هل تعتذر عما فعلت؟

  • 7/24/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يوسف أبو لوز كم من القراء الذين عاشوا محنة جان فان جان في رواية البؤساء تمنوا لو أن لديهم القدرة على القتل (..وما من قارئ جميل يمكنه أن يقتل)، لكانوا قتلوا ذلك المفتش البوليسي الذي ملأ ليل ذلك المسكين بالرعب، وكم من قارئ قال في نفسه لو أن غرونوي رجل حقيقي أمامي الآن لقتلته، وكم من القراء خطر لهم أن يقتلوا كل أولئك الجلادين، والبوليسيين في روايات عبد الرحمن منيف، وإذا كان معطف غوغول قد سكب الكثير من دموع القراء، فلابد أن واحداً منهم قد حنق حنقاً عظيماً على من حول أكاكي أكافيتش إلى إنسان جبان مكسور الإرادة في روحه الآدمية الضعيفة. لا نستطيع قتل أبطال الروايات المجرمين والساديين والمتسلطين لأنهم مصنوعون من الورق، ولكن، يخيل إليك، أحياناً، إذا كنت نائماً بالقرب من مكتبة، أن مرضى دوستويفسكي قد خرجوا من الروايات ووقفوا فوق رأسك في الليل وتحولوا من لغة وورق إلى لحم وعظم. بالطبع، ليس كل أبطال الروايات جاؤوا من خرائب وكهوف الإجرام. هناك عشاق لا يستحقون إلا العطر وباقات الورد، ولكن ماذا يفعل الروائي بالمخيلة الأدبية التي تجعل منه إمبراطوراً حراً في صناعة الشخصيات.. الرديء منها والجميل؟، هل يتوقف عن الكتابة أم يعتذر عما فعل؟ موقع صحيفة ذي تليغراف البريطانية قال قبل أيام إن الكاتبة جي كي رولينغ ندمت على قتل شخصية ظهرت في إحدى رواياتها في حين أن الروائي الأمريكي جورج مارتن يعلق على أحد المسلسلات: ..أنه على الكاتب وحتى كاتب الخيال الالتزام في قول الحقيقة والتي هي صراع العروش موت جميع الرجال خاصة إذا كنت تكتب عن الحرب... بين ندم رولينغ، وتبرير مارتن، هل يمكن البحث عما هو أخلاقي في ما يتعلق بالقتل؟، فالندم، أو اللا ندم على قتل شخصية روائية ومتخيلة أمر هين بالنسبة للكاتب، ولكن ماذا بشأن ملايين القتلى الذين خلفتهم الحروب، وكانوا موضوعات روايات تبرر القتل والحرب معاً.. ترى هل يندم كتّاب في الغرب على هذا النوع من الروايات؟؟ على أي حال الشخصية الروائية ليست متخيلة دائماً ولا هي دائماً مجرد حبر وورق وكتابة، هناك ما هو واقعي تماماً، وبشري تماماً في تراث العالم الروائي والشعري والمسرحي والقصصي. هل يعتذر كتّاب في الغرب والشرق (وغالبيتهم في شرق المتوسط) عن تلميع الطغاة مثلاً، وتصويرهم في الرواية والشعر على شكل ملائكة ومخلّصين، وهم والغون في الدم إلى ركبهم؟ هل يعتذر الشاعر عما فعل إذا رَبَت على كتف ديكتاتور، ذات يوم، فيما تتساقط من نياشينه الدماء والدموع؟ أخيراً.. وببساطة ، هل الاعتذار أو الندم موقفا شجاعة؟؟ yosflooz@gmail.com

مشاركة :