وسط درجات حرارة مرتفعة زادت على الـ47 درجة مئوية، ألهبتها تحذيرات أمنية، خرج الآلاف من المتظاهرين في العاصمة العراقية، أمس، وشارك زعيم التيار الصدري الزعيم الديني مقتدى الصدر مع آلاف المتظاهرين بساحة التحرير الواقعة في قلب العاصمة العراقية. ورغم حضور الصدر، تلا شخص آخر كلمة له أعلن فيها أن حضوره إلى المظاهرات «لمشاركة المتظاهرين فقط». «نعم نعم للعراق، إخوان سنة وشيعة.. هذا الوطن ما نبيعه، بغداد حرة حرة.. أميركا طلعي بره، السلام على المتظاهرين، أيها الثائرون ضد الفساد أيها المصلحون، اليوم جئت لأشارك المتظاهرين وأكون بينهم فقط»، بهذه الكلمات ألقيت كلمة الصدر، وهتف الحضور الذين تحمسوا مع الكلمة، وكان يحمل أغلبهم أعلاما عراقية، ورددوا شعارات أطلقت عبر مكبرات الصوت بينها: «نعم نعم للإصلاح، لا لا للمحسوبية، لا لا للفساد». وحاول عدد كبير من المتظاهرين الاقتراب من مكان وجود الصدر الذي غادر بعد وقت قصير. وشملت المطالب «إقالة جميع المفسدين في مفاصل الدولة وأصحاب الدرجات الخاصة»، و«تقديم الفاسدين إلى محاكمة عادلة وبأسرع وقت»، و«إلغاء مبدأ المحاصصة العرقية والحزبية في المناصب الحكومية ومؤسسات الدولة وتشكيل حكومة مستقلة تكنوقراط». كما دعا الصدر القضاء إلى «الابتعاد علن المحاصصة والضغوطات السياسية والعمل بحيادية واستقلالية تامة». وقال محمد الدراجي، وهو أحد الناشطين، في كلمة ألقاها خلال المظاهرة: «تعبنا من الفساد، الفساد يقتلنا»، وأضاف: «هؤلاء الذين جاؤوا بعد 2003 (...)، فشلوا.. إنهم فشلوا! لم يقدموا أي شيء»، في إشارة إلى المسؤولين الذي تولوا الحكم بعد سقوط نظام صدام حسين. في حين قال أبو مشتاق العوادي (54 عاما) إنه يشارك في المظاهرة «للمطالبة بحقوقنا، لدينا حقوق»، مطالبا بنهاية الطائفية والمحاصصة الحزبية ومقاضاة المسؤولين الفاسدين وإعادة الأموال التي سرقت إلى العراقيين. إلى ذلك أكد حاكم الزاملي، عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مظاهرة الجمعة التي قادها الصدر بنفسه هي استمرار للمظاهرات الماضية التي تهدف إلى محاربة الفساد ومحاصرتهم، وحث الحكومة على تطبيق وعودها بهذا الاتجاه»، مبينا أن «الحكومة رفضت منح المظاهرة ترخيصا رسميا برغم رفع كتاب إلى محافظة بغداد من قبل الجهة المنظمة، ومن ثم إلى الداخلية، علما بأن المظاهرة سلمية، وهو ما تم تأكيده، على الرغم من أن الحكومة ذاتها كانت قد جعلت من ساحة التحرير مكانا للمظاهرات، وهو ما قمنا به وبتنسيق جيد مع القوات الأمنية». من جهته أكد عضو مجلس الحكم والوزير السابق وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكلمة التي ألقاها زعيم التيار الصدري خلال المظاهرة ركزت على مبدأ الإصلاح الذي تلكأت الحكومة في تنفيذه برغم وعودها في هذا المجال وإطلاقها ما سمته حزم الإصلاح التي لقيت تجاوبا جماهيريا واسعا». وأضاف عبد اللطيف: «إن من بين ما ركز عليه الصدر هو أن تبقى المظاهرات سلمية، وأن تطرح شعارات وطنية موحدة، بالإضافة إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي تغيير مفوضية الانتخابات إذا أردنا الذهاب إلى انتخابات حقيقية؛ لأن هذه المفوضية فقدت في الواقع استقلالها وحياديتها، فضلا على تأكيد أهمية أن يبقى القضاء مستقلا»، متابعا أن «الأمر الجوهري الذي لا بد من الالتفات إليه هو وقوف الصدر وجمهوره خلف المؤسسة العسكرية كونها هي الضامنة لوحدة البلاد». ورغم عدم موافقة قيادة العمليات المشتركة على إعطاء تصريح بتنظيم المظاهرة التي دعا إليها الصدر، شارك المتظاهرون من دون أن يحتكوا بالقوات الأمنية، ولم يحاولوا العبور إلى المنطقة الخضراء من جهة جسر الجمهورية المغلق منذ ليل الجمعة، وبدأوا الانسحاب بعد مغادرة الصدر مباشرة. وتأتي هذه المخاوف على خلفية ما ترتب على مظاهرات سابقة لأنصار التيار الصدري من اقتحام للمنطقة الخضراء المحصنة مرتين «الأولى في الثلاثين من أبريل (نيسان) عام 2016» والثانية في «العشرين من مايو (أيار) 2016»، حيث تم اقتحام البرلمان والعبث بمحتوياته في المرة الأولى، واقتحام مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والعبث بمحتوياتها في المرة الثانية. ودعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تشكيل حكومة كفاءات في فبراير (شباط)، لكنه واجه معارضة كبيرة من الأحزاب السياسية التي تتمسك بمناصب وزارية ومكاسب. ووافق البرلمان في 26 أبريل (نيسان) على إقالة خمسة وزراء وتعيين خمسة وزراء جدد من ضمن برنامج للإصلاح الحكومي اقترحه العبادي، لكن المحكمة ألغت لاحقا نتيجة هذه الجلسة، بحجة أنها جرت «في ظل أجواء تتعارض مع حرية الرأي منها دخول حرس ومنع النواب من دخول» مقر البرلمان و«وجود عسكر ونقل الجلسة من مكان إلى مكان دون الإعلان عن ذلك مسبقا».
مشاركة :