الصحافة وهموم الناس

  • 2/2/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

•• لا خيار لنا.. هكذا هي بعض الأمور الشائكة والصعبة التي لا تستطيع الولوج إليها.. أو النفاذ إلى أدق تفاصيلها، أو حتى مس أبسط ظواهرها.. •• هذه المشاكل المزمنة التي يرى البعض أن تناولها قد يثير زوابع وحرجا لا مبرر له.. كيف يمكن معالجتها.. إذا لم نذكر بها أو نشجبها.. وكيف يمكن لأي وسيلة إعلام في الدنيا معالجة مشاكل المجتمع وهموم الناس.. إذا نصبت أمام عينيه المحذورات والممنوعات في كل صغيرة وكبيرة.. •• والكاتب، ما الذي يدفعه إلى السطح حيا إذا تعذر عليه مناقشة هذه المشاكل.. التي تلامس حياة الناس وعيشهم ومعاشهم، وإذا كانت كل الأبواب مغلقة في تقدير بعض الواهمين.. من الناشرين.. فما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه الصحافة في خدمة المجتمع؟ •• نعم، الصحافة مهنة شاقة وصعبة ومتعبة.. قد يستطيل فيها وجهك فتراه في المرآة طويلا وحادا ومدببا ولا تستطيع أن تنكره.. لأن الناس تراه وتعرف معالم القبح فيه، فلا يمكنك أن تخفيه. •• وفي هذه المرآة قد تضيع ملامح الوجوه المهتزة، فينشطر الوجه إلى وجهين.. والأنف إلى أنفين، والعين إلى عينين، وقد ينقل الفم إلى مكان الأذن.. والأذن مكان العين، فتبدو مسخا فترى وجهك وكأنه قفاك.. وهذا لا يحدث إلا في حالة واحدة، وهي عندما يكذب الكاتب أو الصحفي ويزور الحقائق أو يغفلها أو ينقل صورا مغايرة للواقع. •• والصحافة تصبح قدرا لمن يمتهنها، وعذابا لمن يعشقها ويربط مصيره بها.. فهي كالحبيبة العاقة التي ينبغي عليك أن تتحمل وزرها وخيرها وشرها.. •• قد يغضب منك البعض، ويطرب لك البعض الآخر، وقد يصيبك الأذى وتحتلك الهموم.. ويسرق النوم من عينيك وتنتابك حالات من الرعب والفزع، ولكن في النهاية تجد أنك قد أزحت عن كاهلك عبئا ثقيلا عندما تمارس هذه المهنة بأمانة وصدق. •• والناس غالبا تتوق إلى الحقائق مهما كانت مؤلمة وجارحة. •• الناس تريد أن تقول: للأعوج أعوج، وللقبيح قبيح، وللحسن حسن.. وهي تكره الرتوش والخداع والكذب.. •• والصحفي لا ينطفئ وجهه إلا عندما يكذب.. ولا تشوه خلقته إلا عندما يعبث الرقيب بكلامه.. وينتزع جزءا. •• بعض أحبتي من القراء والزملاء يعتقدون بأن لدي ما أقوله، أي بمعنى أنني ما زلت حيا.. وهم يدركون أن الموتى وحدهم الذين لا يتكلمون ولا يحتجون ولا تنتفض عظامهم في قبورهم. وبعضهم يتساءل لماذا أثني.. والبعض الآخر يطربه ويعجبه أن أحتج فقط.. وهؤلاء لا يعلمون.. أن بين احتجاجي وغضبي.. وبين رضائي وفرحي منطقة محايدة اسمها الإنصاف.. ومهما أصابك من جور وعنت.. لا بد أن تقول لمن أحسن أحسنت.. ولمن أساء أسأت.. ولا يمكن في ظل ما يعانيه المرء من تعب أن يكون ذلك حائلا بينه وبين إنصاف الناس، وإلا فإنه لن يجد من ينصفه. ولست مع صديقي أبو بدر الذي بعث بهذه الرسالة المحنطة التي يقول فيها: «يا تهامي شوف عودك كيف ضامي الشبع من غير ضرسك مثل موتك يوم عرسك من ولدت بلا معاني غصب أو راضي تعاني عاد تسميها حياه» •• نعم، هذه هي الحياة بحلوها ومرها وسعادتها وشقائها، ولا أزيد!.

مشاركة :