هناك مثل شعبي متداول يقول: (المال السايب يعلم الناس السرقة)، ولو كان لي موهبة وباع طويل في هذا المجال الحيوي، لتمنيت أن أكون لصًا من نوع آخر – أي أن أسرق الكحل من كل العيون الجميلة. ساعتها لن يؤنبني ضميري، ولن يقام عليّ الحد لا بالقطع ولا بالجلد. وسوف أقصر مقالي اليوم على بعض السرقات الفنية، التي من أشهرها سرقة لوحة (الجيوكندا أو الموناليزا) التي رسمها (ليوناردو دافنشي)، والتي لا تقدر بثمن، وظلت مختفية عدة سنوات، إلى أن أعادها سارقها بطريقة غامضة، وإلى الآن يشكك النقاد فيما إن كانت تلك اللوحة التي تقبع في متحف (اللوفر) بباريس، هي الأصلية، أم إنها مقلدة تقليدا متقنًا. وقبل مدة سرقت لوحة (الجان ميشال باسكيا)، التي يقدر سعرها بعشرة ملايين يورو، من منزل صاحبتها في باريس، من دون أن تكون هناك أي عملية خلع أو كسر، كما أفادت الشرطة. وحصلت عملية السرقة في حي يخضع لإجراءات أمنية كبيرة، إذ يقع بالقرب من مقر رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية. واكتشفت قاطنة الشقة اختفاء اللوحة لدى عودتها إلى المنزل بعد غياب دام ثلاثة أيام. وحصلت في بلادنا سرقة فنية لا تقل فداحتها عن هذه السرقات، وعرفت ذلك من صديق مهندس ما زال حيًا يرزق. وخلاصة تلك الحكاية أنه دعانا يومًا لتناول العشاء في منزله، ولفت نظري بروازًا ذهبيًا جميلاً معلقًا على حائط صالونه من دون لوحة، وعندما استفسرت منه عن سبب ذلك، أخذ يضحك، ثم قال لي هامسًا: بعدين أقول لك، فتيقنت أن وراء الأكمة ما وراءها، لهذا تعمدت أن أظل جالسًا في مكاني إلى أن ذهب الجميع. وعرفت منه أن ذلك البرواز كان يؤطر لوحة لفنان مستشرق فرنسي رسمها لفتاة جزائرية جميلة في القرن الثامن عشر، وقد اشتراها من أحد المزادات رجل سعودي ثري ومرموق وله مكانته الاجتماعية الرفيعة، بمبلغ يناهز (مليوني دولار)، ووضعها في صدر مجلسه، وصادف أنه قرر أثناء سفره في إجازته الصيفية أن يقوم بصيانة قصره العام بما فيها إعادة طلاء الجدران، وأوكل ذلك لشركة مشهورة، ويبدو أن أحد المهندسين الأجانب فطن إلى أهمية تلك اللوحة، فاستغلها فرصة، حيث إن اللوحة قد غطيت برداء لحمايتها من الغبار. فتسلل في إحدى الليالي وشق قماش اللوحة بموس ولفها بورق الخرائط، وكان قبلها قد طلب إجازة، وسافر إلى خارج البلاد في تلك الليلة نفسها كأي (فص ملح ذاب). وإلى الآن لم يعثر له ولا للوحة على أثر بأي مكان، ويقال إن سعرها قد تضاعف عشر مرّات. فعلاً، (كذا السرقة.. والاّ بلاش).
مشاركة :