يخشى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قيام لجنة رسمية للتحقيق في عملية «الجرف الصامد» على غزة عام 2014، وكما فعل كل شيء لمنع لجنة كهذه بعد حادثة مرمرة وحريق الكرمل، كذلك يفعل الآن. وفي سبيل ذلك يساوم أسر الضحايا، ويتشاور مع وزرائه ويتفاخر أمام مقربيه. يجب أن نقرأ الكلمات التي قالها أمس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للمراسلين العسكريين عدة مرات حتى نفهمها جيدا، فنتنياهو يعتقد أننا انتصرنا في عملية «الجرف الصامد»، إنني جاد لقد قال ذلك أمس للمراسلين العسكريين. ولم ننتصر فقط، فبحسب نتنياهو تحقق الانتصار بفضل الأمر الذي أصدره في فبراير 2014 بزيادة إنتاج الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية. «وهذا»، يقول نتنياهو بصوته، «أكسبنا الحرب». تذكير بسيط: بعد عملية «الرصاص المصبوب» وقف نتنياهو على أبواب عسقلان وأعلن بصوته الجهوري أنه عندما يصعد إلى السلطة سوف يعطي الجيش أخيرا تعليمات للانتصار، ولا يكبحه كما فعل أولمرت وليفاني، وسوف يسقط حكم حماس في القطاع. تذكير آخر: في عملية «الرصاص المصبوب» نفذ الجيش مناورة برية كبيرة في القطاع، وكان عدد المصابين قليلا جدا (10 جنود وثلاثة مدنيين)، وتلقت حماس ضربة قاسية وكل ذلك حدث في 23 يوما. بعد ذلك مباشرة وصل نتنياهو إلى الحكم. امتدت عملية «الجرف الصامد» 51 يوما، وقصفت تل أبيب خلالها كروتين يومي، وأغلق مطار إسرائيل الدولي يومين، وفقد الجيش 67 مقاتلا وخمسة مدنيين. دعي المراسلون العسكريون إلى مكتب رئيس الحكومة في عجلة، بإشعار لأقل من يوم واحد. لم الاستعجال؟ خطاب العائلات الثكلى. نتنياهو مقتنع بأن مؤامرة تدبر ضده بالتعاون مع أسر الضحايا، إذ إنه في النهاية، كل ما يريده الجميع طوال الوقت هو الإطاحة به. قال نتنياهو أمس للمراسلين العسكريين إن عناصر مجهولة توظف العائلات الثكلى، وإن هذه حملة منظمة. إنها مقولة وقحة وعلى حدود الفضيحة. من يوظف ليا وسمحا جولدين، وهرتسل وزهافا شاؤول؟ من أين جاء نتنياهو بهذا؟ واضح من أين: بعد «حرب لبنان الثانية» كان نتنياهو هو الذي عبأ في الخارج ملايين الشيكالت من أجل تفعيل وضخ «احتجاج جنود الاحتياط» بهدف إسقاط إيهود أولمرت. فتح رئيس الحكومة البروتوكولات وقرأ على المراسلين العسكريين مقتطفات من ثماني جلسات لمجلس الوزراء. جملة له هنا، وجملة لرئيس الشاباك هناك. فخامة رئيس الحكومة، لم يزعم أحد أن تهديد الأنفاق لم يذكر في المناقشات المختلفة. فقد ذكر هنا وهناك، على هامش أقوالك أو أقوال رجال الأمن. إن ما ادعي ضدك مختلف تماما، ادعي ضدك أنه لم تكن في مجلس الوزراء مناقشة واحدة مخصصة لتهديد الأنفاق. مناقشة منتظمة، مع بداية ووسط ونهاية، وعرض مرتب للتهديد، واقتراحات للعمل وقرارات. لم يكن هناك مثل هذا النقاش، تماما كما لم يكن هناك أي نقاش عن مرمرة، على الرغم من أنك كنت تعلم أنها على وشك الوصول. وأيضا لم توافق على تأجيل سفرك إلى كندا والولايات المتحدة، التي اضطررت إلى العودة منها على وجه السرعة بعد الكارثة الكبيرة. سؤال أخير، سيدي رئيس الوزراء: إذا كنت صادقا، وكان هناك حقا مناقشات لا حصر لها حول تهديد الأنفاق، وقد عرفت ذلك أولا، ووجهت تعليمات، وأدرت، وقلت، وأشرت وكشفت وغير ذلك، كيف يمكن أن تكون، خلال ثلاثة أسابيع متتالية في «الجرف الصامد» حتى 18 يوليو 2014، عارضت أن يدخل الجيش وينفذ عملية القضاء على الأنفاق؟ أنت في الحقيقة تقول إنك عرفت خطورة التهديد وفضلت عدم التعامل معه حتى بعد أن سنحت لك الفرصة للقيام بذلك. خلاصة القول: نتنياهو يخشى، كما هي الحال دائما، من لجنة تحقيق رسمية. كما فعل كل ما في وسعه لمنع لجنة كهذه بعد مرمرة، وكما فعل كل ما في وسعه لمنع لجنة كهذه بعد حريق الكرمل، كذلك يفعل الآن.;
مشاركة :