Offside / «نشوة 84»... و«خيبة 2016» - رياضة محلية

  • 7/16/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت فرنسا في الآونة الأخيرة سلسلة من الهجمات الإرهابية المؤسفة التي كادت أن تهدد استضافتها لنهائيات كأس أمم أوروبا (يورو 2016) لكرة القدم بين 10 يونيو الماضي و10 يوليو الجاري، بيد أن «مجزرة نيس» الأخيرة بشكل خاص أكدت بأن التهديدات التي سبقت «العرس القاري» كانت جدية. «مجزرة نيس» وقعت ليل الخميس - الجمعة الماضي اي بعد خمسة أيام على نهائي البطولة الأوروبية بين منتخبي فرنسا والبرتغال. اكتظت باريس وبقية المدن الفرنسية بالجماهير التي أمّت البلاد لمتابعة المباريات والمشاركة في «العيد الكروي». كانت بلا شك مناسبة للإرهاب كي يضرب، خصوصا أن الساحات كانت ممتلئة عن بكرة أبيها بالجماهير الذين تقاطروا من كل أنحاء «القارة العجوز»، ولا ننسى هنا «مناطق المشجعين» التي خصصتها اللجنة المنظمة للبطولة بعيداً عن الاستادات حيث نصبت شاشات عملاقة. عاشت فرنسا «العرس» حتى الثمالة وتجاوزت هموم الإرهاب الذي قضّ مضجعها في الآونة الأخيرة، بيد أن اليد اللعينة عادت لتترك لها بصمة في نيس. عبرت «يورو 2016» القطوع وعاشت ما عاشته من لحظات لن تُنسى في تاريخ كرة القدم، لكن فارق الأيام الخمسة بين نهاية البطولة القارية و«مجزرة نيس» يعطي مؤشراً على مدى حسن الطالع الذي لعب لصالح البرتغال ولم يلعب لصالح فرنسا. البرتغال التي جاءت ضيفة عابرة حققت «المستحيل»، ليس من خلال تتويجها للمرة الاولى بلقب كبير، وليس لأنها لم تفز ولو بمباراة واحدة في الدور الاول، بل لأنها اعتلت النقطة الأعلى من منصة التتويج على الرغم من خروج قائدها وملهمها كريستيانو رونالدو مصاباً بعد دقائق على انطلاق المباراة، ولأن صاحب هدفها الوحيد في مرمى هوغو لوريس في الشوط الإضافي الثاني لم يكن سوى لاعب مغمور أصبح اليوم حديث الشارع الرياضي. أما فرنسا، فقد عاشت أسوأ أيامها الرياضية على الاطلاق. فهي لم تعتد أن تخسر مباريات نهائية الا في قليل من المناسبات، فقد سبق لها ان توجت في «يورو 1984» وكأس العالم 1998 و«يورو 2000» مقابل خسارتها في نهائي كأس العالم 2006. ولأن «يورو 2016» أقيمت على أرضها، كان متوقعاً لها أن تتوج خصوصاً بعد أن أزاحت أيسلندا عقبة انكلترا من وجهها في ربع النهائي، وبعد أن تجاوزت هي بنفسها العقبة الأكبر المانيا بطلة العالم من طريقها في الدور نصف النهائي. سقطت فرنسا حيث كان مقدراً لها أن تشعّ. في العام 1984، كان كاتب هذه السطور في فرنسا، ليس في رحلة سياحية. فقد قررت الحكومة الفرنسية في تلك الفترة استقبال 300 صبي وفتاة من لبنان الذي كان يئنّ تحت الحرب وتوزيعهم على العائلات الفرنسية لمدة شهر بغية ابعادهم عن أجواء المعارك. كنت بين هؤلاء، لحسن الحظ، وأمضيت فترة الشهر التي جاءت بعد أسابيع على تتويج فرنسا على أرضها بكأس أوروبا وتألق فيها ميشال بلاتيني الذي سجل في غضون خمس مباريات 9 أهداف قياسية. كان الفرنسيون في تلك الفترة، على ما أذكر تماماً، يشعرون باعتزاز خصوصا أن اللقب كان الأول في تاريخهم. كعاشق لكرة القدم، كنت أبحث عن الملاعب حيث أمضيت فترة الشهر (مقاطعة لو غار ومقاطعة لا لوزير) وأتوجه يومياً لمتابعة الفرق وهي تتدرب وتخوض المباريات في ما بينها. كنت أدرك، على الرغم من صغر سني، أن ثمة بطولة لكأس العالم وبطولة أخرى لأمم أوروبا، وكنت أعرف أيضاً بأن حمى التتويج بـ «يورو 84» تجتاح فرنسا في تلك الحقبة، وأن الكل ما زال يحتفل. عايشت الهدوء والسلام في ربوع ذاك البلد الأوروبي خلال تلك فترة وقمت بمقارنته في حينها مع دخان القذائف ورائحة البارود التي كانت تملأ طفولتي في لبنان. شعرت بأنّ العالم «هنا»... غير العالم «هناك». كلّ تلك الذكريات عادتني بعد «مجزرة نيس» التي بصمت على شهر للنسيان بالنسبة الى الفرنسيين الذين عاشوا مرارة كروية ومن ثم مرارة إنسانية. بين «نشوة 84» و«خيبة 2016» مسافة كبيرة بالنسبة إلى صبي يافع استكشف فرنسا بلداً مزهوّاً بخضرة ملاعبه وعزّة انتصاره و«السلام»... قبل ان يراها اليوم بلداً مكسور الجناح رياضياً وإنسانياً. SOUSPORTS@

مشاركة :