كشفت البريطانية أن توني بلير طلب تلقي تمويل قدره 35 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة نظير استشارات قدّمتها شركة تابعة له للدولة العربية الغنية بالنفط، وهو ما يتوافق مع جاء في تسجيل صوتي لأحد كبار المسؤولين بالجيش المصري أن الإمارات موّلت عملية وصول الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى السلطة. وطلبت شركة "توني بلير أسوشيتس" أو "توني بلير وشركاه" TBA، وهي الشركة التي أسسها رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، بعد مغادرته مقر رئاسة الوزراء بشارع داونينغ ستريت، "أتعاباً مهنية" بقيمة 6 ملايين و210 ألف دولار في السنة، فضلاً عن 688 ألف دولار إضافية لتغطية المصاريف السنوية للشركة. ووفقاً لوثائق الشركة، كان من المقرر أن يمتد ذلك الاتفاق لخمس سنوات أي سيتكلف 35 مليون دولار. وتغطي هذه المصاريف "إسهامات في تكاليف النقل" للزيارات التي يقوم بها فريق بلير، كما وعد بلير بالذهاب إلى أبو ظبي 12 مرة في السنة على الأقل مقابل هذا المال. تضارب مصالح ويُظهر حجم هذه الصفقة مدى ربحية الأعمال الاستشارية لبلير، وهو ما يثير مخاوف بشأن تضارب محتمل في المصالح، إذ كان بلير مبعوثاً للشرق الأوسط خلال ترتيب ذلك الاتفاق. وتمثلت وظيفة بلير الأساسية في العمل على تحسين الوضع الاقتصادي في غزة والضفة الغربية بفلسطين، وتضمن ذلك جذب الاستثمارات الدولية من دول الخليج ومثيلاتها. كما سيثير هذا الكشف أيضاً غضب عائلات الجنود الذين قتلوا في العراق، والتي اتهمت بلير بجني ثروة من العلاقات التي صنعها خلال عقدٍ قضاه في داونينغ ستريت. عَائِلات القتلى تريد مقاضاته وتأمل العائلات في مقاضاة بلير، بعد نشر تقرير تشيلكوت الذي انتقد رئيس حزب العمال السابق بشدة، بتهمة إساءة استخدام السلطة بجره بريطانيا نحو الحرب في العراق. وأُرسل الاقتراح المالي الذي وضعه فريق بلير في لندن في وثيقة من 4صفحات بعنوان "استراتيجية شراكة بين وزارة الخارجية الإماراتية وشركة توني بلير أسوشيتس". وحملت هذه الوثيقة تاريخ 8 سبتمبر/ أيلول 2014 ، وجاءت بعد طلب آخر من 24 صفحة، أُرسل إلى الإمارات العربية المتحدة قبلها بخمسة أيام. ويقترح هذا الطلب أن يكون إجمالي أجر السنة الأولى 6 ملايين و980 ألف دولار غير شاملة للضريبة، فضلاً عن التكاليف الإضافية لخدمات الدعم والبنية التحتية. بالإضافة إلى تجهيز وزارة الخارجية الإماراتي لمكتب له مزود بالأثاث وتكفلها بمصروفاته الأخرى مثل فواتير الهاتف، وأتعاب مهنية قيمتها 6 ملايين دولار. كما وعدت شركة توني بلير أسوشيتس بوضع فريق بدوام كامل في أبو ظبي، ويشمل الاتفاق تقديم الدعم من كبار الموظفين بمكتب بلير في لندن. ويتضمن هذا الأجر أتعاب بلير أيضاً، إذ يضيف الطلب "يخصص بلير أياماً يعمل فيها معكم في أبو ظبي". كما ينص على أن "بلير سيزور أبو ظبي على الأقل مرة كل شهر خلال السنة". وتغطي تلك المصاريف التكاليف الإدارية وتكاليف سفر الاستشاريين من لندن إلى أبو ظبي، كما تسهم في تكاليف سفر بلير أيضاً. وفي خطاب الاقتراح الذي رافق المطالب المالية، شرح بلير في مقدمته أن استشارته "يمكنها أن تساعد في خلق شبكة اتصالات تفيد علاقات الإمارات القوية ونفوذها المالي". وأضاف نص الخطاب أن "ثمة فرصة كبيرة للإمارات العربية المتحدة لبناء اسمها وسمعتها، ولتأسيس شبكة نفوذ قوية". ويفتخر بلير بالشبكة الواسعة التي بناها والتي تعمل "في 25 دولة مختلفة"، ويقول إنه لو أضاف إليها عمله في منظمة بلير الخيرية فسوف تكون "في أكثر من 50 دولة"، مضيفاً أنه "فعلياً لا يوجد حالياً مكان في العالم لا نستطيع العمل معه أو توفير الاتصالات اللازمة فيه سياسياً أو تجارياً، إذا أردنا". 70 مليون يورو استطاع بلير جني ثروة تقدر بـ 70 مليون يورو منذ مغادرة داونينغ ستريت- على الرغم من إصراره على أنها لا تتعدى 10 ملايين- من خلال سلسلة من الشركات التي تتخذ من ميدان جروسفينور بلندن مقراً لها. وبعد مغادرته لمكتبه بشهر، ذهب بلير إلى الإمارات للتحدث مع كبار المسؤولين وأفراد العائلة الملكية، عن دوره كممثل للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، والذي كان حينها دوراً جديداً وبدون أجر. وفي يوليو 2007 قابل بلير الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي وشقيق ولي العهد، ومن المعروف أن بلير والشيخ عبد الله قريبان من بعضهما للغاية. كما كشفت التليغراف سابقاً، أن وزارة الخارجية الإماراتية تدفع بالفعل للاستشاريين بفرق بلير في منغوليا وصربيا وكولومبيا وفيتنام. ويُعتقد أن النقود التي تمول تلك الفرق تتخطى مبلغ السبعة ملايين دولار في السنة التي يطلبها مركز توني بلير أسوشيتس لشراكة عام 2014، ولكنها متصلة بذات السياق. 27 يونيو/ حزيران 2007 ترك توني بلير السلطة بعد أن مارس مهامه كرئيس للوزراء لما يقارب الـ10 سنوات. وفى نفس اليوم الذي أعلن فيه توني بلير تركه للسلطة، أُعلن عن توليه منصب مبعوث اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، باعتباره ممثلاً للأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا. يوليو/تموز 2007 فى أول زيارة رسمية له كممثل عن اللجنة الرباعية، ذهب بلير للإمارات العربية المتحدة لإجراء بعض المحادثات مع مسؤولين رفيعي المستوى وأعضاء آخرين من الأسرة الحاكمة. أكتوبر/تشرين الأول 2007 أسس بلير شركتين وهما "ويندراش فينشرز للأعمال المحدودة" و"ويندراش فينشرز رقم 1 للأعمال المحدودة". وتبين لاحقاً أن شركة ويندراش فينشرز للأعمال المحدودة كانت تدفع الأموال للمكتب الاستشاري لحكومة بلير. نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وخلال جولته إلى الصين، استُعين ببلير لإلقاء خطبة موجزة على رجال أعمال ومسؤولين حكوميين وذلك فى مقابل حصوله على مبلغ 200 ألف جنيه إسترليني. ووُجهت له كثير من الانتقادات من قبل وسائل الإعلام المحلية بسبب حصوله على هذا المبلغ الكبير من المال دون أن يقول شيئاً مثيراً للاهتمام. عام 2008 صارت الحكومة الرواندية هي الحكومة الأولى التي تتلقى الخدمات الاستشارية من مؤسسة بلير الخيرية الجديدة المعروفة باسم مبادرة بلير للحكم في أفريقيا. وقد شرع بلير أيضاً في إعطاء الاستشارات لحكومة سيراليون عبر تلك المؤسسة. وفي شهر يناير/كانون الثاني 2008، تبين أن بلير يتقاضى ما يقرب من مليوني جنيه إسترليني سنوياً من بنك "جي بي مورغان" نظير تقديمه بعض الخدمات المتعلقة بـ" المشورة الاستراتيجية والنظرة الفاحصة للقضايا المتعلقة بالسياسة العالمية". كما أعلنت شركة الخدمات المالية السويسرية زيوريخ، بشكل منفصل، عن توقيعها عقداً مع بلير لتقديم المشورة لها بشأن "تطورات واتجاهات المناخ السياسي الدولي"، مقابل حصوله على مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني سنوياً. أما فى شهر أغسطس/آب 2007 ، فقد وقع بلير اتفاقاً لتقديم بعض الاستشارات إلى شركة الطاقة الكورية الجنوبية (UI) والتي يُقال إن لها مصالح نفطية واسعة النطاق في الولايات المتحدة والعراق. عام 2009 في يناير/كانون الثاني 2009 زار بلير معمر القذافي، ثم اتضح لاحقاً أن بلير أجرى ستة اجتماعات خاصة مع الديكتاتور الليبي في غضون 3 سنوات من مغادرة بلير لداونينغ ستريت، كما سافر بلير إلى طرابلس مرتين على الأقل على متن طائرة خاصة، وتكفل النظام الليبي بدفع تكاليف الرحلة. وفي مايو/أيار 2008 أسس بلير شركة "فاير راش" التي اندمجت مع شركة "فاير راش رقم 1" في الشهر التالي. كما عُرف فيما بعد أن شركة فاير راش هي من توفر التمويل لبلير، وكذلك لفريقه الذي يعمل على تقديم المشورة للشركات وصناديق الثروة السيادية. وفي حوالي شهر يوليو/تموز 2008 ظفر مركز استشارات توني بلير أسوشيتس بصفقة مربحة لتقديم المشورة لصندوق الثروة السيادية بأبوظبي المعروف بـ"مبادلة"، والذي يمتلك حافظة قيمتها أكثر من 44 مليار دولار، كما بدأ بلير أيضاً بتقديم المشورة لرئيس ليبيريا إلين جونسون سيرليف من خلال مبادرة توني بلير للحكم في أفريقيا والمعروفة بـ .AGI نوفمبر/تشرين الثاني 2010 أمنت توني بلير أسوشيتس أيضاً عقداً مع شركة PetroSaudi- وهي شركة بترولية سعودية أُسسها عضو بارز في العائلة المالكة السعودية- وذلك مقابل 41 ألف دولار شهرياً، بالإضافة إلى عمولة 2% على أي اتفاقية يكون فيها المركز وسيطاً. نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 عقد بلير صفقة لتقديم المشورة لنور سلطان نزارباييف، رئيس كازاخستان الديكتاتور، ويُعتقد أن قيمة الصفقة بلغت ملايين الجنيهات. كما قدم بلير النصح له بعد ذلك حول كيفية الحفاظ على صورته بعد ذبح المدنيين العزل المحتجين على نظام حكمه. ديسمبر/كانون الأول 2011 بدأ بلير في تقديم النصيحة لحكومة ألفا كوندي في غينيا، وذلك من خلال منظمته الخيرية "مبادرة بلير للحكم في أفريقيا"، وأتبع ذلك بنصيحته حول كيفية تحسين صورة الحكومة بعد حالة الاضطراب المدني الكبيرة التي شهدتها البلاد، والتي قُتل خلالها 9 متظاهرين، فضلاً عن جرح المئات خلال الاشتباكات التي وقعت بين المتظاهرين وبين الحكومة. أغسطس/آب 2012 بدأت مبادرة بلير للحكم في أفريقيا عملها في مالاوي، حيث وجهت المبادرة نصائح لحكومة الرئيسة جويس باندا. لكن فريق العمل الخاص ببلير انسحب من البلاد فيما بعد وسط إحدى فضائح الفساد، بيد أن مكتب الرئيس أصر أن تلك الأحداث غير مرتبطة بذلك الانسحاب. وبعيداً عن تلك الأحداث، توصل فريق استشاريي بلير إلى اتفاق بقيمة 4 ملايين إسترليني سنوياً، لتقديم نصائح إلى حكومة ولاية ساو باولو، التي تمثل القوة الاقتصادية التي دفعت الاقتصاد البرازيلي نحو ذلك النمو السريع. وعلى الرغم من ذلك، فقد تنازع بلير حول ذلك المبلغ، حتى أن إحدى المنظمات المعروفة التي اشتركت في ذلك الاتفاق قالت إنه لم يبدأ العمل من الأساس؛ لأن الأموال اللازمة لتمويل فريقه لم تتوفر. سبتمبر/أيلول 2012 أوضحت تقارير أن بلير دفع مليون دولار من أجل التوسط للاتفاق على إنشاء أكبر شركة تعدين في العالم، جلينكور إكستراتا، والتي تمتلك دولة قطر حصة كبيرة منها. أكتوبر/تشرين الأول 2012 نقلت تقارير أن بلير عرض تقديم استشارات لحكومة فيتنام، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وذلك خلال زيارته للبلاد. وقد توصل بلير فيما بعد لاتفاق أبرمه مركز "توني بلير أسوشيتس" للاستشارات، والذي يقضي بتوفير فريق استشاري للعمل في البلاد، بتمويل من الحكومة الإماراتية. يناير/كانون الثاني 2013 توصل بلير لاتفاق بالمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في سويسرا، لتقديم المشورة لحكومة بيرو فيما يتعلق بقضايا الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. كما بدأ مركز "توني بلير أسوشيتس" في تقديم المشورة لحكومة ميانمار، حيث يقول مكتبه إن العمل هناك كان موجهاً للصالح العام. مارس/آذار 2013 تفاوض بلير للتعاقد على تقديم المشورة للحكومة المنغولية بعد اكتشاف الثروة التي تحتويها صحراء جوبي، الواقعة جنوب منغوليا، من الذهب والنحاس. يونيو/حزيران 2013 بدأ مركز استشارات "توني بلير أسوشتيس" في تقديم المشورة لحكومة إيدي راما في ألبانيا. وفي غضون ذلك أصر بلير أن الحكومة الألبانية لا تدفع الأموال لشركته. وتعد ألبانيا جزءاً من الشبكة العالمية لولادة القادة Global Network of Delivery Leaders، المدعومة من البنك الدولي، والتي يقودها بلير. أكتوبر/تشرين الأول 2013 سافر اثنان من أهم معاوني بلير إلى العاصمة الكولومبية بوغوتا، لتوقيع اتفاق يقضي بأن يشرف مستشاروه على متابعة إعادة توزيع مليارات الجنيهات التي ربحتها كولومبيا من اتفاقيات التعدين. وتدفع الإمارات مقابل الاستشارات التي يقدمها مركز "توني بلير أسوشيتس"، إذ يعد ذلك جزءاً من اتفاق الشركة مع الدولة الخليجية. سبتمبر/أيلول 2014 تقدم بلير بمقترح للتوصل إلى اتفاقية لتقديم الاستشارات إلى الإمارات، والذي يقضي بأن يُدفع حوالي 30 مليون جنيه إسترليني للمصدر الاستشاري الواحد. وقد ناقش فريقه تلك الاتفاقية المقترحة مع وزارة الخارجية الإمارتية، التي يرأسها الوزير الذي عمل معه خلال شغله منصب ممثل اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط. فبراير/شباط 2015 يبدو أن بلير قدّم النصح للرئيس الكيني أوهورو كينياتا، من خلال مبادرة بلير للحكم في أفريقيا. وقد اتهمت المحكمة الدولية كينياتا بالتسبب في مقتل المئات من مواطنيه خلال العنف الذي أتبع الانتخابات في عام 2007، لكن كينياتا بُرئت ساحته فيما بعد. وفي نفس الشهر، أكد مركز توني بلير أسوشيتس أنه توصل لاتفاق بتقديم الاستشارات لرئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوتشيتش خلال عمله بالبلاد، وهو الاتفاق الذي يعتقد بأن الإمارات هي التي مولته. مارس/آذار 2015 أوضح تسجيلٌ صوتي لأحد كبار المسؤولين بالجيش المصري أن الإمارات موّلت عملية وصول الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى السلطة. وأوضحت تقارير أن بلير وافق على تقديم استشارات إلى الحكومة المصرية في جزء من أحد البرامج التي مولتها الإمارات، والذي تعهد بتوفير "فرص عمل" عظيمة. 27 مايو/أيار 2015 تنحى بلير عن منصبه كممثل للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، وسط انتقادات بأن دوره الدبلوماسي يتعارض مع أعماله الاستشارية المربحة وصفقاته التجارية مع الحكومات حول العالم. وقد أصرّ بلير أن شركاته تقدم نصائح صالحة وعملية حول الحكم للبلدان الناشئة مثل فيتنام وكولومبيا، وأن الحصول على الأموال من الإمارات لا يختلف إن كان التمويل قادماً من وزارة الخارجية البريطانية أو وزارة التنمية الدولية البريطانية. وجاء في نص رسالته المتعلقة بذلك المقترح "أن أي عمل مرتبط بالفرص الاستثمارية المحددة ومقدماتها، سوف يحتاج إلى وصايات منفصلة وترتيبات تعاقدية بين الأطراف المعنية". وبعبارة أخرى، يستطيع مركز توني بلير أسوشيتس أن يتنبأ بالتكاليف الإضافية التي قد تطرأ على صفقات الاستثمار بين الإمارات وأي طرف ثالث، إذ يشارك المركز في تلك الصفقات. وقال المتحدث باسم توني بلير "إن تلك الأخبار قديمة وذلك المقترح لم يذهب إلى أبعد من كونه مقترحاً... ففي كل المناسبات لا تذهب تلك المبالغ إلى بلير، بل إنها تُنفق من أجل الاستثمار في تلك الأعمال ومن أجل الدفع لفريق العمل الخاص به وكذلك سداد التكاليف المتعلقة بأعمالهم. وبلير يقوم بجميع أعماله في الشرق الأوسط على أساسٍ غير ربحي". - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية،
مشاركة :