنة 2/ الماء: الأشياء السائلة تتغير ولا يمكن التنبؤ بها 3/ الريح: الأشياء التي تتحرك، تتطور، وتتحدى 4/ النار: الأشياء التي تدمر وتحطم 5/ العدم: الأشياء الموجودة من خلال غيابها يمكنك السفر وأنت في مكانك (المادي) بلونين.. الأبيض والأسود من خلال التاريخ الذي تدور فيه الأحداث التاريخية: (الرومي/ شمس/ كيميا...) وبكافة الألوان في الأحداث الموازية للأولى (الزمن المعاصر: إيلا.. ديفيد.. عزيز) إلا أن الأحداث ما تلبث أن تتشابك وتصير نهاياتها كما بداياتها واحدة.. والغريب أنها لا شك ستأخذ بتلابيبك وتجرك إلى رحاها.. لربما وجدت نفسك.. أو من يشبهك.. أو من لا يشبهك..). 2.. قضايا هامة كانت وصية الفيلسوف برتراند راسل الذي عاش قرابة القرن من الزمن (93 سنة ) ترتكز على جانبين: 1/ الفكري: ويقتضي عرض جميع الأفكار على الواقع لاختبارها ومعرفة مدى ملاءمتها... 2/ الأخلاقي: اعتناق مذهب الحب طريقاً في الحياة.. الحب حكيم والكراهية حمقاء. ففي زمن العنف والتمترس وراء الطائفة والعشيرة والدين واللغة.. تختار إليف شافاق الحب، بل العشق وقواعده، تبسطه على طول ما يزيد على 500 صفحة ومن خلال زمنين مختلفين التاريخي والمعاصر.. البحث الخفي المتبادل الواعي اللاواعي الصدفة القدر المصير.. بين شمس التبريزي ومولانا (جلال الدين الرومي)، بين إيلا ومصيرها من خلال بوابة عزيز. سنعمل بوصية راسل.. تنسجم الرواية بشكل متطابق مع دعوة الفيلسوف الكبير.. الحب حكيم. فماذا عن القضايا الفكرية؟ ما يميز شخصيات الرواية هي الواقعية، فهم مثلنا من لحم ودم ليسوا خرافيين ولا خارقين! شخصيات بمرجعيات دينية مختلفة (إسلام - مسيحية - يهودية...)، شخصيات مختلفة حتى من داخل الدين الواحد برؤى مختلفة، الشيء الذي يجعلها أكثر واقعية مما قلت. * تنبذ إليف التعصب والعنف، وتبرزه في شخصية القاضي المتعصب، والفقيه المتعصب.. والابن المتعصب الذي يكره الآخر لمجر أنه آخر.. * الشكل في مقابل الجوهر من خلال اللقاء الأول بين جلال الدين الرومي وشمس.. عالم جليل مهاب الجانب، على صهوة جواده، محاطاً بالحاشية والمعجبين والمقلدين.. مقابل درويش لا شكل له.. هو جوهر يفتقده مولانا. * للمرأة في الرواية مكانه هامة.. تؤمن شافاق بالمرأة إيماناً عميقاً.. فهي ليست الضحية ولا الهامشية ولا المعذبة، بل مصيرها بيدها.. تجربة إيلا ووردة الصحراء وفطنة كيميا نماذج ضمن أخرى.. سؤالان جديران بالطرح في نهاية هذا المقال: 1/ هل للعشق قواعد؟ 2/ لماذا اختارت إليف شافاق التراث الصوفي الإسلامي لتصريف أفكارها؟ رواية غاية في الأهمية تذهب بك في اتجاه فتح البصر والبصيرة لاستقبال الآخر المخالف والمشابه، كما تطالبنا بإلحاح بالبحث عن الجوهر.. حتى لا نبقى مجرد أشكال.. دمتم طيبين ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :