يؤكد العديد من الباحثين المختصين في مجال الإرهاب أن المشكلة في فهم "الإرهابيين الأقوياء" أو منفذي عمليات إطلاق النار الجماعية هو أن غضبهم أو كرههم وحده لا ينذر بقيامهم بأعمال عنف. وقالت الأستاذة في جامعة ولاية جورجيا الأميركية، الباحثة المختصة في الإرهاب الانتحاري، الدكتورة مايا بلوم لمجلة Live Science الأميركية "ليس هُنالك نموذج محدد" لمن يقوم بعمل إرهابي. وأضافت: مثلا الناس الذين وُلدوا بجنسيات أيرلندية في أيرلندا الشمالية -في الخمسينات- من الممكن أنهم قد استوعبوا الرسائل السياسية من صغرهم حول القمع البريطاني ومن ثم انضموا إلى جماعة عسكرية تتوافق مع أيديولوجيتهم. وقالت بلوم "الأمر الذي نشهده أكثر وأكثر هو أن التسلسل الطبيعي المنطقي لا يبدو كما ينبغي أن يكون، فالجماعات الإرهابية، مثل داعش، يتم تجنيدها في السجون، بحيث يقومون باستدراج ناس ذي ماض متقلب في اكتشاف وتجديد شخصياتهم وإيجاد معنى أكبر في حياتهم. الذين يقومون بتنفيذ عمليات وحيدين قد يستخدمون الأسباب السياسية كغطاء خارجي من الاحترام حتى يخفون غضبهم ويأسهم الشخصي. وعلقت بلوم "قد تكون هنالك دوافع عديدة ومترابطة". ومع عدم وجود مقياس ثابت لكي يستخدم كدليل، قام الباحثون بالعمل على معرفة مَن مِمن بين المختلين عقليا والمشحونين بالغضب قد يتطور فيهم ذلك إلى عنف. ولكنها ليست بالمهمة السهلة. وقالت بلوم "لن تستطيع معرفة مَن مِن بين الكلاب لا يعض". دافع نفسي أم سياسي اعتقد الباحثون أنه حتى الأشخاص الذين يبدون وكأنهم إرهابيون بشكل مباشر مثل منفذي التفجيرات الانتحارية – الأمر الذي يدفعهم هي المشاكل الصحية النفسية. وفي كتابه "أسطورة الاستشهاد: ما الذي يدفع المفجرين الانتحاريين، ومطلقي النار الثائرين والقتلة الآخرين"، يجادل آدم لانكفورد (بروفيسور العدالة الجنائية في جامعة ألباما) قائلا: المشاكل الصحية النفسية شائعة بين منفذي الهجمات الانتحارية، حيث اكتشف في عينة من 130 إرهابيا انتحاريا أن 44 منهم ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية أو غيرها من المشاكل الصحية النفسية، وتعرض 104 منهم إلى أزمة قبل تنفيذ الهجوم، و12 منهم يعانون إصابة أو إعاقات جسدية حرجة، و66 منهم قد خسروا أحدا ممن يحبون بشكل مفاجئ. تحليل لانكفورد يعدّ مناقضا للنظرة العامة تجاه الإرهابيين الانتحاريين التي تشير إلى أن معظمهم طبيعيون من الجانب النفسي وفقا لما قاله. الأمر الذي يوحي بوجود صعوبات في فهم الدوافع في أزمنة وثقافات مختلفة، خصوصا إذا كان لدى أسرة أو أصدقاء الانتحاري سبب ومصلحة قوية في جعله يبدو كإنسان عاقل محب لفعل الخير. وذكر لانكفورد أن "الإرهابيين الأقوياء" أقل عُرضة لأن يكونوا انتحاريين مقارنة بمنفذي عمليات الإطلاق الجماعية في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن العديد من الإرهابيين الوحيدين يعانون مشاكل صحية نفسية أو أزمات شخصية. بين العنصرية والإرهاب يُعرف الإرهابي بأنه شخص يستخدم العنف تحقيقا لأهداف سياسية، بينما منفذ عملية الإطلاق الجماعية يكون له دافع شخصي أكثر. ولكن من الممكن لجميع هذه الفئات أن تتداخل وتصبح غير واضحة وفقا لما قاله لانكفورد. فمثلا مطلق النار الذي قتل المصلين الأميركيين من أصل إفريقي في كنيسة تشارلستون جنوب كارولينا – لم يتهم بجريمة الإرهاب وإنما اتهم بجريمة الكُره. وقد كان ذلك قرارا غريبا، حيث إن العديد رأوا رغبته في بدء "حرب عنصرية" كدافع سياسي. ومن الممكن كذلك أن يكون الكشف عن أولئك ذوي الدوافع الإيديولوجية أمرا صعبا. فمثلا مطلق النار الذي نفذ هجوما في جامعة فرجينيا للتقنية عام 2007 قيل عنه إنه قتل "مثل المسيح"، ولكنه عادة لا يعتبر دافعا دينيا. وآخر هذه الصعوبات هو أن الجماعات الإرهابية تتغير وتتكيف بشكل مستمر. فعندما يقبض الأمن على المفجرين الانتحاريين الذكور تقوم الجماعات الإرهابية بإرسال النساء مرتديات أحزمة ناسفة. وفي نيجيريا جندت "بوكو حرام" حتى الأطفال كي ينفذوا هذه الهجمات.
مشاركة :