هل دخلت الانتخابات منعطف الازمة؟

  • 7/28/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ربما يلخص عنوان المقال ما يدور علنا وضمنا في احاديث الناس الانتخابية وفي حراك المرشحين الصعب في الطريق الى بناء قوائمهم الانتخابية. في حراكنا الانتخابي، وفي مختلف الجولات واللقاءات، كانت هناك دائما اسئلة كثيرة من قبل جميع الاطراف مرشحين وناخبين تحمل مشاعر قلق وعدم فهم لبعض مفاصل القانون وشكوك لتأخر تشكيل القوائم بحيث بات البعض يتحدث عن المقاطعة والبعض الاخر عن امكانية تأجيل الانتخابات من اجل تعديل القانون. هذه التساؤلات وغيرها توحي في ظل ما تبقى من ايام قليلة تفصلنا عن بدء الموعد الرسمي لتسجيل قوائم المرشحين بان ازمة ما تتشكل، والسؤال هل يمكن ان تتطور هذه الهواجس الى ازمة حقيقية تؤثر على مفاصل العملية الانتخابية او بمعنى ادق هل تؤشر هذه الهواجس إلى ان الانتخابات دخلت فعليا منعطف الازمة؟؟ الغالبية تحمل قانون الانتخاب الجديد والانظمة المتفرعة عنه اكبر قدر من المسؤولية، ويرون ان الافتراضات التي بني عليها القانون ليست واقعية ولا تتلاءم مرحليا مع الواقع، وان نتائجها من الصعب ان تحدث التطوير المرغوب على صعيد البرلمان والتعددية الحزبية في اطاره بل قد تأتي بعكسه تماما، وانها تثير العديد من الاشكالات الاجتماعية. لكن هل كل ذلك صحيح ؟ في المحور الاول وهو اجرائي يتعلق بالقانون والانظمة المتعلقة به، اذ رغم الجهد الذي تقوم به الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات والدور التوعوي بالقانون، ما زال قسم عريض من الناخبين والمرشحين يواجهون صعوبات عديدة في التعامل مع معطياته ومع فهم نظام الاحتساب واليات التصويت، وفي ظني ان هناك ايضا قضايا ستبرز عند التسجيل لها علاقة بالجوانب الاجرائية التي وردت في القانون مثل الحساب المشترك لكل قائمة واعتماد مدقق حسابات بالإضافة الى الجوانب المتعلقة بالحملات الاعلانية. ويمكن النظر الى هذه الاشكالية بتفهم اكبر لأنها واردة الحدوث على اساس اننا امام نظام انتخاب جديد يعتمد على القوائم النسبية ولم نعتد عليه، وان طبيعة هذه الاشكالية تأخذ مسار افضل كلما مر يوم اضافي، وربما العديد من المرشحين والاحزاب وغيرهم لم يتوفر لديهم فهم واضح للقانون السابق الا بعد اجراء الانتخابات وظهور النتائج، ومعرفة ما فاتهم من فرص. وفي المحور الثاني بناء التحالفات سواء على المستوى الاجتماعي او على المستوى الحزبي، ففي المستوى الاجتماعي تبرز المشكلة بشكل اكبر من الحزبي ، فما زال العديد من المرشحين غير قادرين على بناء قوائهم، فضلا عن الكلف المالية المترتبة عليها تسجيلا واعلانا، واتجاه العديد نحو بناء قوائم شكلية لا تحقق المطلوب في فلسفة القانون، وفي قوائم اخرى تأخذ الانسحابات منحى اخر كلما تعمق فهم بعض المرشحين لفرص الفوز. وفي بعضها اخذت تبرز السجالات الاجتماعية غير المرغوبة. وفي القوائم الحزبية تبرز اشكاليات مختلفة، منها ان بعض الاحزاب تراجع عن خوض الانتخابات بشكل حزبي معلن وعاد للطريقة القديمة بعد ان ودعها بالانتخابات السابقة، وهي خوض الانتخابات من خلال المرشحين وثقلهم الاجتماعي دون الاعلان عن الصفة الحزبية، وهذه انتكاسة على صعيد تعزيز مشاركة الاحزاب المعلنة في الانتخابات وتعزيز حضورها الكتلوي في البرلمان. وفي المحور الثالث : محور النتائج يبدو ان هناك اشكالية تتعلق بالنتائج المتوقع ان تحصدها الاحزاب التي دخلت في تحالفات القوائم، في الوقت الذي منحت فيه تركيبة قانون الانتخاب الجديد التكوينات الاجتماعية والاسلامية الثقل الرئيسي، فضلا عن ان نظام القوائم في الدوائر المحلية ربما سيعزز من حصص التيار الاسلامي على حساب حصص الاحزاب الاخرى وعلى حساب بناء تعددية حزبية برلمانية، لان الناس عندما تصوت لهذا التيار لا تصوت على اساس حزبي وانما على اسس اخرى، وبالتالي ستعود المنافسة التقليدية بين هذين المكونين كما كان يحدث في قانون الصوت الواحد، وتكون الافتراضات قد سارت باتجاه اخر. المحور الرابع : في ظل هذه الاشكاليات يطل متغير جديد يدعو لمقاطعة الانتخابات ورغم الشك في جدوى هذه الحملة الا انها تبقى من المشكلات القائمة والمحتملة، وستكون اقل حدة في المحافظات كلما ابتعدنا عن مركز العاصمة لان الترابط الاجتماعي بين الناخبين والمرشحين سيوفر نسب معقولة للمشاركة. دون ان نغفل اننا قد نكون امام احجام جمعي لبعض التكوينات الصغيرة الذي وسع القانون من احساسها بالتهميش اكثر. اذا بالصورة العامة قد لا يبدو ان هناك ازمة قائمة تعيق العملية الانتخابية في الجانب الاجرائي، فاغلب الاحزاب ستشارك بالانتخابات ولو من باب المجاملة، ونسب المشاركة ستكون مدعومة بطبيعة الروابط الاجتماعية ومشاركة التيارات الاسلامية، وستكون هناك قوائم اجتماعية وحزبية جاهزة للمشاركة مع الموعد المستحق. اما الحكم على فلسفة القانون وجدواها والحكم على نظام القوائم المحلية والنتائج التي ستتمخض عنه بعيدا عن التوقعات، في ظل المتغيرات في الاقليم وعلى الساحة المحلية، واثر كل ذلك على البرلمان القادم بالإضافة الى الاثر الاجتماعي والسياسي للقانون، فإنها ستتأكد في اليوم التالي للانتخابات... هكذا تخبرنا التجارب الانتخابية بان الازمات تأتي لاحقا وكذلك الفرص. ويبقى السؤال هل هذا هو القانون الذي انتظرناه لحل الازمة الحقيقية المتعلقة بإصلاح الحياة البرلمانية وتعزيز التعددية الحزبية والبرامجية في اطارها... بانتظار النتائج؟

مشاركة :