ومن آخر السطر نقطة

  • 7/15/2016
  • 00:00
  • 173
  • 0
  • 0
news-picture

تفعيل ثقافة التسامح في المساجد بين جميع أصحاب المذاهب الإسلامية يعد نقطة مضيئة، بحيث لم تعُدْ هذه الأماكن الروحية آمنة من إرهاب وفتاوى وتحريض الإرهابيين، والغارقين في أحقادهم الطائفية إن التنوع المذهبي والاختلاف في بعض المعتقدات والأحكام ليس أمرا مستجدا، بل هو واقع عاشته الأمة العربية طيلة عهودها السابقة. فلا بد من قبول هذا التنوع والتعددية المذهبية، خاصة في وضع أمتنا الراهن. والسؤال الذي بقي غاصا في بلعوم العرب: لماذا كل هذه الصراعات المذهبية الآن؟ ماذا سيحدث لو جردنا أنفسنا من تعصبنا وأخذنا الأمور على ما هي عليه؟ سلطنة عمان تقدم نموذجا رائعا في حماية مجتمعها من التعصب الطائفي. ففي عمان تغرس مبادئ المساواة الطائفية بين الأطفال في الصفوف الدنيا في المدارس منذ نعومة أظفارهم، بحيث ينشأ الجيل على سياسة الـ"لا". لا للطائفية، لا للتعصب سواء كان لقبيلة أو لون أو مذهب. لا للتدخل في الأمور السياسية والبعد عن عوامل الفرقة وأسبابها. حدثني أحد أقربائي عن زيارته مسجدا من مساجد الإباضية هناك، ومدى تلاحم الشعب العماني. وطوال مدة مكوثه؛ لم يُسأل عن مذهبه، ولم ينظر إليه أحد بنظرة استصغار، كونه السنّي الوحيد في المسجد. وعندما سأل أحد أصدقائه الشيعة عن الصلاة في مساجدهم، أخبره أن مساجد السنة والشيعة مفتوحة لكل المذاهب لا فرق بينهم، فكلهم يتوجهون إلى قبلة واحدة، وخلف إمام واحد، قاصدين ربا واحدا. تفعيل ثقافة التسامح في المساجد بين جميع أصحاب المذاهب الإسلامية يعدّ نقطة مضيئة في ظلام الجهل الدامس الذي يخيِّم على كثير من بلدان منطقتنا، إذ وصل إلى حد سفك دماء المصلين، والاعتداء على حرمة المساجد، بحيث لم تعُدْ هذه الأماكن الروحية آمنة من إرهاب وفتاوى وتحريض الإرهابيين والمتطرفين والغارقين في أحقادهم الطائفية. سُئل إمام مسجد من أكبر المساجد في السلطنة عن سبب تنوع مذاهب رواد المسجد فأجاب: "في عمان نحن ندين بدين الإسلام وليس بدين المذهب". كما أن المذهب الرسمي في السلطنة هو المذهب الإباضي، والمفتي الرسمي لها هو الشيخ أحمد الخليلي. وهو رجلٌ يتسم بمرونة في التعامل، ويشارك علماء المذاهب الأخرى، ويتبادل معهم الاستشارات بعقل منفتح، وبال متسع، فكل العمانيين في نظره يعبدون الله، كلٌ حسب مذهبه، وبما يقتنع به عقله. ظهرت ثمرات سياسة السلطان قابوس جلية في أزمة "غونو" التي مرت بها السلطنة. فقد كانت وحدة الشعب مثار إعجاب العالم. لم يهتم أحد بمذهب الآخر، وقف بعضهم إزاء بعض. كلٌ يقدم مساعدته على قدر كفاءته لا على قدر مذهبه. يدا بيد، كما لو كانوا يعيشون في بوتقة واحدة. لا يضرب أحد منهم على وتر الطائفية، لا في شدة ولا في رخاء. تقول الدكتورة عائشة الغابشي: "لا أحب عبارة التعايش المذهبي عند العمانيين التي يطلقها عدد من الإخوة المحبين لهذا الشعب. نحن نعيش كعمانيين". تعليقي: لا علاقة لشعوب الأرض بما يدور من حروب البسوس الطائفية الجاهلية التي تمزق النسيج المجتمعين بل أعتقد أن التعصب المذهبي يتمحور حول مصالح بعض المنتفعين الذين لا يهمهم مستقبل البلدان التي يعيشون فيها. ومن آخر السطر نقطة.

مشاركة :