موسم الهروب إلى المجهول ! | أمل زاهد

  • 7/18/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أشعلت قضية هروب فتاة سعودية من أهلها في (تركيا ) ،حيث يقضون إجازتهم ، إلى (جورجيا ) مواقع التواصل الاجتماعي . ولم تلبث تغريدات -زعمت أنها لها- تتحدث عن عنف مورس عليها ، وتفصيلات أخرى أن زادت القضية سخونة واشتعالاً! ومن قبل أشعلت حالات مشابهة مواقع التواصل بردود أفعال متباينة من التبرير والتعاطف مع الفتيات تارة وهو الأقل ، إلى شيطنتهن وإدانتهن بشتى أنواع التهم المعلبة . والأخير هو رد الفعل الأكثر تبنياً في هذه الحالات ، نظراً لما يحيط بأوضاع المرأة من إشكالات اجتماعية معقدة في ثقافتنا.ونظراً أيضا لثقافة الاستسهال في إطلاق الأحكام سواء بالسلب أو الإيجاب دون دراسة وتروٍّ في الأحكام ، فالأمور إما أن تحشر في خانة الأبيض الناصع أو الأسود الكالح فقط ، وهي ردود فعل نلمسها بوضوح كلما عنَّ جديد في جلّ قضايانا ! تبدو القضية أكثر تعقيداً من محاولات مقاربتها من خانتي الأبيض والأسود أو التبرير والتأثيم ، مما يستدعي تقليب الأمر على وجوهه المختلفة . ورغم أننا لا نستطيع أن نقول بوجود ظاهرة (هروب فتيات)-كونها حالات متفرقة تحدث من آن لآخر- ، إلا أن هذه القضية وغيرها من القضايا المشابهة الحساسة المتعلقة بالفتيات وهمومهن ومشاكلهن ، في مجتمع تحتدم فيه المتغيرات الثقافية ، ويخضع لإلزامات وتحديات زمن العولمة وانهيار الحدود الثقافية بين المجتمعات ، يتطلب منا فهماً مختلفاً لطبيعة الصراعات والاحتياجات النفسية التي تمر بها الشابات . علينا أن نعترف أن هناك تغيرات كبيرة في طبيعة حياتنا ، أدت بدورها إلى تغييرات حتى في القيم السائدة ، والتي كانت تعتبر حتى وقت قريب من الثوابت الراسخة . مما يفرض إدراكا لطبيعة التحديات الراهنة ، وتعاملاً مختلفاً ، واستيعاباً واحتواء لمشاكل البنات قبل أن تخرج عن السيطرة ! مما يقتضي أيضاً الاهتمام بزرع القيم الأخلاقية قبل فرضها ، وتنمية الشعور بالمسؤولية الفردية والثقة بالنفس ، واعتماد ثقافة الحوار حتى لايصبح النشء هدفاً سهلاً للخداع . وعوداً على بدء ، ما الذي يجعل فتاة في السابعة عشرة تقذف بنفسها إلى ظلمة المجهول وغيابة متاهاته ، راهنة حياتها ووجودها نفسه لصنوف الاحتمالات غير المضمونة والمخاطر الجسيمة ؟! ألا يضعنا هذا السؤال أمام مسؤولية الأسرة والمجتمع والثقافة والتعليم ، والأنظمة الإجرائية -في حال ثبوت العنف- ومدى فعاليتها في حل مشاكل الفتيات المعنَّفات ؟ بغض النظر عن ملابسات هذه الحالة وصدقية ما تزعم بها من كذبه ، علينا أن نعترف أن هناك نساءً وفتيات في مجتمعنا يعانين ظروفاً صعبة ، تجعل من حياتهن كابوساً ممضاً بلا نهاية وسلسلة من المتاعب ، كون الحظ لم يسعدهن بولي متفهم ومتعاونٍ ، فحياة المرأة تظل مرتهنة لولي أمر حتى إذا بلغت من العمر عتياً! أو إذا ما تعرضن - في حالات أصعب- للعضل أو العنف الأسري الذي نستطيع أن نقول إنه أصبح ظاهرة . مما يستدعي تجميد حياتهن وتوقفها لسنوات طويلة بين جدران دور الحماية دون الوصول لحلول لمشاكلهن ، بينما يتسرب العمر والفرص من بين أيديهن !. علينا أن نعترف أيضاً أن هناك حالة من التذمر والتبرم عند شريحة من الشابات تزداد وتيرتها عند من درست وخبرت الحياة في ثقافة أخرى ، وعند الشريحة الكادحة التي تعاني شظف الحياة من جانب ثانٍ أو الثالثة المهضومة الحقوق من ولي ظالم . فالشابات هن الأكثر تعرضاً للظلم الاجتماعي ، والأشد معاناة في تفاصيل الحياة ،من تنقل، إلى حصول على وظائف وخلافه من الأمور ! الطريق للحلول يبدأ دوماً بالمواجهة والاعتراف بالمشاكل لنستطيع احتواءها وصولاً للحلول الناجعة . amal_zahid@hotmail.com

مشاركة :