التحفيز الأمريكي يفاقم متاعب الأسواق الناشئة

  • 1/31/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

للمرة الأولى منذ منتصف عام 2011 يوافق أعضاء هيئة المجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بالإجماع على قرار ارتبط ببرنامج التيسير الكمي الذي أطلقه المجلس في نهاية عام 2012 بهدف المساهمة في إنعاش الاقتصاد الأمريكي. وقد اعتمد المجلس برنامجاً منتظماً يقوم على شراء سندات أمريكية بقيمة 85 مليار دولار شهريا، ومع تحسن الوضع الاقتصادي قرر الاحتياطي الفيدرالي في الشهر الماضي خفض قيمة برنامج التيسير الكمي إلى 75 مليار دولار شهريا. ومع تواصل انتعاش الاقتصاد قرر محافظ الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي، وقبل تسليم منصبه لخليفته جانيت يلين، أن يقوم بتخفيض آخر بقيمة 10 مليارات دولار ليتراجع بذلك برنامج التيسير الكمي من 75 مليار دولار شهريا إلى 65 مليار دولار. الخطوة عكست بوضوح الأداء الجيد للاقتصاد الأمريكي، وقد أوضح الاحتياطي الفيدرالي في بيان له أنه اتخذ خطوته تلك جراء التحسن في النشاط الاقتصادي وظروف سوق العمل بما يتفق مع تنامي القوة الكامنة في الاقتصاد الأوسع. ولـ "الاقتصادية" يعلق آر دي بوتل الباحث في بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) على خطوة الفيدرالي الأمريكي، بأنها لم تكن خطوة مفاجئة، فالجميع كان يتوقعها، وعلينا الآن أن نتوقع المزيد من إجراءات التقليص والخفض في برنامج التيسير الكمي خلال الفترة المقبلة، مضيفاً أن المهم الآن هو متابعة التداعيات الناجمة عن هذا القرار على البورصات العالمية، والاقتصاديات الناشئة وعلى الاقتصاد العالمي برمته. وتزايدت التوقعات في الآونة الأخيرة بأن الاحتياطي الفيدرالي يتجه للتخلي تدريجيا عن سياسة التحفيز الكمي، وعلى الرغم من أن القرار كان متوقعا لكن تأثيره في البورصات العالمية اتضح سريعا، ففي اليابان تراجعت قيمة الأسهم في بورصة طوكيو التي أغلقت على انخفاض بنسبة 2.5 في المائة وسط أجواء من القلق لدى المستثمرين من أن الارتفاع الحالي في قيمة الين الياباني قد ينعكس سلبا على أرباح قطاع الصادرات. وانخفض مؤشر هانج سنج لبورصة هونج كونج بـ 0.5 في المائة، وفي أستراليا أغلقت البورصة على انخفاض بـ 0.8 في المائة وفي الصين أنهت بورصة شنغهاي معاملاتها بتراجع قدر بـ 0.6 في المائة، والوضع لم يختلف كثيرا في البورصات الأوروبية إذ شهدت المعاملات انخفاضا طفيفا. وتراجعت قيمة الأسهم في البورصة الأمريكية أيضا في أعقاب الإعلان عن قرار الاحتياطي الفيدرالي بينما تحسنت قيمة سندات الخزانة الأمريكية بشكل طفيف. ويعتقد بعض المحللين أن ثقة الاحتياطي الفيدرالي بالاقتصاد الأمريكي توجب أي مخاوف من أن الهزة الراهنة في الاقتصادات الناشئة يمكن أن تنعكس على الولايات المتحدة أوالاقتصادات المتقدمة. ويفسر البعض التراجع في قيمة الأسهم في البورصة الأمريكية بأن برنامج التحفيز الكمي ساعد خلال العام الماضي على أن يحول المستثمرون أموالهم من السندات ذات العائد المنخفض إلى الأسهم. أما الآن فالعديد منهم يخشون انخفاض قيمة الأسهم مما يدفعهم للتخلص منها، ومع هذا فإن البعض يعتقد أن الوضع سيكون إيجابيا بالنسبة للأسهم الأمريكية خلال الفترة المقبلة إذ إن الهزة الاقتصادية التي تمر بها الاقتصادات الناشئة ستدفع رؤوس الأموال لمغادرة تلك الأسواق والاستثمار في الاقتصاد الأمريكي حيث يمكنها تحقيق معدلات ربحية أعلى. وبالفعل فإن تداعيات القرار الأمريكي لم تقف عند حدود البورصات العالمية، فاقتصادات الأسواق الناشئة تبدو أكثر تفاعلا بصورة سلبية مع القرار، فقد انخفضت عملات كل من تركيا وجنوب إفريقيا والهند والفورنت المجري الذي يرتبط باليورو. ويعلق لـ "الاقتصادية" نيك كوبين المدير التنفيذي السابق للشركة الدولية للاستثمارات قائلا، إن التوتر يتصاعد في الأسواق الناشئة خاصة أن القرار الأمريكي يتواكب مع بطء معدلات النمو في الصين، فبلدان مثل الهند والأرجنتين وتركيا وجنوب إفريقيا تعتمد بشكل كبير على التدفقات النقدية الخارجية لتمويل العجز في الحساب الجاري، وقيمة عملات هذه البلدان قد تراجعت بشكل حاد خلال الشهور القليلة الماضية. وأضاف أن المستثمرين يطالبون الآن بعلاوة مخاطر للمضي قدما في التعامل مع الاقتصادات الناشئة، مقارنة بالاستثمار في البلدان المتقدمة، وفي الوقت الحالي فإن الاستثمار في الأصول الأمريكية قصيرة الأجل أكثر جاذبية نسبيا، وهذا يترجم في شكل ضغوط على الأسواق الناشئة. وكانت البنوك المركزية في تركيا والهند وجنوب إفريقيا قد رفعت أسعار الفائدة هذا الأسبوع ويتوقع أن تتبعها كل من البرازيل وإندونيسيا وشيلي في أعقاب القرار الأمريكي. ووصف لارسن كريستن رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في بنك دانسك في كوبنهاجن الوضع بالفزع الكامن تحت السطح بالنسبة للمسؤولين في الاقتصادات الناشئة، فالوضع لا يزال هشا للغاية.

مشاركة :