كشف أحدث تقارير البحوث الصادرة عن مجموعة إندوسويس لإدارة الثروات، تحت عنوان: «تعليقات حول الاقتصاد الكلي –تقرير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي سوف تلعب دوراً حاسماً في نمو اقتصاد دول المجلس ومستقبل المنطقة. وفي سياق تعليقه على التقرير، قال الدكتور بول ويتِّروولد كبير المحللين الاقتصاديين في مجموعة إندوسويس لإدارة الثروات: «نستطيع طرح بعض الملاحظات المثيرة للاهتمام بخصوص دول مجلس التعاون الخليجي، حين نربط ما بين التركيبة السكانية والأسواق المالية لتلك الدول. ويتيح لنا استبدال الأفق الاستثماري المرتبط بالدورة الاقتصادية بإطار زمني أطول ومهيكَل بشكل أكبر، استخدام متغيرات أخرى مثل التكنولوجيا التي ترتبط بها الإنتاجية، والطقس، والتركيبة السكانية. ويتمثل الأمر اللافت في هذا الصدد في كون التركيبة السكانية تتيح لنا التمييز بين المناطق أو الدول، باعتبار أن تلك التي تشهد أعلى معدلات النمو السكاني منها، مرشحة أكثر من غيرها لتحقيق نمو اقتصادي. ويمكننا القول في هذا السياق أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر من الدول التي تتصدر تراجع معدلات النمو السكاني في المستقبل، بينما تتمتع المملكة العربية السعودية بمعدل نمو سكاني سنوي مرتفع يبلغ نحو 1.3%». شيخوخة كما يتوجب على الدول مرتفعة النمو السكاني أن تتعامل مع ارتفاع معدل التبعية المالية للشباب العاطلين عن العمل من سكانها، وينطبق هذا الوضع بصفة خاصة على دول مجلس التعاون الخليجي، التي يتفاقم فيها معدل التبعية المالية بسبب ارتفاع أعداد سكانها الشباب، وما يفرضه ذلك من ضغوط على السكان المنتجين في تلك الدول، وتتمثل المشكلة التي سوف يتوجب التعامل معها بحلول عام 2050 في حدوث انفجار في أعداد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وأكثر. ففي الكويت مثلاً، بلغت نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وأكثر 2.6 مرة مقارنة مع المجموعات السكانية التي تتراوح أعمار أفرادها بين 15 و64 سنة، وهي نسبة سوف تقترب من 20 مرة خلال 35 سنة. توطين واستطرد الدكتور بول ويتِّروولد قائلاً: بعد أن استثمرت المملكة السعودية أموالاً طائلة في تطوير تعليم مواطنيها، يتوجب عليها الآن أن توفر فرص العمل التي يطمح إليها خرّيجوها الجامعيون، وأن تعمل بصورة عامة على تخفيف وطأة ظاهرة عدم تطابق مهارات مواطنيها مع فرص العمل المتاحة فيها، وهناك حقيقتان بارزتان تعيقان دينامية سوق العمل السعودي، تتمثل أولاهما في انخفاض معدل مشاركة المرأة في سوق العمل السعودي، والارتفاع الكبير في معدلات بطالة الشباب السعوديين. وتمثل النساء 22% من القوى العاملة في المملكة، ويعانين من البطالة بمعدل 9 مرات أكثر من الرجال، وتعتبر معدلات بطالة الشباب (15 – 24 سنة) التي تبلغ 30.4%، أعلى بخمس مرات من تلك المعدلات السائدة في أوساط الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و64 سنة والتي تبلغ 5.6%». إمكانات نمو ورغم أن جميع الدول تعاني من ظاهرة شيخوخة السكان، إلا أن هذه الظاهرة لا تشكل العامل الوحيد المؤثر في توجهات أسواق الأسهم العالمية، إذ إن وجود إمكانيات نمو أكبر يسير جنباً إلى جنب مع ارتفاع العائد على رأس المال وبغض النظر عن الأدوات الاستثمارية المعتمدة. وإذا تزامنت ظاهرة الشيخوخة السكانية مع تراجع احتمالات النمو الاقتصادي، فمن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى انخفاض عائدات الاستثمار في الأسهم، كما أن الخيارات التي تعتمدها كل مجموعة سكانية في تكوين محافظها الاستثمارية تؤثر أيضاً في تحديد القيم السوقية لتلك الأسهم، وحيث أن الأفراد يدخرون أموالهم بشكل ملحوظ عبر الاستثمار في الأسهم طوال فترة عملهم، فإنهم يميلون إلى شراء الأسهم إلى أن يبلغوا سن التقاعد، ليبيعوها بعد ذلك السن.;
مشاركة :