استمع مفتاح شعيب تشير عمليات الاقتحام والاعتداءات الهمجية التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ومستوطنوه في المسجد الأقصى، إلى شر مستطير يحوم حول ذلك المكان المبارك، وبدأ يتأكد من خلال تكثيف المنظمات اليهودية المتطرفة، مثل منظمات الهيكل، تحريض أنصارها على المشاركة في اقتحامات واسعة للمسجد هذا الشهر لإقامة فعاليات تلمودية خاصة في باحاته الشريفة. واستباقاً لاعتداء يبدو واقعاً، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة طالت موظفي دائرة الأوقاف بالقدس، وحراس المسجد الأقصى، ولجنة إعماره، بينما لا يكاد يمر يوم من دون أن يحدث تحرش أو تدنيس بهدف تهيئة الأجواء والإجراءات ليوم 14 أغسطس/آب الجاري، الذي تستعد فيه منظمات التطرف اليهودي لإقامة طقوس ذكرى حرق الهيكل المزعوم، وهي مناسبة لها ما بعدها، فالحاخامات يخططون لإقامة مؤتمر لوضع أسس استراتيجية للتسريع بإعادة بناء هذا الهيكل، وأخطر ما في الأمر، دعوة إلى تشكيل شبيبة الهيكل التي يفترض أن تتحول مع الزمن إلى ميليشيا، أو منظمة إرهابية تتولى حماية الفعاليات المطلوبة والبطش بالمناوئين، الذين هم أساساً الفلسطينيون المرابطون في حرم المسجد، وسكان القدس المحتلة، على الرغم من أن الجماعات اليهودية المتطرفة لا تحتاج إلى أي ميليشيا، طالما ترعاها حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، وقوات الاحتلال المؤتمرة بأمرهما لا تقصر بشيء في هذا الجانب، فكل الاقتحامات تجري من تنظيمها وتحت حمايتها، وستعمل خلال الأيام المقبلة على إحكام إغلاق القدس، وربما كل الضفة الغربية، لمنع أي عمل احتجاجي، أو فدائي، قد يقدم عليه الفلسطينيون الذين يشعرون بخذلان كبير من شتى الأطراف. الخوف كل الخوف أن يحوّل المتطرفون اليهود ذكرى حرق الهيكل هذا العام إلى اعتداء شائن يتم فيه حرق المسجد الأقصى، مثلما حدث في مناسبة شبيهة قبل 47 عاماً، عندما أقدم متطرفون يهود على حرق المسجد المبارك في 21 أغسطس/آب 1969، وهي جريمة مازالت محفورة في الذاكرة ولم تنسها الأجيال. ولكن المناخ اليوم أصعب على المسجد وأهله في ظل الضياع العربي الكبير، وتشتت الموقف الفلسطيني، وانشغال العالم بأسره بقضايا ليس بينها فلسطين وقضيتها العادلة. وحتى إذا صدر بيان بالشجب والتنديد، فلن يتجاوز التداول اللفظي للعبارات المألوفة من دون أن يرقى إلى فعل، أو عمل. وفي هذا التوقيت وبعد سنوات وأشهر من الاستهداف الممنهج، والحفريات ومصادرة الأملاك، قد لا يجدي التحذير من شر هذه الحملة، رغم أن الفلسطينيين، والمقدسيون منهم، الذين قدر لهم أن يكونوا حماة تلك البقعة الطاهرة، يقومون بالواجب وزيادة، ولكن جهدهم لا يكفي، طالما لم تدعمهم إرادة عربية وإسلامية قوية تدفع المجتمع الدولي بأسره للضغط على كيان الاحتلال ليلجم مستوطنيه فيكفوا أذاهم وشرهم، وهذا التحرك مطلوب فوراً. أما الصمت، فسيشجع المنظمات اليهودية المتطرفة في مشروعها الساعي إلى تغيير الوضع القائم في القدس، وتهديد المسجد الأقصى حتى هدمه وتهويد مقامه، وهو هدف لا يستحيي أولئك المتطرفون من ذكره، بل أصبحوا يتبجحون بالسعي لتنفيذه لأنهم لم يجدوا في طريقهم قوة للردع. chouaibmeftah@gmail.com
مشاركة :