المعارضة السورية تندِّد بـ «ممرات الموت»: مخططٌ لإفراغ حلب بمشاركة إيرانية

  • 7/30/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عواصم أ ف ب، رويترز وصفت المعارَضة السورية أمس الممرَّات الأربعة التي أعلنت موسكو فتحها في حلب بـ «ممرات الموت»، بينما لزِم سكان الشطر الشرقي من المدينة منازلهم بعد مواصلة النظام القصفَ الجوي. تزامَن ذلك مع إعلان المبعوث الأممي الخاص بسوريا، ستافان دي ميستورا، أن خطة روسيا بشأن حلب (شمال) تتطلب تحسيناً. ويرى محللون ومصادر، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، أن تطبيق هذه الخطة سيؤدي إلى سيطرة نظام بشار الأسد بالكامل على المدينة التي يحاصرُ شطرَها الشرقي حالياً، فضلاً عن تهجير قسري عبر إخراج السكان. والجمعة؛ خلت شوارع هذا الشطر الموالي للمعارضة، والذي يضم 250 ألف شخص، من المارة. ولزِم السكان منازلهم نتيجة تواصُل القصف الجوي، في وقتٍ توقفت فيه المولدات الكهربائية في عددٍ من الأحياء بسبب نفاد الوقود، وفق مراسل «الفرنسية». ولاحظ المراسلُ عدم فتح المعابر الأربعة بعد، وهو ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان. في غضون ذلك؛ عبَّرت واشنطن عن مخاوف «عميقة» بالنظر إلى «السجل الروسي» المثير للتشكُّك على أقل تقدير، بحسب تعبير البيت الأبيض. وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أعلن الخميس بدء ما سمَّاها «عملية إنسانية واسعة النطاق» في حلب، لافتاً إلى فتح 3 معابر أمام المدنيين الراغبين في الخروج من الأحياء الشرقية المُحاصَرة. وتحدث شويغو عن ممرٍ رابعٍ سيفتح في الشمال على طريق الكاستيلو للسماح بـ «مرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن». وتنقسم المدينة منذ صيف عام 2012 بين شطر شرقي مع المعارضة وغربي تحت سيطرة قوات النظام. ويتعرض الشطر الشرقي إلى قصف جوي وإلقاءٍ لبراميل متفجرة، ما أوقع مئات القتلى. واعتبر مدير مرصد حقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن «الروس والنظام يريدون من خلال فتح المعابر الإيحاء بأنهم يريدون حماية المدنيين لكنهم يستمرون في المقلب الآخر في قصفهم للأحياء الشرقية». بينما ذكر عضو اتئلاف المعارضة، أحمد رمضان، أن الممرات التي تحدث الروس عنها يسميها السكان ممرات الموت. وحذر رمضان من مخطط يشارك فيه الطيران الروسي والحرس الثوري الإيراني «لتهجير الأهالي من مدينتهم». ورأى أن ما يجري «تدميرٌ كاملٌ ومنهجي للمدينة على سكانها سواءً كانوا مدنيين أم مقاتلين»، معتبراً الإعلان الروسي جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. في ذات السياق؛ لاحظت عضو وفد المعارَضة المفاوِض، بسمة قضماني، أن هذه المعابر مخصَّصةٌ لإخراج الناس وليس لإدخال المساعدات. فيما اقترح ستافان دي ميستورا، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، أن «تترك لنا روسيا الممرات التي فُتِحَت بمبادرتها»، مؤكداً «الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون يعرفون ما ينبغي القيام به ولديهم الخبرة». وأوضح «نؤيد مبدئياً وعملياً الممرات الإنسانية في الظروف التي تسمح بحماية المدنيين»، مكرِّراً الدعوة إلى «هدنات إنسانية من 48 ساعة لإتاحة العمليات عبر الحدود وعبر خطوط الجبهة في حلب». ولم تقتصر الانتقادات للخطة الروسية على معارَضي الأسد؛ إذ عبَّرت باريس عن موقفٍ مشكِّك. ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، أن «فرضية إقامة ممرات إنسانية تقضي بالطلب من سكان حلب أن يغادروا المدينة؛ لا تقدم حلاً مجدياً للوضع». كذلك؛ عبَّر البيت الأبيض عن قلقه للغاية بشأن وضع حلب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، إريك شولتز، في إفادةٍ صحفية «ننظر في إعلان روسيا إقامة ممرات إنسانية، لكن بالنظر إلى سجلهم في ذلك نحن متشككون على أقل تقدير». و»إذا ثبُت أن هذه العملية الروسية حيلة؛ فإن ذلك سيعرِّض للخطر التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحل السياسي في سوريا»، بحسب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري. ووفق وكالة «رويترز» للأنباء؛ لم يستبعد مسؤولون في واشنطن أن يكون الإعلان من روسيا محاولةً لإفراغ حلب من سكانها وحمل المقاتلين على الاستسلام. ورداً على سؤال لأحد الصحفيين في بداية اجتماعٍ مع نظيره الإماراتي؛ أجاب كيري «إذا كانت حيلة؛ فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون تماماً». واستدرك «من ناحية أخرى؛ إذا تمكنَّا من حل الأمر اليوم والوصول إلى تفهم كامل لما يحدث ثم التوصل إلى اتفاقٍ بشأن سبل المضي قدماً؛ فإن ذلك يمكن أن يفتح فعلياً بعض الاحتمالات». وأقرَّ كيري، رداً على سؤالٍ عمَّا إذا كانت العملية خدعة، بأنه «يساورنا قلق عميق بشأن التعريف، ولقد تحدثت إلى موسكو مرتين في الـ 24 ساعة الماضية»، متابعاً «نحن ببساطة لا نعرف ولن نعرف ذلك تمام المعرفة إلا بعد أن ننتهي من المحادثات (مع الروس)». ولم يذكر الوزير الأمريكي ما إذا كانت المحادثات جارية ولم يحدد كذلك مع من تحدث في موسكو، علماً أنه يتحدث عادةً مع نظيره، سيرجي لافروف. وعقَّبت موسكو على التشكُّك في خطتها بتصريحاتٍ لسفيرها لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، ولنائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنتونوف. وصرَّح الأول «موسكو ستدرس بإمعان وتأخذ في الحسبان مقترحات ستافان دي ميستورا» بشأن تحسين الخطة «الإنسانية». فيما نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الثاني قوله «العملية إنسانية فحسب» و»نحن على استعداد للقيام بأي شيء بإمكاننا لإيصال المساعدات». وعلَّق مصدر دبلوماسي غربي، بدوره، قائلاً «يريد الروس والأسد دفع الناس إلى تسليم أنفسهم». وأخبَر المصدر الوكالة الفرنسية «ما يريدونه هو الاستسلام وتكرار ما حدث في حمص عام 2014» حين تمَّ إخراج نحو 2000 مقاتل من المدينة القديمة بعد عامين من الحصار المحكم والقصف شبه اليومي من قوات النظام. في حين اعتبر مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، كريم بيطار، أن «سكان حلب يواجهون معضلة وجودية رهيبة، إذ غالباً ما يضطرون إلى الاختيار بين خطري الموت جوعاً أو خلال فرارهم». في غضون ذلك؛ أفادت منظمة «إنقاذ الطفولة» بتعرُّض مستشفى ولادة في محافظة إدلب (شمال سوريا) إلى أضرارٍ بالغة أمس، بعدما أصيب بقصفٍ مباشر. وقالت المنظمة إنها تدعم المستشفى الذي يقع في منطقةٍ تحت سيطرة المعارضة. وأشار مرصد حقوق الإنسان إلى ضربات جوية أصابت المبنى وآخر يتبعُ الدفاع المدني. لكن متحدثاً باسم «إنقاذ الطفولة» قال إن عدد ضحايا القصف لم يُعرَف بعد. وأبان «هذا هو مستشفى الولادة الوحيد في كفر تخاريم، ويستقبل 1300 امرأة وطفل شهرياً، وقد أجرى نحو 340 عملية الشهر الماضي». وفي منطقة الأتارب القريبة من إدلب؛ أكد مرصد حقوق الإنسان مقتل 10 مدنيين على الأقل أمس؛ بينهم 5 أطفال و3 نساء، جرَّاء 3 غارات جوية من جانب الطيران الحربي للنظام. و»عدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بعضهم في حالات خطرة»، بحسب المرصد. وفي شأنٍ آخر ً؛ أعدم تنظيم «داعش» الإرهابي 24 مدنياً على الأقل إثر اقتحامه الخميس قرية البوير التي كانت تحت سيطرة فصيل «قوات سوريا الديموقراطية» قرب مدينة منبج التابعة لحلب. وأشار مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، أمس إلى «قيام تنظيم داعش بإعدام 24 مدنياً على الأقل خلال الـ 24 ساعة الأخيرة إثر اقتحامه قرية البوير الخميس وخوضه اشتباكات ضد قوات سوريا الديموقراطية التي انسحبت من البلدة» الواقعة على بعد 10 كيلومترات شمال غرب منبج. ويحاول فصيل «قوات سوريا الديمقراطية»، منذ الـ 31 من مايو الماضي، السيطرة على مدينة منبج الاستراتيجية القريبة من الحدود التركية. وتمكن هذا الفصيل، التي يضمُّ وحدات الحماية الكردية ومقاتلين عرب ويكتفي بقتال «داعش»، من دخول المدينة، لكنه لا يزال يواجه تفجيرات انتحارية وسيارات مفخخة، علماً أنه يتلقى دعماً أمريكياً.

مشاركة :