في ضوء تعدد الصيغ حول حجم الدوائر والمقاعد والأنظمة الانتخابية، بين مختلطة ونسبية وفردية، وضعت كلها على مشرحة اللجان النيابية المشتركة. وعلى رغم حصر النقاش باقتراحي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي يقوم على المناصفة، 64 نائباً ًأكثري و64 نسبي، والثلاثي الذي تقدم به «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «اللقاء الديموقراطي» 68 أكثري و60 نسبي والدخول في تفاصيل الاقتراحين، بعرض نقاط التلاقي والاختلاف في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد النيابية، وفق جدول المقارنة. تؤكد مصادر نيابية لـ «الحياة» إن «اللجان لن تتمكن من تسجيل أي تقدم في اتجاه سن قانون انتخابي جديد بمعزل من تفاهم المرجعيات السياسية حول صيغة توافقية تعجل في إنجازه، وإلا سيبقى كل فريق متمسكاً بمشروعه، والنقاش سيظل يراوح مكانه في دائرة مفرغة، ولن يخرج بأي جديد انتخابي يذكر، ما يشي بأننا مقبلون على إجراء انتخابات نيابية وفق قانون الستين، إذ إننا على مسافة سنة من الاستحقاق النيابي المقبل». وفيما تعزو المصادر هذا الاستنتاج إلى «تراكم الإخفاقات على مدى عشرات جلسات النقاش التي خاضت فيها اللجان، وقبلها لجنة التواصل النيابية، وما عزز هذه القناعة لديها تطيير جلسة الأربعاء، بفعل تغيب عدد من النواب من كتل مختلفة عنها، ما حال دون اكتمال النصاب القانوني». وتتخوف المصادر نفسها من أن تكون «عدوى تأجيل النصاب في الانتخابات الرئاسية انتقلت إلى اللجان التي باشرت البحث في صيغة القانون المختلط». عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت الذي يرى أن القانون المختلط الذي يجمع بين الأكثري والنسبي هو الوحيد القادر على إنتاج توافق بين مكونات القوى السياسية، أكد لـ «الحياة» أن «تيار المستقبل قدم تنازلات كثيرة من أجل الذهاب نحو «المختلط»، ووصلنا إلى نهاية المطاف ولم يعد بالإمكان تقديم المزيد». ويضيف: «كنا نعتبر أن هناك مساعي جدية، لكن غياب القوى السياسية التي يفترض أن تكون مشاركة في تشريع قانون الانتخاب عن جلسة اللجان الأخيرة، يؤشر إلى عدم جدية ويطرح علامات استفهام كبيرة عن النوايا الحقيقية لهذه الأطراف، إذا كانت فعلاً تريد قانون انتخابي جديد»، ويرى في هذا الغياب «محاولة لتطيير عمل اللجان وتؤدي إلى مكان مجهول». وعما إذا قدم الرئيس بري ملاحظات على المشروع الثلاثي لتقارب وجهات النظر بين المشروعين. يقول فتفت: «تقدمنا بخطوات عدة من منطلق الحوار، بدءاً من المشروع الحالي وهو 26 دائرة، وقدمنا مشروعاً أول بـ37 دائرة أكثري، فلم يعره أحد أي إتمام، باستثناء موافقة حزب الكتائب، اتبعناه بمشروع آخر وهو 37 دائرة وفق النسبي والأكثري فرفض أيضاً، فقدمنا المشروع نفسه، مع مجلس شيوخ وفق المشروع الأرثوذكسي واللامركزية الإدارية ولم يناقش جدياً، إلى أن وصلنا أخيراً إلى المشروع المختلط». لكن في المقابل، يضيف فتفت: «لم يقدم أحد على أي خطوة سوى الرئيس بري عبر اقتراح المناصفة. أما بقية الأطراف، كحزب الله، فهو يتحدث دائماً عن الدائرة الواحدة والنسبية. والتيار الوطني الحر عن المشروع الأرثوذكسي». وزاد: «نحن أمام إشكالية حقيقية حول طريقة التعاطي مع هذه المواضيع في الوقت الذي نشعر بعدم وجود جدية في الطرح». ويكشف فتفت، وهو عضو سابق في لجنة التواصل، وفي اللجان حالياً: «عن اتصالات ثنائية حول إجراء تعديلات على الاقتراحين للتوافق على قانون وفق صيغة المختلط»، ويشير إلى أنه حتى الآن لا تقدم حقيقياً في هذا الشأن، لكن المساعي لم تتوقف». يتابع: «نحن سنرى ما هو غير مناسب في اقتراح الرئيس بري، ونقوم حالياً بوضع الملاحظات، سنقدمها فور الانتهاء منها، بهدف إجراء تعديلات عليه، لكننا لم نتلق لغاية اليوم أي ملاحظات إضافية على مشروعنا من جانب رئيس المجلس، وننتظر تقديمها لنا لمناقشتها للوصول إلى قواسم مشتركة تتيح إنتاج قانون مختلط». وفي قراءة سريعة لاقتراح بري، يلفت فتفت إلى أن «ملاحظاتنا عليه هو أنه متوازن في الظاهر، لكن في المضمون غير متوازن أبداً». وساق أمثلة على ذلك: في دائرة بعلبك- الهرمل توجد 10 مقاعد نيابية، وما هو مطروح وفق الاقتراح هو 4 أكثري و6 نسبي، ما يعني أن هناك مفاعيل كبيرة للصوت الأكثري تؤثر على النواب الأربعة. بينما في دائرة بيروت الثالثة المطروح 2 فقط أكثري و8 نسبي، وهذا خلل فاضح يشير إلى أن المشروع مدروس بطريقة الكيدية السياسية، ويفتقد إلى التوازن، لغياب المعيار الواحد، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على طرابلس 3 أكثري و5 نسبي، وصيدا التي يمثلها نائبان يصعب انتخاب واحد وفق الأكثري وواحد وفق النسبي، إضافة إلى دوائر ومناطق أخرى، كلها مبني في المشروع على أساس أن تطاول مراكز تيار المستقبل». ويشير إلى أن «الفارق بين الاقتراحين أكثري ونسبي، هو الخلاف حول توزيع المقاعد بين منطقة وأخرى، وبين نائب يتجه نحو الأكثري ونائب نحو النسبي، وهذا يؤدي إلى تغيير كبير في النتائج». ويلحظ جدول المقارنة بين الاقتراحين أيضاً الخلاف على تقسيم جبل لبنان، إذ يقترح بري دمج قضاء قضاء بعبدا بدائرة الشوف وعاليه، فيما يفصل الاقتراح الثلاثي بعبدا ويضمها إلى المتن وكسروان وجبيل، حفاظاً على الخصوصية الدرزية. ويقول فتفت في هذا الشان إن «رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط يشترط للموافقة على أي مشروع، بقاء الشوف وعاليه دائرة واحدة». وكان فتفت أشار في حديث أمس إلى «أن هناك طرفاً سياسياً قوياً لا يريدنا أن نعرف منفذ تفجير بنك لبنان والمهجر(في فردان الشهر الماضي)».
مشاركة :